منتدى السنة للحوار العربى
 
جديد المواضيع

 Online quran classes for kids 



العودة   منتدى السنة للحوار العربى > حوارات عامة > موضوعات عامة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2010-12-23, 09:46 PM
السيف الذهبي السيف الذهبي غير متواجد حالياً
عضو نشــيط
 
تاريخ التسجيل: 2010-09-05
المشاركات: 1,261
السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي
افتراضي السلسلة المتجددة لدراسة السنة النبوية العطرة ماهي السنة





بسم الله الذي لا اله إلا اله هو الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد
ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له كفوا أحدا بسم الله الذي عظم شانه وتجلت صفاته وتقدست أسمائه

بسم الله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وحده نعبد و إياه نستعين

الحمد لله رب العالمين والحمد للهم الك يوم الدين والحمد لله أول ما نقول وآخر ما نقول والحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه والحمد لله كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السموات وملء الأرض وملءما بينهما
والحمد لله نشهد ألا اله إلا هو ونشهد أن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ...

اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم ونشهد انه بلغ الرسالة وأدىى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده حتى ذهب للرفيق الأعلى
وترك لنا ما إن تمسكنا به لننضل بعده أبدا كتاب الله وسنته ...

أما بعد فان اصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وان شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وما قل وكفى خير مما كثر و ألهى وان ماتوعدون لآت وما انتم بمعجزين
فأما بعد :إخواني المؤمنين أخواتي المؤمنات اعيننوني صبركم وحلمكم فما أنا إلا بشر مثلكم يخطئ ويصيب ولست أي ما إلا ما خلقنيالله عز وجل وما أرادني ان أكون فكنت .


أبدأ معكم في دراسة السنة النبوية من جميع جهاتها مفصلة ومسهلة ميسرة جدا بإذن الله أســــــــــــأل الله العلي القدير
أن يعـــيننا على عــــليها:



أولا : السنة في اللغة :
هي السيرة ؛ حسنة كانت أم سيئة ، فسنة كل واحد هي ما اعتاده وأكثر منه ، وحافظ عليه ، سواء كان أمرا محمودا أم مذموما .وحاشه حبيبنا صلى الله عليه وسلم من سوء

*** ومن هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ( من سن في الإسلام سنة حسنة ، فله أجرها ، وأجر من عمل بها بعده ، من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ، ووزر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ) ) .

ثانيا : السنة في الاصطلاح :
اختلف أهل العلم في تعريف السنة ، ومرد ذلك الاختلاف إلى اختلاف نظر علماء كل علم من العلوم الشرعية المختلفة إلى السنة ؛ فالمحدث ينظر إلى السنة من جهة يخالف فيها الأصولي والفقيه وغيرهما .
السنة عند المحدثين : هي كل ما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قول ، أو فعل ، أو تقرير ، أو صفة ، سواء أكانت خلقية ، أو خلقية ، أم سيرة ، قبل البعثة كانت أم بعدها .
السنة عند الأصوليين :
أما علماء الأصول فقد نظروا إلى السنة من حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم مشرع للأمة ؛ ولهذا جاء تعريف السنة عندهم بأنها : هي كل ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول ، أو فعل ، أو تقرير مما يصح أن يكون دليلا لحكم من أحكام الشرع .
وقد يطلق لفظ السنة مقابلا للفظ البدعة ، فالبدعة شرعا هي : كل ما استحدثه الناس من قول أو عمل في الدين ، ولم يؤثر عنه صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ) .
وقد تطلق السنة أحيانا على ما عمل به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مأثور ، يشهد لهذا قوله صلى الله عليه وسلم : ( ( عليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء المهديين الراشدين ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ) ) .
ومن أمثلة ذلك تضمين الصناع ، وجمع المصاحف .

الفرق بين الحديث والسنة

*** لا فرق بين الحديث والسنة ، فهما بمعنى واحد ، كما ذهب إلى ذلك الجمهور من العلماء ، وإن كان بعض المحدثي0ن والأصوليين يرى أن لفظ السنة أعم من لفظ الحديث .
فالمحدثون يعرفون السنة بأنها : ما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثة أو بعدها ، في حين يرون أن الحديث إذا أطلق فهو ينصرف في الغالب إلى ما يروى عنه صلى الله عليه وسلم بعد البعثة ، سواء أكان قولا أو فعلا أو تقريرا .
***وعند الأصوليين فإن لفظ الحديث لا يرادف لفظ السنة ، فإذا كان لفظ السنة عندهم يعني : كل ما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير ، مما يصلح أن يكون دليلا لحكم شرعي ، فإن لفظ الحديث لا يعني سوى السنة القولية .

الفرق بين الحديث والخبر والأثر

الحديث : من حيث اللغة
هو الجديد من الأشياء ، والحديث : هو الخبر سواء كان قليلا أو كثيرا .
الخبر : لغة
يعني : النبأ ، وجمعه : أخبار .
ومن هنا فإن الحديث يترادف معناه مع الخبر من حيث اللغة .
ومن حيث الاصطلاح
فإن الحديث يعني : ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة .
أما الخبر اصطلاحا
ففيه ثلاثة أقوال :
الأول : أنه مرادف للحديث .
الثاني : أن الحديث هو ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والخبر ما جاء عن غيره .
الثالث : أن الحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والخبر ما جاء عنه أو عن غيره .
الأثر لغة : هو بقية الشيء .
واصطلاحا :
هو أنه يتحد في المعنى مع الحديث ويرادفه ، وقيل : هو ما أضيف إلى الصحابة والتابعين من أقوال وأفعال .

الفرق بين الحديث والسنة

لا فرق بين الحديث والسنة ، فهما بمعنى واحد ، كما ذهب إلى ذلك الجمهور من العلماء ، وإن كان بعض المحدثين والأصوليين يرى أن لفظ السنة أعم من لفظ الحديث .
فالمحدثون يعرفون السنة بأنها : ما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثة أو بعدها ، في حين يرون أن الحديث إذا أطلق فهو ينصرف في الغالب إلى ما يروى عنه صلى الله عليه وسلم بعد البعثة ، سواء أكان قولا أو فعلا أو تقريرا .
وعند الأصوليين فإن لفظ الحديث لا يرادف لفظ السنة ، فإذا كان لفظ السنة عندهم يعني : كل ما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير ، مما يصلح أن يكون دليلا لحكم شرعي ، فإن لفظ الحديث لا يعني سوى السنة القولية .

الفرق بين الحديث والخبر والأثر

الحديث : من حيث اللغة هو الجديد من الأشياء ، والحديث : هو الخبر سواء كان قليلا أو كثيرا .
الخبر : لغة يعني : النبأ ، وجمعه : أخبار .
ومن هنا فإن الحديث يترادف معناه مع الخبر من حيث اللغة .
ومن حيث الاصطلاح
فإن الحديث يعني : ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة .
أما الخبر اصطلاحا ففيه ثلاثة أقوال :
الأول : أنه مرادف للحديث .
الثاني : أن الحديث هو ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والخبر ما جاء عن غيره .
الثالث : أن الحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والخبر ما جاء عنه أو عن غيره .
الأثر لغة : هو بقية الشيء . واصطلاحا :
هو أنه يتحد في المعنى مع الحديث ويرادفه ، وقيل : هو ما أضيف إلى الصحابة والتابعين من أقوال وأفعال .

__________________
أخوكم في الله
السيف الذهبي

السيف أصدق أنبائا من الكتب..
في حده الحد ما بين الجد واللعب

ليبيابلد الاسلام والسنة..
أرض الأحرار والأبطال..ومقبرة الشهداء..

عذرا يا رسول الله

هم خذولكـــ...ولكننا نحن ناصروكــــــــ
أنصر حبيبنا صلى الله عليه وسلم بنشر سنته و سيرته والتعلم منه
http://www.rasoulallah.net/v2/index.aspx?lang=ar

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2010-12-26, 12:21 PM
السيف الذهبي السيف الذهبي غير متواجد حالياً
عضو نشــيط
 
تاريخ التسجيل: 2010-09-05
المشاركات: 1,261
السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي
افتراضي سلسلة دراسة السنة النبوية العطرة أقسام السنة النبوية



أقسام السنة

من التعريف السابق للسنة يمكننا القول بأن السنة تنقسم بحسب ذاتها إلى :
1 - سنة قولية .
2 - سنة فعلية .
3 - سنة تقريرية

أولا : السنة القولية :
هي أقواله صلى الله عليه وسلم وخطبه في المناسبات والأغراض المختلفة ؛ كقوله صلى الله عليه وسلم : ( ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة يتزوجها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) ) .
وقوله صلى الله عليه وسلم في البحر : ( ( هو الطهور ماؤه الحل ميته ) ) .
وقوله صلى الله عليه وسلم في زكاة الزروع : ( ( فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا : العشر ، وما سقي بالنضح : نصف العشر ) ) .

ثانيا : السنة الفعلية :
هي أفعاله صلى الله عليه وسلم التي نقلها عنه صحابته ؛ كأفعاله في الوضوء ، والصلاة ، والحج ، وما إلى ذلك . . . ، غير أن أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ليست كلها سنة يجب اتباعها والاقتداء بها ؛ ولهذا انقسمت أفعاله صلى الله عليه وسلم إلى ثلاثة أقسام ، على النحو الآتي :

أولا : ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم من أفعال خاصة به
وهذه ليس لغيره من الأمة اتباعها ، وذلك كوصاله الصيام في شهر رمضان ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يصوم اليومين وأكثر من غير أن يأكل بينهما ، وهو في نفس الوقت ينهى أصحابه عن ذلك ؛ لاختلاف حاله صلى الله عليه وسلم عن غيره من الأمة ، وكتزوجه بأكثر من أربع نساء ، وكتهجده بالليل ، حيث كان التهجد بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم يعد فرضا ، كما يدل على ذلك قوله تعالى : } يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا * إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا { ( المزمل 1 : 5 ) .

ثانيا : ما صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم بحكم بشريته
كالأكل والشرب والنوم ، وما إلى ذلك . . . فهذا النوع من الأفعال ، وإن كان لا يعد تشريعا ولا يجب التأسي به ، إلا أنه وجد من الصحابة من كان يقتفي أثره صلى الله عليه وسلم في ذلك ؛ محبة فيه ، وحرصا على اتباعه ، كعبد الله بن عمر - رضي الله عنهما .

كذلك يأخذ حكم هذه الأفعال ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم بناء على خبرته وتجاربه في شئون الحياة ؛ كالنواحي الزراعية ، والتجارية ، والتدابير الحربية ، وما إلى ذلك . . . مما لا يجب فيه الاقتداء شرعا .

ثالثا : ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم وقصد به التشريع والاتباع ، وهو نوعان :
1 - أفعال وردت بيانا لمجمل ما جاء في القرآن الكريم ، فما صدر عنه صلى الله عليه وسلم من أفعال خاصة بالصلاة كانت بيانا لمجمل قوله تعالى : } وأقيموا الصلاة { ( المزمل : 20 ) .
وما صدر عنه من أفعال خاصة بمناسك الحج كانت بيانا لقوله تعالى : } ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا
{ ( آل عمران : 97 ) .
2 - أفعال فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ابتداء ، فعلى الأمة متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيها ، والتأسي به ؛ لقوله تعالى : } لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة { ( الأحزاب : 21 ) ، وهذا إذا علمت صفته الشرعية .
مثال ذلك قول عمر حينما كان يقبل الحجر الأسود في طوافه : إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك .

ثالثا : السنة التقريرية :
وهي أن يصدر من أحد الصحابة قول أو فعل ويعلم به النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينكره ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم بعث لبيان الشريعة ، وإبطال كل ما يخالفها ، فلو أن ما صدر من الصحابي مخالف للشريعة لما سكت عنه صلى الله عليه وسلم ، ولما ارتضاه ، أما وقد سكت عن إنكاره فإن ذلك يعتبر تقريرا منه لهذا الفعل أو القول .

