عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2009-08-22, 04:16 PM
أحمد المسلم أحمد المسلم غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-06-01
المشاركات: 34
أحمد المسلم
افتراضي التوكل على الله

<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p></o:p>
الحمد لله رب ا لعالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . <o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
وبعد ،،، <o:p></o:p>
إنَّ التوكلَ على الله تعالى عبادةٌ عظيمةٌ جليلة القدر من عبادات القلب ومن عبودية القلب ، التوكل على الله جل وعلا في الأمور كلها ، في الأمور الدينية والأمور الدنيوية ، فلا يكون توكل العبد إلا على الله عز وجل ، في أمور دينه ودنياه ، ولهذا قيل: إن التوكل مصاحب للمؤمن في كل أموره، الدينية والدنيوية ، فهو في صلاته وحجه وصيامه وسائر عباداته يصاحبه توكل . <o:p></o:p>
وكذلك في أموره دنياه؛ في بيعه وشراءه وتجارته ومعاملته وذهابه ومجيئه يصاحبه التوكل.<o:p></o:p>
فالتوكل أساس عظيم ، وعبادة جليلة ، وطاعة عظيمة ، هي مع المؤمن الصادق في كل وقت وحين ، وفي كل شؤونه وجميع أحواله في عباداته وطاعاته ومصالحه الدنيوية .<o:p></o:p>
ولهذا جاء في السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في كل مرة يخرج من بيته يقول : <o:p></o:p>
" بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله " ، وقال عليه الصلاة والسلام " من قالها هُديَ وكُفيَ ووُقي " ، ثلاث كلمات ، وكلها كلمات توكل واستعانة ؛ البسملة استعانة ، ولاحول ولا قوة إلا بالله استعانة ، وتوكلت على الله استعانة ، فهي كلها كلمات استعانة وتفويض والتجاء إلى الله تبارك وتعالى . <o:p></o:p>
ومن المعلوم أن الذي يخرج من بيته فهو إما أن يخرج لمصلحة دينية أو مصلحة دنيوية فأصبح التوكل معه في كل شؤونه ، والمؤمن في كل أمر من أموره متوكل على الله تبارك وتعالى لا على غيره . <o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
والتوكل عبادة ، والعبادة حق لله عز وجل ، حق للمعبود وهو الله تبارك وتعالى ، وصرفها لغيره عز وجل شرك ؛ قال تعالى { وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين } ، فتقديم المعمول على العامل يفيد الحصر ؛ أي حصر التوكل على الله لا على غيره ، فيكون معنى الآية وعلى الله فتوكلوا أي لا على غيره بل على الله وحده . <o:p></o:p>
{إن كنتم مؤمنين} : فدل ذلك على أن التوكل لا بد منه في الإيمان ، ولا بد أن يكون المؤمن متوكلاً على الله تبارك وتعالى ، فإن كنتم مؤمنين حقاً وصدقاً فليكن توكلكم على الله وحده ، فأين الإيمان ممن يتوكل على غير الله ؟ أين إيمانه بقدرة الله على كل شيء ؟ أين إيمانه بأن الله على كل شيء قدير ؟! أين إيمانه أن هذا الكون كله تحت تصرفه وقهره وبقبضته ، يدبره كيف يشاء ، يقضي فيه بما يريد ، لا معقب لحكمه ولا راد لقضاءه ؟! <o:p></o:p>
فالتوكل عبادة، والعبادة حق خالص لله تبارك وتعالى، وصرفها لغيره تبارك وتعالى شرك .<o:p></o:p>
ولا يجوز التوكل على غير الله مطلقاً، فمن توكل على غير الله صرف هذه العبادة لغيره جل وعلا. <o:p></o:p>