ومن أمثلة السنة التقريرية
ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه : خرج رجلان في سفر وليس معهما ماء ، فحضرت الصلاة فتيمما صعيدا طيبا ، فصليا ، ثم وجدا الماء في الوقت ، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ، ولم يعد الآخر ، ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له ، فقال للذي لم يعد : ( ( أصبت السنة ) ) ، وقال للآخر : ( ( لك الأجر مرتين ) ) .
ومنه إقراره لطريقة معاذ بن جبل في القضاء ، حينما بعثه إلى اليمن قاضيا ؛ إذ قال له : ( ( كيف تصنع إن عرض لك قضاء ؟ ) ) ، قال : أقضي بما في كتاب الله ، قال : ( ( فإن لم يكن في كتاب الله ؟ ) ) ، قال : فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ( ( فإن لم يكن في سنة رسول الله ؟ ) ) قال : أجتهد رأيي لا آلو ، قال : فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدري ، ثم قال : ( ( الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله ) ) .
ومما ينبغي ملاحظته هو أن السنة قولية كانت أو فعلية أو تقريرية في مستوى واحد من حيث حجيتها ووجوب العمل بها .

__________________
أخوكم في الله
السيف الذهبي

السيف أصدق أنبائا من الكتب..
في حده الحد ما بين الجد واللعب

ليبيابلد الاسلام والسنة..
أرض الأحرار والأبطال..ومقبرة الشهداء..

عذرا يا رسول الله

هم خذولكـــ...ولكننا نحن ناصروكــــــــ
أنصر حبيبنا صلى الله عليه وسلم بنشر سنته و سيرته والتعلم منه
http://www.rasoulallah.net/v2/index.aspx?lang=ar

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2010-12-26, 12:32 PM
السيف الذهبي السيف الذهبي غير متواجد حالياً
عضو نشــيط
 
تاريخ التسجيل: 2010-09-05
المشاركات: 1,261
السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي
افتراضي سلسلة دراسة السنة النبوية العطرة منزلة السنة من القرآن



أولا : منزلة السنة من القرآن
من المقرر أن ما جاء في السنة النبوية من الأحكام ، فإننا نجدها قد جاءت إما مفسرة لما جاء فيه ، أو مفصلة لمجمله ، أو مقيدة لمطلقه ، أو مخصصة لعام ما ورد فيه ، أو أنها أتت بأحكام جديدة سكت عنها ، فالسنة في الواقع تعد تطبيقا عمليا لما جاء في القرآن الكريم .

أولا : بيان ما أجمل في القرآن
وذلك كما في العبادات ، ومنها الصلاة المفروضة ، فقد فرض الله تعالى الصلاة على المؤمنين من غير بيان لأوقاتها ، أو أراكانها وعدد ركعاتها ، فبين كل هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاته ، قائلا لهم : ( ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ) .
وفرض الحج من غير بيان مناسكه ، فبين صلى الله عليه وسلم تلك المناسك للمسلمين قائلا لهم : ( ( خذوا عني مناسككم ) ) .
وفرض الله الزكاة من غير بيان مقاديرها وأنصبتها ، فبين صلى الله عليه وسلم كل ذلك .
وكما تأتي السنة مبينة للمجمل ، تأتي مخصصة لعام ما ورد في القرآن الكريم ، من هذا ما ورد في بيان قوله تعالى :( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين { ( النساء : 11 ) ، فهو حكم عام في وراثة الأولاد آباءهم وأمهاتهم ، يثبت في كل أصل مورث ، وكل ولد وارث ، لكن السنة خصصت هذا الحكم حين استثنت الأنبياء من هذا الحكم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ) )، وخصصت الوارث بغير القاتل ، بقوله صلى الله عليه وسلم : ( ( لا يرث القاتل ) ) .
ومثله قوله صلى الله عليه وسلم : ( ( لا تنكح المرأة على عمتها ، ولا على خالتها ، ولا على ابنة أخيها ، ولا على ابنة أختها ، فإنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم ) ) . فإنه مخصص للعموم في قوله تعالى : } وأحل لكم ما وراء ذلكم { ( النساء : 24 ) .
ثانيا : تقيد المطلق في القرآن
والسنة النبوية كما خصصت العام من القرآن الكريم قيدت المطلق منه ، ومن أمثلة التقييد للمطلق ما ورد في قوله تعالى :{ والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } ( المائدة : 38 ) ، ذلك بأن الآية الكريمة لم تحدد موضع قطع اليد ؛ لأن اليد تطلق على الكف والساعد والذراع ، غير أن السنة حددت أن يكون القطع من الرسغ ، وذلك حينما أتي بسارق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقطع يده من مفصل الكف .
تأكيد وتقرير ما ورد في القرآن
قد تأتي السنة مؤكدة ومقررة لما جاء في القرآن الكريم ، ومن ذلك جميع الأحاديث التي تدل على وجوب الصلاة والزكاة والحج والصوم وغيرها من الأحكام .
وكقوله صلى الله عليه وسلم : ( ( اتقوا الله في النساء ، فإنهن عوان عندكم ، أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ) ) . فهو يطابق قوله سبحانه : } وعاشروهن بالمعروف { ( النساء : 19 ) .
ففي مثل هذه الحالات يكون للحكم دليلان : أحدهما مثبت للحكم ، وهو النص الوارد في القرآن الكريم ، والثاني : مؤكد ومقرر له ، وهو النص الوارد في السنة النبوية .
وأخيرا قد تأتي السنة بحكم سكت عنه القرآن الكريم ، وذلك كالحكم بشاهد ويمين المدعي ، وثبوت ميراث الجدة ، ووجوب صدقة الفطر ، وتحريم الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع ، ورجم الزاني المحصن ، واشتراط الشهادة في الزواج ، وحل ميتة البحر ، وتحريم لبس الحرير والتختم بالذهب ، وما إلى ذلك .

ثانيا : أدلة حجية السنة
اتفق العلماء والمجتهدون على أن السنة النبوية الشريفة أصل من أصول التشريع الإسلامي ، يجب الأخذ بها إذا صحت وثبتت نسبتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، مستندين في ذلك إلى الأمور التالية :

الأمر الأول : الإيمان برسالة الإسلام :
إن من مقتضيات الإيمان بهذه الرسالة وجوب قبول كل ما يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الشرع ؛ لقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل } ( النساء : 136 ) ،
ولا شك في أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمين على شرع الله ، فهو لا يبلغ إلا ما يوحى إليه ، وهو أيضا معصوم ، حيث أجمعت الأمة على عصمة الأنبياء ، ومن ثم وجب التأسي به والاحتجاج بسنته .
الأمر الثاني : القرآن الكريم :
حيث وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم تنص على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، منها قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } ( النساء : 59 ) ،
والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه ، والرد إلى الرسول هو الرد إلى سنته .
وكقوله تعالى :{ وأطيعوا الله والرسول واحذروا } ( المائدة : 92 ) ، كما أن الله تعالى بين أن طاعة ( الرسول صلى الله عليه وسلم طاعة ) لله عز وجل في قوله تعالى : { من يطع الرسول فقد أطاع الله }( النساء : 80 ) ، كما أنه سبحانه أمر المسلمين أن يأتمروا بأمر رسول الله ، وينتهوا بنهيه ، في قوله سبحانه : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب } ( الحشر : 7 ) ، وآيات أخرى كثيرة تدل على وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم ، ورد الأمر إليه ، منها قوله تعالى : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون } ( النور : 56 ) ، وقوله جل شأنه : { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } ( النساء : 75 ) ، وقوله سبحانه :{ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا } ( الأحزاب : 86 ) .
هذا بالإضافة إلى الآيات الكريمة التي قرن الله فيها الحكمة مع الكتاب ، كقوله تعالى : { وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما } ( النساء : 113 ) ، فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أن المقصود بالحكمة هو السنة النبوية .
الأمر الثالث : الحديث :
لقد وردت أحاديث كثيرة تدل على وجوب اتباع السنة ومصدريتها ، كقوله صلى الله عليه وسلم : ( ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله وسنتي ) ) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله ) ) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ( عليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ) ) .
الأمر الرابع : الإجماع :
فقد أجمعت الأمة على وجوب العمل بالسنة ، ولهذا فقد قبل المسلمون السنة كما قبلوا القرآن الكريم ، واعتبروها المصدر الثاني للتشريع ؛ استجابة لله عز وجل وتأسيا برسوله صلى الله عليه وسلم .

__________________
أخوكم في الله
السيف الذهبي

السيف أصدق أنبائا من الكتب..
في حده الحد ما بين الجد واللعب

ليبيابلد الاسلام والسنة..
أرض الأحرار والأبطال..ومقبرة الشهداء..

عذرا يا رسول الله

هم خذولكـــ...ولكننا نحن ناصروكــــــــ
أنصر حبيبنا صلى الله عليه وسلم بنشر سنته و سيرته والتعلم منه
http://www.rasoulallah.net/v2/index.aspx?lang=ar

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2010-12-26, 12:54 PM
السيف الذهبي السيف الذهبي غير متواجد حالياً
عضو نشــيط
 
تاريخ التسجيل: 2010-09-05
المشاركات: 1,261
السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي
افتراضي سلسلة دراسة السنة النبوية العطرة تدوين تدوين الحديث بين المنع والجواز




تدوين الحديث بين المنع والجواز

لم يدون الحديث الشريف في عهده صلى الله عليه وسلم كما دون القرآن الكريم ، غير أن هذا الأمر لا يرجع - كما قال بعض الباحثين - إلى ندرة وسائل الكتابة ، وقلة الكتاب ، وسوء كتابتهم في ذلك العهد ، فقد وجد في ذلك الوقت كتاب كثيرون للوحي ، وغيره من الأمور الأخرى التي تحتاج إلى كتاب ، حيث كان للرسول صلى الله عليه وسلم كتاب للوحي بلغ عددهم أربعين كاتبا ، وكتاب للصدقة ، وكتاب للرسائل يكتبون بلغات مختلفة ، وكتاب للمداينات والمعاملات ، بل إن هذا العدد زاد بعد الهجرة ، وبعد أن استقرت أمور الدولة الإسلامية ؛ إذ كانت مساجد المدينة وكتاتيبها إضافة إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مراكز يتعلم فيها المسلمون القراءة والكتابة ، علاوة على تعلم القرآن وتعاليم الدين .

وقد تبرع بعض المسلمين الذين يعرفون الكتابة بتعليم إخوانهم ، وكان من أولئك المعلمين الأوائل سعد بن الربيع الخزرجي أحد النقباء الاثني عشر ، وبشير بن سعد بن ثعلبة ، وأبان بن سعيد بن العاص .
إنه يكفي للرد على من أرجع عدم تدوين السنة في العهد النبوي إلى ندرة وسائل الكتابة ، وقلة الكتاب ، وسوء كتابتهم ، أن المسلمين دونوا القرآن الكريم دونما صعوبة ، فلو أرادوا تدوين الحديث لدونوه دون مشقة ، كما سبق لهم تدوين القرآن الكريم .
إن عدم تدوين الحديث رسميا في بادئ الأمر خضع لظروف معينة ، كان منها :
ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من كراهيته لكتابة شيء غير القرآن ، فقد روى أبو سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ( لا تكتبوا عني ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ) ) .
وروي عن أبي سعيد أيضا أنه قال : استأذنا النبي صلى الله عليه وسلم في الكتابة فلم يأذن لنا .
وفي رواية عنه قال : جهدنا بالنبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن لنا في الكتاب فأبى .
ومع وجود هذه الروايات التي أفادت المنع ، فقد وجدت روايات أخرى تفيد إباحة الكتابة في مناسبات معينة ، ولموضوعات كثيرة .
فقد روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال : كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه فنهتني قريش ، وقالوا : تكتب كل شيء سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا ، فأمسكت عن الكتابة ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بأصبعه إلى فيه ، وقال : ( ( اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق ) ) .
وما روي عن أبي هريرة أنه قال : ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني ، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو ، فإنه كان يكتب ولا أكتب .
وما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كتب كتاب الصدقات والديات والفرائض والسنن لعمرو بن حزم ، وغيره .
وما روي عنه صلى الله عليه وسلم في فتح مكة ، حينما قام يخطب في الناس ، فقام رجل من أهل اليمن يقال له : أبو شاة ، فقال : يا رسول الله اكتبوا لي ، فقال : ( ( اكتبوا له ) ) .
إذا فالنهي عن الكتابة لم يكن نهيا عاما في جميع الأوقات ، وبالنسبة إلى جميع الأشخاص ، وإنما سمح لبعض الأشخاص حين أمن اللبس والاشتباه في الكتابة .
أما بعد ذهاب الخوف من اختلاط القرآن بالسنة ، فقد وجد إذن عام منه صلى الله عليه وسلم ، يدل عليه حديث أبي شاة السابق ذكره ، وهو في أواخر أيامه صلى الله عليه وسلم ، ويدل عليه أيضا ما روي عن ابن عباس ، حينما اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم الوجع ، فقال :
( ( ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا من بعده ) ) . قال عمر : إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع ، وعندنا كتاب الله حسبنا ، فاختلفوا وكثر اللغط ، قال : ( ( قوموا عني ، لا ينبغي عندي التنازع ) ) .
شواهد واقعية على ما دون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم :
كما دون بعض الصحابة أحاديث نبوية بإذن خاص منه صلى الله عليه وسلم دون آخرون منهم بعد إذنه بالكتابة إذنا عاما ، إلا أن كثيرا من هذه المدونات والصحف لم تعرف مضامينها ؛ لأن بعض الصحابة والتابعين كانوا يحرقون ما لديهم من صحف ، أو يغسلونها قبل وفاتهم ؛ مخافة أن تقع في أيدي غير أهل العلم ، كما فعل أبو بكر الصديق ، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت خمسمائة حديث فبات ليلته يتقلب كثيرا ، قالت : فغمني ، فقلت : أتتقلب لشكوى أو لشيء بلغك ؟ فلما أصبح قال : أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك ، فجئته بها ، فدعا بنار فحرقها ، فقلت : لم أحرقتها ؟ قال : خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت ولم يكن كما حدثني فأكون قد نقلت ذاك .
غير أن أكثر هذه الصحف اشتهر وتناقله الناس فكان منها :
الصحيفة الصادقة لعبد الله بن عمرو بن العاص : فقد كان عبد الله بن عمرو كاتبا يحسن الكتابة ، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتابة كما يدل على ذلك قول أبي هريرة : فإنه كان يكتب وأنا لا أكتب ، ولقد ضمن عبد الله صحيفته التي اشتهرت بالصحيفة الصادقة - كما أراد كاتبها أن يسميها - كثيرا من الأحاديث بلغت ألف حديث كما يقول ابن الأثير .
ولا شك في أن لهذه الصحيفة أهمية كبيرة ، لكونها وثيقة تاريخية تثبت إذن الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابة الحديث آنذاك .
صحيفة جابر بن عبد الله الأنصاري : فقد كان لجابر بن عبد الله هو الآخر صحيفة يرى الإمام مسلم أنها في مناسك الحج ، وكان قتادة بن دعامة السدوسي يكبر من قيمة هذه الصحيفة ويقول : لأنا بصحيفة جابر أحفظ مني من سورة البقرة .
وكان عند سعد بن عبادة الأنصاري كتاب فيه طائفة من أحاديثه صلى الله عليه وسلم ، وقد كان ابن هذا الصحابي يروي منها بعض أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم .
وكان عند علي بن أبي طالب صحيفة اشتملت على أسنان الإبل ، والجراحات ، وحرم المدينة .
وكان عند أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب فيه استفتاح الصلاة .
هذا إلى جانب صحف أخرى كثيرة لبعض الصحابة تناولت موضوعات كثيرة .
أضف إلى ذلك مدونات أخرى وكتب أخرى كان أهمها الكتاب الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتدوينه في السنة الأولى للهجرة ، الذي تم فيه النص على حقوق المسلمين من المهاجرين والأنصار وعرب يثرب مع موادعة اليهود في المدينة ، وهو ما نستطيع تسميته بدستور الدولة الإسلامية في ذلك الوقت .
وقد جاء في مقدمة هذه الصحيفة : ( ( هذا كتاب محمد النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المؤمنين والمسلمين من قريش ، وأهل يثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم : إنهم أمة واحدة دون الناس . . . ) ) إلخ .
ومنها كتب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أمراء العرب وإلى ملوك وأمراء الدول المجاورة يدعوهم إلى الإسلام ، وكتبه صلى الله عليه وسلم إلى أمرائه وعماله وقواد جيوشه المتعلقة بشئون أقاليمهم ، وبيان أحكام الدين وتعاليمه ، وقد اشتهر من ذلك كتابه صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزم عامله على اليمن الذي اشتمل على بيان العبادات ، وأنصبة زكاة الإبل والبقر والغنم ، والجزية على غير المسلمين ، هذا مع أصول الإسلام بوجه عام وطريق الدعوة إلى الله تعالى .


__________________
أخوكم في الله
السيف الذهبي

السيف أصدق أنبائا من الكتب..
في حده الحد ما بين الجد واللعب

ليبيابلد الاسلام والسنة..
أرض الأحرار والأبطال..ومقبرة الشهداء..

عذرا يا رسول الله

هم خذولكـــ...ولكننا نحن ناصروكــــــــ
أنصر حبيبنا صلى الله عليه وسلم بنشر سنته و سيرته والتعلم منه
http://www.rasoulallah.net/v2/index.aspx?lang=ar

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2010-12-27, 06:49 PM
السيف الذهبي السيف الذهبي غير متواجد حالياً
عضو نشــيط
 
تاريخ التسجيل: 2010-09-05
المشاركات: 1,261
السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي
افتراضي




مراحل تدوين الحديث الشريف


المرحلة الأولى : تلقي الصحابة للسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

تلقى المسلمون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث النبوي كما تلقوا القرآن الكريم ؛ فقد كان الحديث النبوي مادتهم لمعرفة ما خفي من القرآن الكريم ، مادتهم التطبيقية التي تتعلق بهم في جميع أمور حياتهم ؛ من عقائد ، وعبادات ، ومعاملات ، وآداب .
ولهذا كان الصحابة حريصين عليه ، محبين له ، يتسابقون إلى مجالس رسولهم الكريم ، يدفعهم إلى ذلك إيمانهم القوي ، وحبهم لرسولهم ، وقد كان يعسر على بعضهم حضور تلك المجالس ؛ لانشغالهم بشئون حياتهم الأخرى ، فكانوا يتناوبون مجالسه صلى الله عليه وسلم ، كما كان يفعل ذلك الفاروق عمر رضي الله عنه حين قال : كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد ، وهي من عوالي المدينة ، وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ينزل يوما ، وأنزل يوما ، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره ، وإذا نزل فعل مثل ذلك .
ولقد كان الصحابة يحفظون الحديث ، ويكررونه بينهم وبين أنفسهم ، وكان منهم من يجزئ الليل ثلاثة أثلاث ، فثلث للصلاة ، وثلث للنوم ، وثلث يذكر فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل إنهم كانوا يتذاكرون فيما بينهم ما يسمعون منه صلى الله عليه وسلم حتى يحفظوه .
ولم ينحصر تلقي الصحابة للسنة في حضور مجالسه صلى الله عليه وسلم ؛ وإنما كان التلقي أيضا من خلال تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم في وقائع وحوادث شاهدها صحابته ، فتلقوها عنه صلى الله عليه وسلم ، ونقلوها إلى من بعدهم من التابعين ، وهي تمثل جزءا كبيرا من السنة النبوية ، ولاسيما هديه في العبادات والمعاملات ، وسيرته عامة .
ومن هذه الحوادث ما كان يقع للرسول صلى الله عليه وسلم نفسه فيبين حكمها .
مثال ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يبيع طعاما فسأله : كيف تبيع ؟ فأخبره ، فأوحي إليه : أدخل يدك فيه ، فأدخل يده ، فإذا هو مبلول ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ( ليس منا من غش ) ) .
ومنها ما كان يقع للمسلمين فيسألونه صلى الله عليه وسلم عن حكمها ، ومن هذه الحوادث ما يتناول خصوصيات السائل نفسه ، ومنها ما يتعلق بغيره ، بل إنه صلى الله عليه وسلم قد يسمع أو يرى أحد الصحابة يخطئ فيصحح له خطأه ، وقد يختلف اثنان من الصحابة في مسألة من المسائل فيرجعان إليه ؛ ليفصل بينهما مبينا لهما الحكم الصحيح .

المرحلة الثانية : احتياط الصحابة والتابعين في رواية الحديث ، وتثبتهم في قبوله بعد عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
سبق لنا أن رأينا كيف حرص الصحابة على تلقي السنة والتمسك بها ، واقتدائهم برسولهم الكريم ، وقد سار التابعون سير الصحابة في هذا الاقتداء .
غير أن هؤلاء وأولئك في الوقت نفسه احتاطوا في قبول الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتثبتوا في قبول الأخبار عنه صلى الله عليه وسلم ؛ خشية الوقوع في الخطأ ، وخوفا من أن يتسرب إلى السنة بعض التحريف وهي مصدر التشريع الثاني ، ولهذا اعتدلوا في الرواية ، احتراما للحديث ، لا زهدا فيه ، وكانوا حين يروون الأحاديث يتحرون الدقة عند الأداء ، واشتهر من بين الصحابة من كان ينكر على من يكثر الرواية ؛ كعمر بن الخطاب ، بل إن بعض الصحابة من كانت تأخذه رعدة ، ويقشعر جلده ويتغير لونه حين يروي حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إن الصحابة لم يسلكوا هذا الطريق لأن الحديث لديهم قليل ، بل فعلوا ذلك احتياطا وحرصا على السنة ؛ ذلك لأن كثرة الرواية مظنة الوقوع في الخطأ .
ولقد التزم الصحابة منهاج عمر في التقليل من الرواية مع كثرة تحملهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، فها هو ذا أنس بن مالك يقول : لولا أني أخشى أن أخطئ لحدثتك بأشياء سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان إذا حدث حديثا عن رسول الله ، وفرغ منه قال : أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد روي عنه أنه قال : إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثا كثيرا أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :( ( من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من النار ) ) .
وذكر السائب بن يزيد أنه صحب سعد بن أبي وقاص من المدينة إلى مكة ، قال : فما سمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا حتى رجع .
وروي عن عبد الله بن الزبير أنه قال : قلت للزبير بن العوام : مالي لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أسمع ابن مسعود ، وفلانا ، وفلانا ؟ قال : أما إني لم أفارقه منذ أسلمت ، ولكني سمعت منه كلمة ، يقول : ( ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) ) .
وفي رواية : سمعته يقول : ( ( من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار ) ) .
وروي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال : قلنا لزيد بن أرقم : حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : كبرنا ونسينا ، والحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم شديد .
ومن كل ما سبق يتضح لنا جليا كيف كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتشددون في رواية الحديث ؛ كراهة التحريف أو الوقوع في الخطأ أو رواية ما لم يقله صلى الله عليه وسلم ، وقد نهاهم صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، أضف إلى ذلك أن تشدد الصحابة - وبخاصة في زمن عمر - إلى جانب أنه كان للمحافظة على السنة ؛ خشية الوقوع في الخطأ ، أو تسرب الدس إلى الحديث الشريف من الكذابين وأصحاب الأهواء ، أو حمل الحديث على غير وجه الحق والصواب ، فقد كان أيضا للمحافظة على القرآن الكريم ؛ خشية أن يشتغل الناس برواية الحديث ، ويتركوا القرآن وهو المصدر الأول لهذا الدين .
وإلى جانب ما كان من الصحابة ومن بعدهم من التابعين في الاحتياط في الرواية ، فقد كانوا يتثبتون في قبول الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقبلوا ما يروى لهم إلا إذا اطمأنوا إليه ، وكان لهم في ذلك طرق ومناهج مختلفة ، فمنهم من لا يقبل الحديث إلا إذا شهد اثنان أنهما سمعاه منه صلى الله عليه وسلم كأبي بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب .
ومن الأمثلة على تثبت الصحابة في قبول الحديث :
المثال الأول :
ما رواه ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن الجدة جاءت إلى أبي بكر تلتمس أن تورث ، فقال : ما أجد لك في كتاب الله شيئا ، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر شيئا ، ثم سأل الناس ، فقام المغيرة فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيها السدس ، فقال له : هل معك أحد ، فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك ، فأنفذه لها أبو بكر رضي الله عنه .
المثال الثاني :
ما رواه الإمام البخاري ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى الأشعري كأنه مذعور ، فقال : استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت ، فقال : ما منعك ؟ قلت : استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ( إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع ) ) ، فقال : والله لتقيمن عليه بينة ، أمنكم أحد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال أبي بن كعب : والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم ، فكنت أصغر القوم ، فقمت معه ، فأخبرت عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك ، فقال عمر لأبي موسى : أما إني لم أتهمك ، ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كذلك ومن الصحابة من كان يستحلف الراوي للحديث أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ، كعلي بن أبي طالب ، فقد قال رضي الله عنه : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله بما شاء منه ، وإذا حدثني غيره استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته، وإن أبا بكر ، حدثني ، وصدق أبو بكر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( ( ما من رجل يذنب ذنبا فيتوضأ ، فيحسن الوضوء ، ويصلي ركعتين ، فيستغفر الله عز وجل إلا غفر له ) ) .
هكذا في سبيل الاحتياط للسنة احتاط الصحابة في قبول الحديث ، واختاروا لأنفسهم مناهج يسيرون عليها ، غير أنهم لم يشترطوا لقبول الرواية السير على هذا النهج دائما وأبدا ، فنجد من كانوا يتثبتون باستحلاف الرواة قبلوا أحاديث كثيرة دون استحلاف ، ويدل على ذلك قول علي رضي الله عنه في الرواية السابقة : وإن أبا بكر حدثني ، وصدق أبو بكر ؛ فيدل ذلك على أنه كان يقبل رواية أبي بكر دون استحلاف ، كما أنه رضي الله عنه عمل برواية المقداد بن الأسود في حكم المذي دون استحلافه .
كذلك لم يكن التابعون وأتباعهم أقل اهتماما من الصحابة في الاحتياط عند قبول الرواية ، فكانوا يتثبتون من الراوي ، حتى يستوثقوا منه وتطمئن قلوبهم ؛ لأنهم كانوا يرون الحديث دينا يجب النظر عمن يكون أخذه ، كما أوصاهم بذلك من سبقهم من الصحابة وكبار التابعين ، فقد كان ابن عون مثلا يقول : لا يؤخذ هذا العلم إلا ممن شهد له بالطلب .
وروي عن سليمان بن موسى أنه لقي طاووسا فقال له : إن رجلا حدثني بكيت وكيت ، فقال له : إن كان مليا فخذه منه .
وعلى مثل هذا كان يسير التابعون وتابعوهم .