وقد ذكر أهل العلم أن التوكل على غير الله يأتي على نوعين : <o:p></o:p>
النوع الأول: أن يتوكل على غير الله فيما لا يقدر عليه ذلك الغير ؛ مثل : أن يتوكل أو يفوض أمره إلى المقبورين أو الأموات أو إلى أشجار أو أحجار.. أو نحو ذلك . فهذا شرك أكبر ينتقل به الإنسان من ملة الإسلام . <o:p></o:p>
النوع الثاني : أن يتوكل على غير الله في شيء يقدر عليه الإنسان ؛ بمعنى أن يطلب من أي حاضر شيئاً من مصالحه : أحضر لي كذا أو اجلب لي كذا .. ؛ ثم يعتمد عليه في هذا الأمر ؛ بمعنى أن يكون قلبُه ملتفتٌ إلى جهد هذا الشخص وبذله، فهذا من الشرك الأصغر ؛ لأنه توكل على إنسان لكنه التفت إلى السبب .<o:p></o:p>
وعلى كل حال التوكل عبادة لا يجوز صرفها لغير الله جل وعلا . <o:p></o:p>
ولهذا لا يصلح أن يُقال (كما يقول بعض الناس) لا يصلح أن يُقال : توكلت على الله ثم عليك ؛ فـ " ثُم " ( التي تأتي للتراخي ) لا تفيد هنا ؛ لأن التوكل على غير الله لا يجوز مطلقاً ، ولو جُعل وأُثبت متراخياً بعد التوكل على الله والاعتماد عليه ، فالتوكل على غير الله لا يجوز مطلقاً لأنه عبودية في القلب لا تكون إلا لله ، فلا يعتمد القلب ولا يفوض أموره إلا إلى الله سبحانه وتعالى . <o:p></o:p>
ولك أن ُتوكِّل غيرَك في مصلحة من مصالحك وفي شأن من شؤونك ، وفي عامة كتب الفقه يوجد باب باسم : " باب في الوكالة " ؛ أي توكيل الغير ، توكله في بيع ، ينوب عنك في شراء ، في عقود ، في أمور من هذا القبيل ، لك أن توكله ، لكن لا تعتمد عليه في قلبك ، ولا تتوكل عليه في قلبك ، فقلبك متوكل على الله ، أما هذا الذي وكلته سببٌ ، فلا يُعتمد عليه والاعتماد والتوكل وتفويض الأمر إلى الله . <o:p></o:p>
فالتوكل على الله وحده إيمان، والتوكل على غيره شرك بالله عز وجل ، ولهذا قال{ إن كنتم مؤمنين} . <o:p></o:p>
ثم إن التوكل المشروع المأمور به في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لا بد فيه من أمرين ولا يكون الإنسان متوكلاً إلا بهما : <o:p></o:p>
الأمر الأول : أن يكون قلبه معتمداً على الله وحده ، مفوضاً الأمر إليه وحده ، ملتجئاً إليه وملتفتاً إليه وحده ، طالباً منه التوفيق والعون ، وهو يعلم أن توفيقه وعونه وتسديده بيده تبارك وتعالى لا بيد غيره .<o:p></o:p>
الأمر الثاني : أن يبذل السبب الذي تنال به هذه المصلحة أيــَّن كانت ، دينية أو دنيوية .<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
والناس في هذا الباب انقسموا إلى أقسام ثلاثة طرفين ووسط .<o:p></o:p>
الطرف الأول : عطَّل التوكلَ اعتماداً على السبب ، أي عطَّل التوكل على الله ، عطل الاعتمادَ على الله وثقةَ القلب بالله ، اعتماداً على السبب ، فصار يفعل السبب ملتفتاً إليه، غير معتمد ولا متوكل على الله سبحانه وتعالى . <o:p></o:p>
الطرف الثاني : عكس الطرف الأول ؛ أي عطل السبب معتداً على الله ، فهو لا يفعل الأسباب ولا يبذلها ، ولايحرص على ما ينفعه ، ويقول إنني متوكلٌ على الله عز وجل . <o:p></o:p>
الوسط : هو من جمع بين الأمرين ؛ أي توكل على الله واعتمد عليه وباشر السبب وحرص عليه دون أن يكون قلبُه ملفتاً إليه . <o:p></o:p>