المرحلة الثالثة : تدوين الحديث في عهد الصحابة والتابعين
على الرغم مما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم من الترخيص بالكتابة وإباحته لبعض الصحابة بتدوين الحديث ، وعلى الرغم مما كتب من كتب وصحف في عهده كانت بناء على إذنه العام في آواخر أيامه ، إلا أن الصحابة بوجه عام نراهم قد أحجموا عن الكتابة في عهد الخلافة الراشدة ؛ احتياطا منهم وحرصا على سلامة القرآن الكريم والسنة النبوية من الاشتباه ، فقد روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت : جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان خمسمائة حديث ، فبات ليلة يتقلب كثيرا . . . فلما أصبح قال : أي بنية ، هلمي الأحاديث التي عندك فجئته بها فدعا بنار فحرقها .
وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكر في جمع السنة ، لكنه عدل عن ذلك فعن عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد أن يكتب السنن ، فاستفتى أصحاب النبي في ذلك ، فأشاروا عليه بأن يكتبها ، فطفق عمر يستخير الله فيها شهرا ، ثم أصبح يوما وقد عزم الله له ، فقال : إني كنت أريد أن أكتب السنن ، وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم ، كتبوا كتبا ، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله ، وإني والله لا أشوب كتاب الله بشيء أبدا وفي رواية ، من طريق مالك بن أنس ، أن عمر قال عندما عدل عن كتابة السنة : لا كتاب مع كتاب الله .
فعمر كان يخشى من إقدامه على كتابة السنة أن ينكب الناس على دراسة غير القرآن ، أو يتخذوا كتابا مع كتاب الله ، غير أننا نرى عمر بعد ذلك ، وحينما يأمن حفظ القرآن يكتب بشيء من السنة إلى عماله وأصحابه
فعن أبي عثمان النهدي قال : كنا مع عتبة بن فرقد ، فكتب إليه عمر بأشياء يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال علي بن أبي طالب خطيبا : أعزم على كل من كان عنده كتاب إلا رجع فمحاه ، فإنما هلك الناس حيث اتبعوا أحاديث علمائهم وتركوا كتاب ربهم .
كما روي عن عبد الله بن مسعود كراهيته لكتابة الحديث ، وكذلك روي عن أبي سعيد الخدري ، وعبد الله بن عمر ، وأبي موسى الأشعري ، وغيرهم .
غير أن إحجام هؤلاء الصحابة عن الكتابة لم يدل على إهمالهم للسنة ومذاكرتها أو تدوينها عند زوال مانع الكراهة ، حيث ثبت بعدها عن كثير من الصحابة الحث على كتابة الحديث ، أو على الأقل استباحة تدوينه بعد أن زالت أسباب الكراهة ، بل إن عمر نفسه الذي هم بجمع السنن ، لم يكن يشك في جواز الكتابة ، وإلا لما هم بفعل شيء منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن إحجام عمر إنما كان لمانع يقتضي التريث في التدوين والجمع ؛ ولذلك رأيناه يكتب بنفسه حين يأمن اللبس ، ويثق بمن يكتب له ، وربما سمع الفاروق بكتابة الحديث بعد أن رأى حفظ الأمة لكتاب الله تعالى ، ورأى جمعه في المصحف الشريف ، ويشهد لقولنا هذا قول عمر رضي الله عنه : قيدوا العلم بالكتاب .
كذلك فإن أبا بكر الصديق كتب إلى أنس بن مالك فرائض الصدقة التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد سبق لنا ذكر خبر صحيفة علي بن أبي طالب التي كانت تحتوي على أسنان الإبل ، وشيء من الجراحات .
ولقد نهج التابعون نهج الصحابة الذين تلقوا عنهم ، فمن الطبيعي أن تتفق آراء من سبقوهم من الصحابة حول حكم التدوين ، فالأسباب التي حملت صحابة رسول الله على كراهة الكتابة ، والعزوف عنها ، في كثير من الأحيان ، هي نفسها التي حملت التابعين عليها ، ومن هنا فقد كره الجميع الكتابة ما دامت أسباب الكراهة قائمة ، أما عند زوالها فالجميع يستبيحونها .
ولقد زادت كراهية التابعين للكتابة حينما اشتهر بينهم تدوين آرائهم الشخصية إلى جانب الحديث ، فخافوا الالتباس ، ومن هنا كرهوا الكتابة ؛ خشية أن تختلط آراؤهم بالحديث الشريف ، فهم إذا كرهوا أن تدون آراؤهم فتؤخذ مأخذ الحديث .
الرحلة في طلب الحديث :
مما لا ريب فيه أن الحديث نشأ نشأته الأولى في المدينة المنورة ، حيث كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقونه منه صلى الله عليه وسلم ويتناقلونه فيما بينهم ، ويلقنونه التابعين بعد ذلك ، وظلت رحاب المدينة المنورة مقدسة عند طالبي الحديث ورواته ، حتى إن أبناء الأقاليم الأخرى كانوا إذا حجوا بيت الله الحرام ، وأتموا شعائرهم ، ولوا وجوههم شطر المدينة يسمعون الحديث من أهلها ، بل إن بعض الأئمة كان لا يرى بأسا في الاعتراف بأنه حج بيت الله ابتغاء سماع الحديث من محدثي الحجاز ، وإذا كان أهل المدينة قد تفردوا برواية أكثر الأحاديث ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان بينهم يسمعهم أقواله ويريهم أفعاله ، يتأسون به في الصغير والكبير ؛ فإن بعض الأقاليم الأخرى بدأت تتفرد هي الأخرى برواية بعض الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم ، ثم تشتهر بعدها على ألسنة رواتها في كثير من الأقاليم والبلدان الأخرى ، ومن هنا كانت الرحلة في طلب الحديث ، حيث لم يكن للرواة أن يقتنعوا بأخذ الحديث من أهل بلدهم ، أو بأخذه من المدينة وحدها .
كذلك فإن الصحابة رضوان الله عليهم بعد عهد عمر توزعوا في الأمصار ، ونقلوا في صدورهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذلك كان لابد لمن أراد أن يجمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم من أن ينتقل من بلد إلى آخر ، ويسمع من الصحابة الذين سمعوا منه صلى الله عليه وسلم ورأوه وأخذوا الأحكام عنه ، ولقد كان هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم يشجعون على الرحلة من أجل الحديث ، وطلب العلم بوجه عام :
من هذا ما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال : لو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله تعالى مني تبلغه الإبل لأتيته .
ومما يروى في حب صحابة رسول الله للارتحال من أجل طلب الحديث والتحقق من صحته ، ما حدث به عطاء بن أبي رباح ، قال : خرج أبو أيوب الأنصاري إلى عقبة بن عامر ، يسأله عن حديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق أحد سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره وغير عقبة ، فلما قدم إلى منزل مسلمة بن مخلد الأنصاري وهو أمير مصر فأخبره فعجل عليه ، فخرج إليه فعانقه ، ثم قال له : ما جاء بك يا أبا أيوب ؟ فقال : حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق أحد سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري وغير عقبة فابعث من يدلني على منزله ، قال : فبعث معه ، فقال : ما جاء بك يا أبا أيوب ؟ فقال : حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يبق أحد سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري وغيرك في ستر المؤمن ، قال عقبة : نعم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من ستر مؤمنا في الدنيا على خزية ، ستره الله يوم القيامة " . فقال له أبو أيوب : صدقت ، ثم انصرف أبو أيوب إلى راحلته فركبها راجعا إلى المدينة .
وكان الصحابي الجليل ، جابر بن عبد الله قد ابتاع بعيرا ، فشد عليه رحله ، وسار شهرا حتى قدم الشام ؛ ليسأل عبد الله بن أنيس عن حديث في القصاص .
وعلى هذا النهج ، وبمثل هذا النشاط في الرحلة في طلب الحديث كان التابعون ، فقد روي عن سعيد بن المسيب قوله : إن كنت لأرحل الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد .
ويروى عن كثير بن قيس أنه قال : كنت جالسا عند أبي الدرداء ، في مسجد دمشق ، فأتاه رجل ، فقال : يا أبا الدرداء أتيتك من المدينة ، مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لحديث بلغني أنك تحدث به عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فما جاء بك ، تجارة ؟ قال : لا . قال : ولا جاء بك غيره ؟ ! قال لا . قال : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ( من سلك طريقا يلتمس فيه علما ، سهل الله له طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم ، وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض ، حتى الحيتان في الماء ، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، وإنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر ) ) .
ويروى عن مسروق أنه كان كثير الترحال ، حتى قال عنه عامر الشعبي : ما علمت أن أحدا من الناس كان أطلب لعلم في أفق من الآفاق من مسروق . كما روي عن الشعبي أنه حدث بحديث ، ثم قال لمن حدثه : أعطيتكه بغير شيء ، وإن كان الراكب ليركب إلى المدينة فيما دونه .
هكذا كان العلماء يشجعون على الرحلة في طلب العلم ، ولقد كانت لهم رحلات كثيرة لا يتسنى لنا ذكرها لكثرتها ، ويكفي أن نذكر في هذا المقام ما كان لهذه الرحلات من فوائد ذات أثر بعيد في التحقق من الرواة ، فبظل الرحلة يرى الراوي من يروي عنه ويقف على كثير من سيرته وأحواله ، وكل ذلك يتم عن طريق سؤال أهل بلده والمخالطين له ، وكانت هذه الأسئلة تتسم بالتشدد ، حتى ليقال لهم : أتريدون أن تزوجوه ؟
كذلك كان من فوائد هذه الرحلات معرفة طرق كثيرة للحديث الواحد ؛ إذ يسمع الراوي من علماء البلد الذي رحل إليه ، ما لم يسمع في بلده من زيادات في الحديث ، أو تعارض في طرق الحديث الواحد ، وما إلى ذلك .
كذلك كان من فوائدها التثبت من الحديث ونشره وجمعه ، فقد ساعدت على المحافظة على السنة وجمعها بلا شك ، فأصبحت السنة في الأقاليم المختلفة أشبه بالسنة في الإقليم الواحد ؛ لتقارب عباراتها شيئا فشيئا حتى خيل إلى سامعها أنها رواية إقليم واحد .
وهكذا تعددت مراكز الحديث ومجالسه ، وشهدت الأقاليم البعيدة ، ما شهدته مكة والمدينة من نشاط علمي على يدي الصحابة ، ثم التابعين ، ومن جاء بعدهم .



المرحلة الرابعة : التدوين الرسمي للحديث
لقد دفعت الخشية من ضياع الحديث وذهاب أهله الخليفة عمر بن عبد العزيز للعمل على تدوين السنة رسميا ، كما أن ظهور الوضع في الحديث بسبب الخلافات السياسية والمذهبية كان عاملا آخر وراء تدوين السنة ، والذي ساعد على ذلك كله هو نشاط التابعين في ذلك الوقت ، وإجازتهم للكتابة بعد زوال الأسباب المانعة منها ، فحرص العلماء على سلامة الحديث من أن يدرس ويذهب بذهاب أهله ، لا يقل عن حرصهم على سلامته من الكذب والاختلاق .
كان هذان العاملان من أهم العوامل التي دفعت العلماء إلى خدمة السنة وكتابتها ، وقد دعا الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى جمعها وتدوينها رسميا ، حيث كتب إلى الآفاق : انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجمعوه . وكتب إلى أهل المدينة : انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبوه ، فإني خفت دروس العلم بذهاب أهله .
وجاء في كتابه إلى عامله على المدينة أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم : اكتب إلي بما ثبت عندك من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبحديث عمرة فإني خشيت دروس العلم وذهابه .
كما أن هذا الخليفة أمر ابن شهاب الزهري وغيره بجمع السنن ، وهو أحد الأعلام الذين كتبوا السنن وما جاء عن الصحابة أثناء طلبهم العلم ، في حين أن بعض علماء عصره كان لا يكتب سوى الحلال والحرام ، ويشهد لهذا قول أبي الزناد : كنا نكتب الحلال والحرام ، وكان ابن شهاب يكتب كل ما يسمع ، فلما احتيج إليه علمت أنه أعلم الناس .
وها هو ابن شهاب يقول : أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن ، فكتبناها دفترا دفترا ، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفترا .
ولم يقتصر جهد عمر بن عبد العزيز في جمع السنن على أمر من أمرهم من العلماء بجمع الحديث ، وإنما أرسل كذلك كتبا إلى الأمصار يحث المسئولين فيها على تشجيع العلماء على دراسة السنة وإحيائها ، كما جعل لأهل العلم نصيبا من بيت المال يسد حاجاتهم الحياتية ؛ كي يتمكنوا من التفرغ للعلم وجمع الحديث ، ثم نشره .
مما سبق نفهم أن التدوين الرسمي للحديث بدأ عند خلافة عمر بن عبد العزيز ، وبطلب منه ، وهذا لا ينفي تقييد الحديث قبل زمن عمر ، فقد كان تقييد الحديث وحفظه في الصحف وعلى الرقاع والعظام منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ؛ إذ لم يكن التقييد على هذه الصورة منقطعا ، كما مر بنا .
__________________
أخوكم في الله
السيف الذهبي

السيف أصدق أنبائا من الكتب..
في حده الحد ما بين الجد واللعب

ليبيابلد الاسلام والسنة..
أرض الأحرار والأبطال..ومقبرة الشهداء..

عذرا يا رسول الله

هم خذولكـــ...ولكننا نحن ناصروكــــــــ
أنصر حبيبنا صلى الله عليه وسلم بنشر سنته و سيرته والتعلم منه
http://www.rasoulallah.net/v2/index.aspx?lang=ar

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 2010-12-29, 02:29 AM
السيف الذهبي السيف الذهبي غير متواجد حالياً
عضو نشــيط
 
تاريخ التسجيل: 2010-09-05
المشاركات: 1,261
السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي السيف الذهبي
افتراضي السنة ينبوع الاسلام الثاني



ينابيع الإسلام :
للدين - وهو الإسلام - ينبوعان عظيمان : كتاب الله عز وجل ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . .
والحديث هنا عن السنة وقضاياها
من قضايا السنة
تعريف السنة :
السنة : عبارة عما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأقوال والأفعال وغيرها مما هو تبيين للقرآن ، وتفصيل للأحكام ، وتعليم للآداب ، وغير ذلك من مصالح المعاش والمعاد .

الصحابة والسنة :
أول من تلقى السنة هم الصحابة الكرام ، فحفظوها وفهموها ، وعلموا جملتها وتفصيلها ، وبلغوها - كما أمروا - إلى من بعدهم .
ثم تلقاها التابعون ، وبلغوها إلى من يليهم . . . وهكذا ، فكان الصحابي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كيت وكيت ، ويقول التابعي : سمعت فلانا الصحابي يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ويقول الذي يليه : سمعت فلانا يقول : سمعت فلانا الصحابي يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهكذا .

الحاجة إلى حفظ السنة :
كل من علم أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الأنبياء ، وأن شريعته خاتمة الشرائع ، وأن الحياة الأبدية في اتباعه يعلم أن الناس أحوج إلى حفظ السنة منهم إلى الطعام والشراب .

وجوب معرفة أحوال الرجال :
قد وقعت الرواية ممن يجب قبول خبره ، وممن يجب رده ، وممن يجب التوقف فيه ، وهيهات أن يعرف ما هو من الحق الذي بلغه خاتم الأنبياء عن ربه عز وجل ، وما هو الباطل الذي يبرأ عنه الله ورسوله ، إلا بمعرفة أحوال الرواة .
وهكذا الوقائع التاريخية ، بل حاجتها إلى معرفة أحوال رواتها أشد ، لغلبة التساهل في نقلها ، على أن معرفة أحوال الرجال هي نفسها من أهم فروع التاريخ ، وإذا كان لا بد من معرفة أحوال الرواة ، فلا بد من بيانها ، بأن يخبر كل من عرف حال راو بحاله ليعلمه الناس ، وقد قامت الأمة بهذا الفرض كما ينبغي .

أول من تكلم بأحوال الرجال :
أول من تكلم في أحوال الرجال القرآن ، ثم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم أصحابه . والآيات كثيرة في الثناء على الصحابة إجمالا ، وذم المنافقين إجمالا ، ووردت آيات في الثناء على أفراد معينين من الصحابة - كما يعلم من كتب الفضائل - وآيات في التنبيه على نفاق أفراد معينين ، وعلى جرح أفراد آخرين ، وأشهر ما جاء في هذا قوله تعالى : إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ( الحجرات 6 ) نزلت في رجل بعينه ، كما هو معروف في موضعه ، وهي مع ذلك قاعدة عامة .

أحاديث الفضائل :
وثبتت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث كثيرة في الثناء على أصحابه جملة ، وعلى أفراد منهم معينين ، معروفة في كتب الفضائل ، وأخبار أخر في ذم بعض الفرق إجمالا ، كالخوارج ، وفي تعيين المنافقين وذم أفراد معينين ، كعيينة بن حصن ، والحكم بن أبي العاص ، وثبتت آثار كثيرة عن الصحابة في الثناء على بعض التابعين ، وآثار في جرح أفراد منهم .
التابعون والجرح والتعديل :
وأما التابعون ، فكلامهم في التعديل كثير ، ولا يروى عنهم من الجرح إلا القليل ، وذلك لقرب العهد بالسراج المنير - عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم ، فلم يكن أحد من المسلمين يجترئ على الكذب على الله ورسوله ، وعامة المضعفين من التابعين إنما ضعفوا للمذهب ، كالخوارج أو لسوء الحفظ أو للجهالة .
****ثم جاء عصر أتباع التابعين وما بعده ، فكثر الضعفاء ، والمغفلون ، والكذابون ، والزنادقة ، فنهض الأئمة لتبيين أحوال الرواة وتزييف ما لا يثبت ، فلم يكن مصر من أمصار المسلمين إلا وفيه جماعة من الأئمة يمتحنون الرواة ، ويختبرون أحوالهم وأحوال رواياتهم ، ويتتبعون حركاتهم وسكناتهم ، ويعلنون للناس حكمهم عليهم .
كتب الرجال :
استمر ذلك إلى القرن العاشر ، فلا تجد في كتب الحديث اسم راو إلا وجدت في كتب الرجال تحقيق حاله ، وهذا مصداق الوعد الإلهي - قيل لابن المبارك : هذه الأحاديث المصنوعة ؟ قال : تعيش لها الجهابذة ، وتلا قول الله سبحانه وتعالى : انا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون .

الرحلة لتحقيق العلم .
و كان نشاط الأئمة في ذلك آية في من الآيات ؛ فمن أمثلة ذلك : قال العراقي في شرح مقدمة ابن الصلاح : روينا عن مؤمل أنه قال : حدثني شيخ بهذا الحديث - يعني حديث فضائل القرآن سورة سورة - فقلت للشيخ : من حدثك ؟ فقال : حدثني رجل بالمدائن وهو حي ، فصرت إليه ، فقلت : من حدثك ؟ فقال : حدثني شيخ بواسط ، وهو حي ؛ فصرت إليه ، فقال : حدثني شيخ بالبصرة ، فصرت إليه ، فقال : حدثني شيخ بعبادان ، فصرت إليه ، فأخذ بيدي ، فأدخلني بيتا ، فإذا فيه قوم من المتصوفة ومعهم شيخ ، فقال : هذا الشيخ حدثني ، فقلت : يا شيخ ، من حدثك ؟ فقال : لم يحدثني أحد ، ولكننا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن ، فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن ، لعل هذا الرجل قطع نحو ثلاثة أشهر مسافرا لتحقيق رواية هذا الحديث الواحد .

طرق اختبار الرواة :
للأئمة في اختبار الرواة طرق منها : النظر في حال الراوي في المحافظة على الطاعات واجتناب المعاصي ، وسؤال أهل المعرفة به .
قال الحسن بن صالح بن يحيى : كنا إذا أردنا أن نكتب عن الرجل سألنا عنه ، حتى يقال : أتريدون أن تزوجوه ؟ .
ومنها أن يحدث أحاديث عن شيخ حي ، فيسأل الشيخ عنها ، مثاله : قول شعبة : قال الحسن بن عمارة : حدثني الحكم ، عن يحيى بن الجزار ، عن علي سبعة أحاديث ، فسألت الحكم عنها ، فقال : ما سمعت منها شيئا .
ومنها أن يحدث عن شيخ قد مات ، فيقال للراوي : متى ولدت ؟ ومتى لقيت هذا الشيخ ؟ وأين لقيته ؟ ثم يقابل بين ما يجيب به وبين ما حفظ من وفاة الشيخ الذي روى عنه ، ومحل إقامته وتواريخ تنقله ، ومثاله : ما جاء عن عفير بن معدان أن عمر بن موسى بن وجيه حدث عن خالد بن معدان ، قال عفير : فقلت له في أي سنه لقيته ؟ قال : سنة ثمان وخمسين ومائة ، في غزاة أرمينية ، قلت اتق الله يا شيخ ، لا تكذب ، مات خالد سنة أربع وخمسين ومائة ، أزيدك أنه لم يغز أرمينية .
ومنها : أن يسمع من الراوي أحاديث عن مشايخ قد ماتوا ، فتعرض هذه الأحاديث على ما رواه الثقات عن أولئك المشايخ ، فينظر : هل انفرد هذا الراوي بشيء أو خالف أو زاد ونقص ؟ فتجدهم يقولون في الجرح : ينفرد عن الثقات بما لا يتابع عليه ، في حديثه مناكير ، يخطئ ويخالف . . . ونحو ذلك .