فالأخير هو التوكل الذي دل عليه كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .<o:p></o:p>
ولهذا جاء في القرءان آيات كثيرة ، وفي السنة أحاديث عديدة فيها الجمع بين هذين الأمرين ، والتوكل على الله فيها الجمع بين هذين الأمرين ( فعل السبب والتوكل على الله )، كقوله تعالى : { إياك نعبد وإياك نستعين } ؛ فنعبد : السبب ، نستعين : الاعتماد على الله . <o:p></o:p>
وكذلك قوله تعالى : { فاعبده وتوكل عليه }، والآيات في هذا المعنى عديدة في القرءان الكريم . <o:p></o:p>
وفي السنة يقول صلى الله عليه وسلم " إحرص على ما ينفعك واستعن بالله " ؛ فقوله إحرص على ما ينفعك هذا بذل السبب ، وقوله استعن بالله هو التوكل والاعتماد على الله تبارك وتعالى ، وكذلك قوله في حديث عمر وهو في سنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً " ، أي توكلتم على الله التوكل التام الحق الصادق . فذكر هنا الأمرين ؛ الاعتماد والتوكل على الله ، وفعل السبب ؛ فالاعتماد على الله في قوله "حق توكله" وحق التوكل لا يكون إلا باعتماد القلب على الله مع بذل الأسباب ، ولهذا قال "لرزقكم كما يرزق الطير" فالطير ماذا تصنع؟ هل تبقى في أوكارها تنتظر الطعام يأتي إليها؟ أم أنها تذهب وتبذل السبب ؟ فالحديث فيه بذل الأسباب في قوله لرزقكم كما يرزق الطير .<o:p></o:p>
تغدوا خماصاً : تنطلق في الصباح الباكر من عشها خماصاً أي طاوية البطن ، جائعة . <o:p></o:p>
وتروح بطاناً : ترجع آخر النهار ممتلئة البطن من الطعام . فهي بذلت الأسباب .<o:p></o:p>
ولهذا ليس متوكلاً من يجلس في بيته ويقول إن كتب الله لي رزقاً سيأتيني في بيتي!<o:p></o:p>
ولهذا جاء عن بن عباس رضي الله عنهما أن قول الله تعالى {وتزودا فإن خير الزاد التقوى } ، قال " نزلت في جماعة من أهل اليمن كانوا يحجون ولا يتزودون ويقولون نحن المتوكلون " ، يخرج من بلده للحج بدون طعام ، وبدون زاد وغذاء ، ويقول أنا متوكل على الله ، قال " فإذا وصلوا مكة سألوا الناس " . فنزل قول الله تعالى { وتزودوا فإن خير الزاد التقوى }؛ تزوَّد: أي خذ زادك معك إذا كنت تريد السفر خذ زادك من طعام ، نقود، إلى آخره ، وتوكل على الله فلا تعتمد على نقودك ولا تعتمد على طعامك الذي معك ، وإنما كن متوكلاً على الله سبحانه وتعالى. <o:p></o:p>
الرجل الذي قال للنبي عليه الصلاة والسلام في شأن الناقة ؛ لما وصل المسجد سأل النبي قال : أأعقلها وأتوكل أم أُطلِقُها وأتوكل ؟ قال إعقلها وتوكل . <o:p></o:p>
فقوله إعقلها : فيه بذل السبب ، وقوله وتوكل : أي لا تلتفت إلى هذا السبب ، ولكن كن معتمداً متوكلاً على الله سبحانه وتعالى . <o:p></o:p>
وأنكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه على جماعة كانوا يخرجون بلا زاد ، ويأتون الحج بلا زاد ، ويقولون إنا المتوكلون ، قال هؤلاء المتواكلون ، ويقول عمر رضي الله عنه " المتوكل حقاً من يلقي حـَبَّـه ويتوكل على الله " ، أي تضع البذور ، تسقي الرزع ، تحرثه ، فتبذل السبب ، كما أمر الله تعالى في قوله { فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه } . ولهذا لو أن إنساناً قال :<o:p></o:p>