حفظ أهل الحديث :
ومنها : أن يسمع الراوي عدة أحاديث ، فتحفظ أو تكتب ، ثم يسأل عنها بعد مدة ، وربما كرر السؤال مرارا لينظر : أيغير أو يبدل أو ينقص ؟
دعا بعض الأمراء أبا هريرة ، وسأله أن يحدث - وقد خبأ الأمير كاتبا حيث لا يراه أبو هريرة - فجعل أبو هريرة يحدث والكاتب يكتب ، ثم بعد سنة دعا الأمير أبا هريرة ، ودس رجلا ينظر في تلك الصحيفة ، وسأل أبا هريرة عن تلك الأحاديث ، فجعل يحدث والرجل ينظر في الصحيفة ، فما زاد وما نقص ولا قدم ولا أخر .
وسأل بعض الخلفاء ابن شهاب الزهري أن يملي على بعض ولده ، فدعا بكاتب ، فأملى عليه أربعمائة حديث ، ثم إن الخليفة قال للزهري بعد مدة : إن ذلك الكتاب قد ضاع ، فدعا الكاتب فأملاه عليه ، ثم قابلوا الكتاب الثاني على الكتاب الأول ، فما غادر حرفا .
وكانوا كثيرا ما يبالغون في الاحتياط ، حتى قيل لشعبة : لم تركت حديث فلان ؟ قال : رأيته يركض على برذون ، وقال جرير : رأيت سماك بن حرب يبول واقفا فلم أكتب عنه ، وقيل للحكم بن عتيبة : لم لم ترو عن زاذان ؟ قال : كان كثير الكلام .
مخالطة الأمراء :
وكانوا يطعنون فيمن خالط الأمراء ، أو قبل عطاياهم ، أو عظمهم ، بل ربما بالغوا في ذلك ، كما وقع لمحمد بن بشر الزنبري المصري مع سعة علمه ، كان يملي الحديث على أهل بلده فاتفق أن خرج الملك غازيا ، فخرج الزنبري يشيعه ، فلما انصرف وجلس يوم الجمعة على مجلسه ، قام إليه أصحاب الحديث فنزعوه من موضعه ، وسبوه وهموا به ، ومزقوا رواياتهم ، ثم ذكره ابن يونس في تاريخ مصر فقال : " لم يكن يشبه أهل العلم " .
إنما كانوا يتسامحون فيمن بلغ من الجلالة بحيث يعلم أنه إنما يخالط الأمراء ليأمرهم بالمعروف ، وينهاهم عن المنكر ، ويكفهم عن الباطل ما استطاع ، كالزهري ، ورجاء بن حيوة ، وروى الشافعي ، قال : دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك ، فقال له : يا سليمان ، الذي تولى كبره من هو ؟ يعني في قول الله تعالى والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ( النور : 24 ) - قال : عبد الله بن أبي ، قال كذبت ، هو فلان قال : أمير المؤمنين أعلم بما يقول ، فدخل الزهري ، فقال : يا ابن شهاب ، من الذي تولى كبره ؟ قال : ابن أبي ، قال : كذبت ، هو فلان . فقال الزهري لهشام : أنا أكذب لا أبا لك ؟ والله لو نادى مناد من السماء : إن الله أحل الكذب ما كذبت ، حدثني عروة ، وسعيد ، وعبيد الله وعلقمة ، عن عائشة أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي ، وذكر تمام القصة وفيها خضوع هشام للزهري واسترضاؤه له .
وقد وقعت للزهري قصة تشبه هذه مع الوليد بن عبد الملك ، وفيها : أن الوليد قال له : يا أبا بكر ! من تولى كبره أليس فلانا ؟ قال الزهري : قلت : لا ! فضرب الوليد بقضيبه على السرير : فمن ؟ فمن ؟ حتى ردد ذلك مرارا ، قال الزهري : لكن عبد الله بن أبي ، وفي جواب سليمان لهشام لطيفة ، حيث لم يقل : أمير المؤمنين أعلم ، ويسكت ، بل قال : أعلم بما يقول ، أي : أعلم بقول نفسه ، لا أعلم بحقيقة الحال ، ولكن المقام لم يكن لتغني فيه مثل هذه الإشارة ، فلذلك قيض الله تعالى الزهري ووفقه ، فقال ما قال ، وقوله لهشام - وهو الملك - : لا أبا لك ، جرأة عظيمة .
ورع أهل الحديث :
وكانوا من الورع وعدم المحاباة على جانب عظيم ، حتى قال زيد بن أبي أنيسة : أخي يحيى يكذب .
وسئل جرير بن عبد الحميد عن أخيه أنس ، فقال : قد سمع من هشام بن عروة ، ولكنه يكذب في حديث الناس فلا يكتب عنه .
وروى علي بن المديني عن أبيه ، ثم قال : وفي حديث الشيخ ما فيه .
وقال أبو داود : ابني عبد الله كذاب .
و كان الإمام أبو بكر الصبغي ينهى عن السماع من أخيه محمد بن إسحاق .

حفظ علماء السلف لتراجم الرجال
كان الرجل لا يسمى عالما حتى يكون عارفا بأحوال رجال الحديث .
ففي تدريب الراوي ، قال الرافعي وغيره : إذا أوصي للعلماء لم يدخل الذين يسمعون الحديث ولا علم لهم بطرقه ولا بأسماء الرواة . . . وقال الزركشي : أما الفقهاء ، فاسم المحدث عندهم لا يطلق إلا على من حفظ متن الحديث ، وعلم عدالة رواته وجرحها . . . وقال التاج السبكي : . . . إنما المحدث من عرف الأسانيد والعلل وأسماء الرجال . . . وذكر عن المزي أنه سئل عمن يستحق اسم الحافظ ، فقال : أقل ما يكون أن يكون الرجال الذين يعرفهم ويعرف تراجمهم وأحوالهم وبلدانهم أكثر من الذين لا يعرفهم ليكون الحكم للغالب .
فكان العالم يعرف أحوال من أدركهم ، إما باختباره لأحوالهم بنفسه ، وإما بإخبار الثقات له ، ويعلم أحوال من تقدمه بأخبار الثقات ، أو بإخبار الثقات عن الثقات . . . . وهكذا ويحفظ ذلك كله ، كما يحفظ الحديث بأسانيده ، حتى كان منهم من يحفظ الألوف ، ومنهم من يحفظ عشرات الألوف ومنهم من يحفظ مئات الألوف بأسانيدها ، فكذلك كانوا يحفظون تراجم الرواة بأسانيدها ، فيقول أحدهم أخبرني فلان أنه سمع فلانا قال : قال فلان : لا تكتبوا عن فلان ، فإنه كذاب . . . وهكذا . .
طائفة من مشاهير المكثرين من الجرح والتعديل
1 - شعبة بن الحجاج :
ولد سنة : 83 ، وتوفى سنة : 160 وهو أول من تجرد لذلك وشدد فيه ، جاء عنه أنه قال : سمعت من طلحة بن مصرف حديثا واحدا وكنت كلما مررت به سألته عنه ، فقيل له : لم يا أبا بسطام ؟ قال : أردت أن أنظر إلى حفظه ، فإن غير فيه شيئا تركته . .
2 - سفيان الثوري : 97 - 161
له في ذلك نوادر ، قال في ثور بن يزيد : خذوا عن ثور ، واتقوا قرنيه وكان ثور قدريا ، ويميل إلى النصب ، فهذان قرناه .

3 - الإمام مالك بن أنس : 93 - 179
كان لا يروي إلا عن ثقة .
4 - ابن المبارك : 118 - 181
وكان ربما جعل كلامه في الرجال شعرا ليشتهر فمنه قوله :
أيها الطالب علما ائت حماد بن زيد فاطلبن العلم منه ثم قيده بقيد

لا كثور وكجهم وكعمرو بن عبيد
وفي ترجمة أبي إسحاق الفزاري من : تهذيب التهذيب وغيره : أن هارون الرشيد أخذ زنديقا فأراد قتله ، فقال : أين أنت من ألف حديث وضعتها ؟ فقال له : أين أنت يا عدو الله من أبي إسحاق الفزاري وابن المبارك ينخلانها حرفا حرفا .
5 - يحيى بن سعيد القطان : 120 - 198
من المتشددين .
6 - عبد الرحمن بن مهدي : 133 - 198
من المعتدلين .
7 - محمد بن سعد : صاحب الطبقات : 168 - 230
8 - يحيى بن معين : 158 - 233
وهو أكثر الأئمة كلاما في الجرح والتعديل ، وله كتاب الضعفاء ، وكتاب الكنى ، وجمع تلميذه عباس الجوري من كلامه ( تاريخا ) ، وكذلك فعل غير واحد من تلاميذه .
9 - علي بن المديني : 161 - 234
ومن مؤلفاته كتاب الضعفاء ، والعلل ، والمدلسون ، والأسماء والكنى ، والمسند .
10/35 - أبو خيثمة : 160 - 241
وله كلام في الرجال نقله ابنه أحمد في تاريخه .
11 - الإمام أحمد بن حنبل : 164 - 241
كلامه كثير ، يرويه عنه ابنه عبد الله وغيره من تلامذته ، وله كتاب العلل .
12 - البخاري : 194 - 256
وله من التصانيف : التواريخ الثلاثة ، الكنى المجردة ، الضعفاء .
13 - مسلم : 204 - 261
له : التاريخ ، الطبقات ، الأسماء والكنى ، المفاريد والوحدان .
14 - أحمد بن عبد الله بن صالح العجلى : 182 - 261
وهو أكبر من البخاري ومسلم ولكن تأخرت وفاته ، له كتاب : الثقات .


15 - أبو زرعة الرازي : 200 - 264
وله كلام كثير غالبه في كتاب : الجرح والتعديل لابن أبي حاتم .
16 - أبو داود
صاحب السنن : 202 - 275 سأله عن الرجال تلميذه أبو عبيد ، وجمع من ذلك كتابا .
17 - أبو حاتم الرازي : 195 - 277
له كلام كثير في كتاب : الجرح والتعديل لابنه .
18 - صالح بن محمد جزرة : 205 - 293
له : تاريخ الري وغيره .
19 - النسائي : 215 - 303
له كتاب : الضعفاء وغيره .
20 - زكريا الساجي : تقريبا 220 - 307
له كتاب : العلل وغيره .
21 - أبو بشر الدولابي : 224 - 310
له كتاب : الكنى وغيره .
22 - أبو جعفر العقيلي : ؟ - 322
له كتاب : الضعفاء .
23 - ابن أبي حاتم : 240 - 327
له كتاب : الجرح والتعديل وغيره .
24 - أبو سعيد يونس : 281 - 347
له : تاريخ مصر .
25 - ابن حبان : تقريبا 275 - 354
له كتاب : الثقات ، وكتاب : الضعفاء وغيرهما .
26 - أبو أحمد بن عدي : 277 - 365
له كتاب : الكامل في الضعفاء وغيرهم ممن تكلم فيه .
27 - أبو أحمد الحاكم : 284 - 378
له كتاب : الكنى .
28 - الدارقطني : 306 - 385
له كتاب : العلل وغيره .
29 - ابن شاهين : 298 - 385
له كتاب : الثقات .
30 - أبو عبد الله الحاكم : 321 - 405
له : تاريخ نيسابور وغيره .
31 - حمزة السهمي : تقريبا 340 - 427
قال الذهبي : صنف التصانيف ، وجرح وعدل وصحح وعلل وله : تاريخ جرجان .
32 - ابن حزم الأندلسي : 384 - 456
له كلام كثير في الرجال في كتابه : المحلى وغيره .
33 - الخطيب البغدادي : 392 - 463
له : تاريخ بغداد وغيره .
34 - ابن ماكولا : 422 - 475 وقيل بعدها
له كتاب الإكمال وغيره .
35 - شجاع الذهلي : 430 - 507
سأله السلفي عن المشايخ ، وجمع من ذلك كتابا .
36 - الشنتريني : 443 - 522
له كتاب : رجال مسلم وغيره .
37 - أبو سعد السمعاني : 506 - 562
له كتاب : الأنساب وغيره .
38 - ابن عساكر : 499 - 571
له : تاريخ دمشق وغيره .
39 - ابن بشكوال الأندلسي : 494 - 578
له كتاب : الصلة وغيره .
40 - ابن الجوزي : 510 - 597
له : التاريخ المنتظم ، وكتاب : الضعفاء وغيرهما .
41 - عبد الغني المقدسي : 541 - 600
له كتاب : الكمال .
42 - أبو الحسن بن القطان : لعله قبل570 - 628
له كتاب : الوهم والايهام يتضمن كلاما كثيرا في الرجال .
43 - ابن الدبيثي : 558 - 637
له : تاريخ واسط ، وذيل لتاريخ السمعاني لبغداد وغيرهما .
44 - ابن النجار : 578 - 643
له : ذيل تاريخ بغداد في ستة عشر مجلدا .
45 - الزكي المنذري : 581 - 656
له : معجم في مجلدين ، وغيره .
46 - الدمياطي : 613 - 705
له : المعجم وغيره ، وشهد له المزي أنه أعلم من أدركه من الحفاظ بالرجال .
47 - المزي : 654 - 742
له : تهذيب الكمال ، وغيره .
48 - الذهبي : 673 - 748
له : تاريخ الإسلام ، والميزان ، وتذكرة الحفاظ ، والكاشف ، والمغني ، وتهذيب التهذيب وغيرها .
49 - مغلطاي : 689 - 761
له : إكمال تهذيب الكمال ، وغيره .
50 - العراقي : 725 - 806
له معجم جماعة من رجال القرن الثامن .
51 - ابن حجر : 773 - 852
له : تهذيب التهذيب ، ولسان الميزان ، وتعجيل المنفعة ، والدرر الكامنة ، وغيرها .
52 - السخاوي : 830 - 901
وغيرهم من العلماء الكبار والمشهود لهم
له : الضوء اللامع وغيره .
قال في كتابه : فتح المغيث بعد أن سرد أسماء جماعة من أئمة الجرح والتعديل ، وختم بذكر شيخه ابن حجر - ما لفظه : وطوي البساط بعده إلا لمن شاء الله ، ختم الله لنا بخير .
تدوين العلم وحظ علم الرجال منه
ذكروا أن تدوين العلم في الكتب في العهد الإسلامي شرع فيه حوالي نصف القرن الثاني فألف ابن جريج : 80 - 150 ، وابن أبي عروبة : 156 ، والربيع بن صبيح : 160 .
ويتوهم بعض الناس أنه قبل ذلك لم يكن عند أحد من المسلمين كتاب ما ، يتضمن علما غير كتاب الله عز وجل ! ! وهذا خطأ فقد كان عند جماعة من الصحابة صحائف في كل منها طائفة من الأحاديث النبوية ، منها صحيفة كانت عند أمير المؤمنين علي - عليه السلام - ، ذكرها البخاري وغيره ، وجمع ابن حجر في : فتح الباري قطعا منها .
وكان عند عمرو بن حزم كتاب كتبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أهل اليمن ، فيه أحكام كثيرة .
وكان عند أنس كتاب في أحكام الزكاة كتبه أبو بكر الصديق ، قال في أوله : هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المسلمين .
وفي رواية عند الحاكم وغيره : " كتب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتاب الصدقة ، فلم يخرجها إلى عماله حتى قبض ، فقرنه بسيفه ، فعمل به أبو بكر حتى قبض . . . . " ، وذكر الكتاب .
وكان لسمرة بن جندب كتب فيها ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم يروي عنها الحسن البصري ، وكان لجابر بن عبد الله صحيفة كذلك ، يروي عنها الحسن أيضا ، وطلحة بن نافع .
وكان لعبد الله بن عمرو صحيفة كتبها بإذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، يرويها عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو ، عن أبيه ، عن جدة .
وفي المستدرك : عن الحسن بن عمرو بن أمية الضمري قال : حدثت عن أبي هريرة بحديث ، فأنكره ، فقلت له : إني قد سمعته منك ! قال : إن كنت سمعته مني فإنه مكتوب عندي ، فأخذ بيدي إلى بيته فأراني كتابا من كتبه . . . فذكرت القصة .
استنكره الذهبي ، لما في ( البخاري ) عن أبي هريرة قال : ما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحد أكثر حديثا عنة مني ، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو ، فإنه كان يكتب ولا أكتب .
لكن قال ابن عبد البر : يمكن أنه لم يكن يكتب في العهد النبوي ، ثم كتب بعده .
وأما التابعون فقل عالم منهم لم يكن عنده كتب ، ولكن كانت الأحاديث تتجمع كيفما اتفق ، بلا تأليف ولا ترتيب ، كما في صحيفة همام بن منبه اليماني عن أبي هريرة ، وهي نحو مائه وأربعين حديثا ، تجدها في مسند أحمد : 2/312 - 319 وهي في الصحيحين وغيرهما مفرقة . . .
التدوين

فأما عن التدوين بالترتيب والتأليف : فقد رويت عن زيد بن ثابت الصحابي المشهور رسالة كتبها في أحكام المواريث حوالي سنة 40 للهجرة ، وفي سنن البيهقي قطع كثيرة منها .
وذكر غير واحد أن الحسن بن محمد ابن الحنفية المتوفى سنة : 95ه ، وضع كتابا في بعض العقائد ، ولكن في ترجمته من : تهذيب التهذيب ما يؤخذ منه أنها رسالة صغيرة .
وفي ترجمة الحلاج من تاريخ الخطيب أن للحسن البصري : 21 - 110 كتابا اسمه كتاب : الإخلاص كان يروى ويسمع في القرن الثالث ، وفي فهرست ابن النديم : أن لمكحول الشامي المتوفى : سنة 112 ، أو بعدها كتابين : كتاب السنن ، وكتاب المسائل في الفقه .
فأما ما ذكروه أن أول من دون الحديث ابن شهاب الزهري في سنة مائة - أو نحوها بأمر عمر بن عبد العزيز ، وبعث به عمر إلى كل أرض له عليها سلطان ، فلا أدري أمرتبا كان ذلك الكتاب أم لا ؟ ! . .
المؤلفات في أحوال الرجال
فأما التأليف في أحوال الرجال فإنه تأخر قليلا ، وقد ذكر ابن النديم : أن لليث بن سعد ( 94 - 175 ) تاريخا ، وأن لابن المبارك ( 118 - 181 ) ( تاريخا ) .
وقال الذهبي في ترجمة الوليد بن مسلم الدمشقي ( 119 - 195 ) : " صنف التصانيف والتواريخ " .
ثم ألف ابن معين ، وابن المديني وغيرهما ، واتسع التأليف جدا . ولكن في القرن العاشر ، - وهلم جرا - تقاصرت الهمم وهجر علم الرجال ، فقل من بقي يعتني بقراءة كتب الرجال أو نسخها أو نشرها .
أما التأليف ، فأقل وأقل ، اللهم إلا أن يجمع أحدهم تراجم لبعض المجاذيب والدراويش يملؤها بالخوارق ، أو آخر تراجم بعض الأدباء ، ينتقي من شعرهم ما يستظرفه من الغزل ونحوه ، مما إن لم يضر لم ينفع ! إلا ما شاء الله تعالى ، حتى أيقظ الله الأمة لعلم الحديث وعلم الرجال والفضل في ذلك - بعد الله عز وجل - للهند ، وأعظمه لدائرة المعارف ، كما سيأتي . .
طريقة العلماء في وضع كتب الرجال
أما ترتيب التراجم فمعروف ، وأجوده طريقة التهذيب وفروعه فإنه على ترتيب حروف الهجاء باعتبار اسم الراوي بجميع حروفه ، وكذا باعتبار اسم أبيه وجده فصاعدا . . مثاله : إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جحش ، وبعده إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن عبيد الله . .
وكذلك يرتب باعتبار النسب ، مثاله : إبراهيم بن ميمون الصنعاني ، إبراهيم بن ميمون الكوفي ، إبراهيم بن ميمون النحاس . .
وإفادة الترتيب سهولة الكشف واضحة ، ولكن ثم فائدة أعظم ، وهي التنبيه على ما قد يقع من سقط ، أو زيادة ، أو تصحيف ، أو تحريف . .


مثال السقط :
ما وقع في ( التقريب ) المطبوع بدلهي سنة ( 1320 ) ، ذكر في المحمدين تراجم من اسمه محمد بن إبراهيم ، ثم ذكر بعدها محمد بن كعب الأنصاري ، ثم محمد بن أحمد ! ! وكيف يكون كعب بين إبراهيم وأحمد ؟ ؟ والصواب كما في ( تهذيب التهذيب ) وغيره : محمد بن أبي بن كعب .
مثال الزيادة :
ما وقع في ( الميزان ) المطبوع بمصر ، ذكر في آخر تراجم البكريين : يكر بن يونس ثم بكر بن الأعنق ! ! والصواب : بكر الأعنق كما في ( لسان الميزان ) . . . ومن عادتهم أن من عرف باسمه ولقبه فقط أن يذكروه آخر الأسماء الموافقة لاسمه ، وفي ( الميزان ) بعد بكر هذا بكر بن بشر ! والصواب بكير بن بشر ، كما في ( اللسان ) . .
التصحيف :
وأمثلته في ( الميزان ) كثيرة فمنها : ذكر إبراهيم بن حميد ، ثم إبراهيم بن أبي حنيفة ، ثم إبراهيم بن حبان ! والصواب : ابن حيان كما في ( اللسان ) . . وذكر إبراهيم بن خيثم وبعده إبراهيم بن الخضر ! وخيثم تصحيف ، والصواب : خثيم كما في ( اللسان ) ، بل ليس في الأسماء خيثم ، وإنما خثيم وخيثمة . . وذكر أصبغ بن محمد وبعده أصبغ بن بناتة تصحيف والصواب : نباتة ، كما في ( اللسان ) . . وذكر الحارث بن شريح وبعده الحارث بن سعيد ، وشريخ تصحيف ، والصواب : سريج كما في ( اللسان ) . .
التحريف :
في الميزان كثير أيضا ، فمنه أن فيه ( أسامة بن سعد ) ، وبعده ( أسامة بن يزيد الليثي ) ثم ( أسامة بن سعد ) ، و ( يزيد ) في الأولين تحريف ، والصواب : زيد فيهما ، كما في ( اللسان ) وغيره . . وفيه إسماعيل بن مسلم ، وبعده إسماعيل بن سلمة ، وسلمة تحريف ، والصواب : مسلمة ، كما في ( اللسان ) . .

فهذه الأغلاط الواقعة في ( الميزان ) المطبوع بمصر ينبه عليها ترتيب الأسماء في التراجم كما هو ظاهر ، على أنه ربما أخل الذهبي في ( الميزان ) بالترتيب ، ولكن ( اللسان ) يحول الترجمة المخالفة للترتيب إلى موضعها ، وربما أبقاها حيث وقعت في ( الميزان ) . . .
وضع التراجم
طريقهم في ذلك أن يذكروا أولا اسم الراوي ، ونسبه ، وكنيته ، ولقبه ونسبته إلى قبيلته وبلدته وحرفته ، ونحو ذلك مما يميزه عن غيره ، فإنه كثيرا ما يشترك الرجلان فأكثر في الاسم واسم الأب ، ونحو ذلك ، فيخشى الاشتباه . .
ذكر بن أبي أصيبعة في ( عيون الأنباء ) أن النضر بن الحارث ابن كلدة الثقفي - الذي كان يؤذي النبي صلى الله عليه وآله وسلم - هو ابن الحارث ابن كلدة الثقفي ، طبيب العرب ! ! وتبعه الآلوسي في ( بلوغ الأرب ) فقال النضر بن الحارث الثقفي ! ! وهذا خطأ ، فإن الطبيب هو الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج بن أبي سلمة بن عبد العزي بن غيرة بن عوف بن قسي ، وقسي هو ثقيف . . والنضر هو ابن الحارث ابن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ، وهو قريش ، وقيل : فهر هو قريش .
وذكر الفاضل محمد فريد وجدي في ( كنز العلوم واللغة ) في ترجمة أبي بن كعب الصحابي المشهور أنه ابن كعب الأحبار التابعي المشهور ! ! وكذا ذكر في ترجمة كعب ! ! وهذا خطأ ، فإن أبيا هو ابن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار ، وهو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج ، والخزرج وأخوتهم الأوس هم الأنصار ، وكعب الأحبار هو ابن ماتع الحميري من آل ذي رعين ، أو من ذي الكلاع . .