" إن كتب الله لي علماً ، وأن أكون إماماً من أئمة المسلمين في العلم ، محققاً بارعاً ، يكون ذلك أما بالنسبة لي لن أطلب العلم يوم من الأيام ، ولن أقرأ كتاباً ولن أحضر حلقة علم .. " ؛ فهل يكون مثل هذا عالم ؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح " إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم ومن يتصبر يصبره الله " .<o:p></o:p>
فالعلم لا بد له من بذل أسباب طلبه ، ويسأل الله التوفيق ؛ قال تعالى : { وقل رب زدني علماً } ؛ ولهذا قيل : تمنيتَ أن تمسي فقيهاً مناضراً بغير عناءٍوالجنون فنون<o:p></o:p>
(يعني هذا نوع من الجنون) <o:p></o:p>
وليس اكتساب المال دون مشقة تلقيتها فالعلم كيف يكون <o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
فالعلم لا يكون إلا ببذل السبب ، لا بد من الصبر والاجتهاد والحرص على العلم وعلى تحصيله ويسأل الله التوفيق .<o:p></o:p>
كذلك لو أن إنساناً قال " إن كتب الله لي أولاداً بررةً صالحين .. ، فهذا إن كتبه الله لي يتحقق . أما بالنسبة لي فلن أتزوج إلى أن أموت !! <o:p></o:p>
فهذا عطل السبب الذي جعله الله تبارك وتعالى لنيل الولد . فتعطيل الأسباب يتنافى مع التوكل ، وليس متوكلاً من عطّل الأسباب ، ولا يكون التوكل إلا بفعل الأسباب ، وعرفنا أن الحق في هذا الباب أن تفعل السبب معتمداً على الله لا على السبب نفسه . <o:p></o:p>
وضل في هذا الباب فريقان من الناس : الفريق الأول : فريق عطل الأسباب أي لا يباشر الأسباب ولا يفعلها ، ويقول أنا متوكل على الله سبحانه وتعالى ، فهذا لا يحصل إلا الخيبة والخسران .<o:p></o:p>
القسم الثاني : عطَّل التوكل معتمداً على السبب ، أي متوكلاً على السبب نفسه لا على المسبب وهو الله تبارك وتعالى ، وهذا أيضاً لا يحصل إلا الخيبة<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
ولا ينال الإنسان الخير إلا بالتوكل حقاً كما أُمر في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم . ولهذا قال بعض أهل العلم : الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد ، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل ، والإعراض عن الأسباب بالكلية فساد في الشرع ، والتوكل والرجاء هو من مجموع التوحيد والعقل والشرع ، أما الذي يلتفت إلى الأسباب ويعتمد عليها فهذا مشرك في التوحيد ، والذي يلغي الأسباب (أي يقول لا يوجد أسباب أصلاً) فهذا نقص وفساد في العقل . والذي يعرض عن الأسباب بزعمه أنه متوكلاً على الله تبارك وتعالى فهذا فساد في الشرع لأن الشرع ليس فيه الإعراض عن الأسباب ، فالنبي عليه الصلاة والسلام في حياته كلها كان يباشر الأسباب ، في القتال كان يطابق بين ذرعيه عليه الصلاة والسلام ، فلا يأتي إلى المعركة وليس عليه شيء ، بل يضع الذرع ، لما خرج من مكة استأجر هادياً خريتاً أي بصيراً بالطريق ، فهذا بذل للسبب . <o:p></o:p>
إذا خرج إلى أسفاره أخذ الزاد والراحلة ، ورتب لأموره . <o:p></o:p>
فحياته كلها صلى الله عليه وسلم قائمة على بذل الأسباب دون الاعتماد على السبب ؛ وإنما الاعتماد والتوكل على الله تبارك وتعالى .<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . <o:p></o:p>
رد مع اقتباس