ووقع في بعض كتب الخطيب البغدادي : ( قرأت على القاضي أبي العلاء الو اسطي عن يوسف بن إبراهيم الجرجاني ، قال : ثنا أبو نعيم بن عدي ) ، فعمد بعض أفاضل العصر ، فكتب بدل ( أبو نعيم ) : ( أبو أحمد ) ! وكتب على الحاشية ما لفظه : ( أبو نعيم أصل ، وليس بشيء ) ! وحاصله أن الصواب : أبو أحمد ، لا أبو نعيم ! ! وهذا خطأ ، أوقعه فيه أنه يعرف أبا أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني الحافظ مؤلف كتاب ( الكامل ) توفى سنة ( 365 ) ، ولا يعرف أبا نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني الاستراباذي الحافظ المتوفى سنة ( 323 ) . .
ولكل من الحافظين ترجمة في ( تذكرة الحفاظ ) ، ( وأنساب السمعاني ) ، ( وطبقات الشافعية ) ، ( ومعجم البلدان ) ، - جرجان - . . ولأبي نعيم ترجمة في ( تاريخ الخطيب ) .
وكذا ترجم الخطيب ليوسف بن إبراهيم المذكور ، فقال : ( قدم بغداد ، وحدث بها عن أبي نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني . . . حدثنا عنه القاضي أبو العلاء الو اسطي . . . )
ثم يذكرون مشايخه والرواة عنه ، ولذلك فوائد كثيرة :
منها : معرفة مقدار طلبه للعلم ونشره له .
ومنها : أنه كثيرا ما يقع في أسانيد كتب الحديث ونحوها ذكر الاسم - مثلا - بدون ما يتميز به ، كأن يقع ( محمد بن الصباح الدولابي عن خالد ، عن خالد عن محمد ، عن أنس ) : وطريق الكشف أن تنظر ترجمة الدولابي : تجد شيوخه خالد بن عبد الله الو اسطي الطحان ، ثم تنظر في ترجمة الطحان : تجد في شيوخه محمد بن سيرين ، ثم تنظر ترجمة ابن سيرين فجد في شيوخه أنس بن مالك . . وإن شئت فابدأ من فوق : فانظر ترجمة أنس بن مالك : تجد في الرواة عنه محمد بن سيرين . . و هكذا .
ومما وقع لنا في هذا : أننا وجدنا في بعض الكتب التي تصحح وتطبع في الدائرة سندا فيه : ( . . يحيى بن روح الحراني ، قال : سألت أبا عبد الرحمن بن بكار بن أبي ميمونة - حراني من الحفاظ - كان مخلد بن يزيد يسأله . . ) فذكر القصة .
وقد كان بعض أفاضل العصر صحح الكتاب ، فكتب على قوله : ( سألت أبا عبد الرحمن بن بكار بن أبي ميمونة ) : ( كذا ) ! ! كأنه خشي أن يكون الصواب : سألت أبا عبد الرحمن بكار بن أبي ميمونة - على ما هو الغالب من صنيعهم ، أن يذكروا اسم الرجل بعد كنيته - فأردنا أن نحقق ذلك ، فلم نجد فيما بين أيدينا من الكتب ترجمة لبكار بن أبي ميمونة ! ولا ليحيى بن روح الحراني ! ولا وجدنا في الكنى أبا عبد الرحمن بن بكار ! فراجعنا بعض مظان القصة ، فإذا فيها ( أبا عبد الرحمن بكار بن أبي ميمونة ) ، لكن لم يقنعنا ذلك ، ثم انتبهنا إلى ما في القصة أن مخلد بن يزيد كان يسأل هذا الرجل ، فقلنا : عسى أن نجد له ذكرا في ترجمة مخلد ، فلما نظرنا فيها وجدنا في الرواة عن مخلد أحمد بن بكار فأسرعنا إلى ترجمته ، فإذا هو ضالتنا ، وهو أبو عبد الرحمن أحمد بن بكار ابن أبي ميمونة . . .
ومنها : دفع شبهة التكرار ، فقد يتوهم في المثال المذكور أن ( عن خالد ) الثانية مزيدة تكرارا . .
ومنها التنبيه على السقط ، كأن يقع في المثال الماضي ( عن خالد مرة واحدة .
وعلى الزيادة كأن يقع فيه : ( عن خالد ) ثلاث مرات . .
وعلى التصحيف والتحريف كأن يقع فيه ( عن خاله ) . .
وعلى التقديم والتأخير كأن يقع فيه ( عن خالد الحذاء ، عن خالد الطحان ) والصواب عكسه . .
ومنها : أن يعرف تاريخ ولادة صاحب الترجمة وتاريخ وفاته تقريبا إذا لم يعرف تحقيقا .
مثاله بكير بن عامر البجلي ، لم يعلم تاريخ ولادته ولا وفاته ولكن روى عن قيس بن أبي حازم ، وروى عنه وكيع وأبو نعيم ، ووفاة قيس سنة 98 ، ومولد وكيع سنة 128 ، ومولد أبي نعيم سنة 130 ، وهؤلاء كلهم كوفيون ، وقد ذكر ابن الصلاح وغيره أن عادة أهل الكوفة أن لا يسمع أحدهم الحديث إلا بعد بلوغه عشرين سنة ، فمقتضى هذا أن يكون عمر بكير يوم مات قيس فوق العشرين ، فيكون مولد بكير سنة 78 أو قبلها ، ويعلم أن سماع وكيع وأبي نعيم من بكير بعد أن بلغا عشرين سنة ، فيكون بكير قد بقي حيا إلى سنة 150 ، فقد عاش فوق سبعين سنة ، وهناك فوائد أخرى . . .
وبذلك يعلم حسن صنيع المزي في : تهذيب الكمال فإنه يحاول أن يذكر في ترجمة الرجل جميع شيوخه وجميع الرواة عنه ، ولنعم ما صنع ، وإن خالفه الحافظ ابن حجر في : تهذيب التهذيب . . ومن لم يهتد على الطريق السابق وقع في الخطأ . .

ثم يذكرون في الترجمة ما يتعلق بتعديل الرجل أو جرحه مفصلا . . وفائدة ذلك واضحة ، وتفصيله يطول .
ولكن أذكر أمرا واحدا ، وهو : أنهم قد يذكرون في ترجمة الرجل ما يعلم منه أنه ثقة في شيء دون آخر ، كأن يكون مدلسا فيحتج بما صرح فيه بالسماع فقط ، أو يكون اختلط بأخرة فيحتج بما حدث به قبل الاختلاط فقط ، أو يكون سيئ الحفظ فيحتج بما حدث به من كتابه فقط أو نحو ذلك ، فربما أخرج البخاري ومسلم أو أحدهما - لبعض هؤلاء من صحيح حديثه ، فيقع الوهم لبعض العلماء أن ذلك الرجل ثقة مطلقا بحجة أنه أخرج له صاحب ( الصحيح ) . .
ثم يذكرون في آخر الترجمة تاريخ ولادة الراوي وتاريخ وفاته . .

ولذلك فوائد كثيرة ذكرها في فتح المغيث ( 490 ) .
ومما وقع لنا مما يتعلق بهذا أنه وقع في بعض الكتب التي تصحح وتطبع في الدائرة سند في ( . . . . أحمد بن محمد بن أبي الموت أبو بكر المكي ، قال : قال لنا أحمد بن زيد بن هارون . . ) وقد كتب عليه بعض الأفاضل ما معناه : ( الصواب : أحمد عن يزيد بن هارون ، وأحمد هو الإمام ابن حنبل ، ويزيد بن هارون الو اسطي الحافظ المشهور ) ! ! وإنما حمله على هذا أنه لم يجد ترجمة لأحمد بن زيد بن هارون ، وهكذا نحن ، فقد جهدنا أن نظفر له بترجمة في الكتب التي بين أيدينا فلم نجد ، ولكننا مع ذلك نعلم أن ما كتبه ذلك الفاضل خطأ ، لأن أحمد توفي سنة 241 ، وابن أبي الموت له ترجمة في ( لسان الميزان ) ، وفيها ما لفظه ( وأرخ ابن الطحان في ( ذيل الغرباء ) وفاته في ربيع الأخر سنة 351 بمصر ، وعاش تسعين سنة ) فعلى هذا يكون مولده سنة 260 ، أي : بعد وفاة الإمام أحمد بن حنبل بنحو عشرين سنة ، فكيف يحمل قوله : ( قال لنا أحمد ) ، على الإمام أحمد بن حنبل ؟ ‍ ! . .

هذا ومن المؤلفات في علم الرحال ما هو خاص الأنساب ، ( كأنساب السمعاني ) ، وهو حقيق بأن يطبع فإن النسخة التي طبعت بالتصوير في أوربا كثيرة التصحيف والتحريف مع تعليق الخط وغير ذلك . . وفائدته عظيمة ، ولا سيما في أنساب الرجال الذين لا توجد تراجمهم في الكتب المطبوعة . . وكثيرا ما يستفاد منه في غير الأنساب . .
ومن غريب ذلك أنه تكرر في ( المستدرك ) ( وسنن البيهقي ) ذكر الحسن بن محمد بن حليم المروزي ! فتارة تأتي هكذا وتارة يقع : ابن حكيم ! وبعد أن كدنا نيأس من تصحيحه قلنا : قد يجوز أن يكون ربما نسب إلى الجد المشتبه فيقال : الحليمي ، أو : الحكيمي ، فراجعنا ( الأنساب ) فإذا به ذكره في ( الحليمي ) باللام وذكر أنه منسوب إلى جده ( حليم ) . .
ومن الكتب ما يكون خاصا بالمشتبه ، والمطبوع منها ( كالمؤتلف والمختلف ) لعبد الغني ، ( والمشتبه ) للذهبي غير واف بالمقصود .
وقد قررت الدائرة طبع كتاب ( الإكمال ) لابن ما كولا ، وهو أهم الكتب في هذا الشأن .
ولابن حجر كتاب ( تبصير المنتبه ) هذب فيه كتاب ( المشتبه ) للذهبي ، وسد ما فيه من الخلل ، وزاد زيادات مهمة وفيه أشياء ليست في ( الإكمال ) ، وفي المكتبة الآصفية نسخة منه جيدة ، وهو حري بأن يطبع ، وقد استفدنا منه كثيرا . .
ومن الغريب في ذلك : أنه تكرر في ( سنن البيهقي ) ذكر أبي محمد أبين الشيخ عبد الله بن محمد بن حيان الأصبهاني ، فيقع تارة ( حيان ) ، وتارة ( حبان ) ! فنظرنا في التبصير فوجدناه عدد ( حبان ) ( وحبان ) وغيرهما مما يقع على هذه الصورة ، إلا ( حيان ) ، فإنه تركه اعتمادا على أن كل ما وقع على هذه الصورة مما لم يذكره فهو ( حيان ) ، كعادته في أمثال ذلك ! ! وهذا وإن كان كافيا لحصول الظن ، ولكن لم نقنع به ، ثم قلنا فيه : يجوز أن يكون ربما نسب إلى جده هذا ؟ فنظرنا في ( مشتبه النسبة ) من ( التبصير ) فإذا هو فيه ( الجياني ) ، ذكره في حرف الجيم مع الجبائي . .
ومن الكتب ما يختص بالكني وهو مهم لمعرفة ضبط الكنية ، فإنها تقع في الكتب مصحفة ومحرفة : أبو سعد وأبو سعيد ، أبو الحسن وأبو الحسين ، أبو عبد الله وأبو عبيد الله .
والعالم محتاج إلى جميع كتب الرجال ، لأته يجد في كل منها ما لا يجده في غيره ، وإن لم يكن عنده إلا بعضها فكثيرا ما يبقى بحسرته ، وكثيرا ما يقع في الخطأ . .
زعم بعض علماء العصر أن الحديث الذي في ( صحيح مسلم ) عن أبي وائل ، عن أمير المؤمنين علي - كرم الله وجهه - في تسوية القبور ضعيف ، لأن أبا وائل هو عبد الله بن بحير بن ريسان القاص قد جرحه العلماء ! ! كأن هذا العالم نظر في فصل الكنى من ( الميزان ) ، وليس فيه أبو وائل إلا واحد ، هو عبد الله بن بحير ، فرجع إلى ترجمته من ( الميزان ) ونقل كلام الأئمة فيه ، ولم ينظر أنه ليس عليه علامة مسلم ! ! والحديث في صحيح مسلم كما علم ، وإنما عليه علامة أبي داود والترمذي وابن ماجه ، ولا نظر أنه لم يذكر لعبد الله بن بحير رواية إلا عن أوساط التابعين ، وأبو وائل الذي في الحديث يرويه عن أمير المؤمنين علي - كرم الله وجهه - ! ولو ظفر هذا العالم ( بالتقريب ) أو ( الخلاصة ) أو ( تهذيب التهذيب ) لوجد في فصل الكنى أبا وائل آخر ، هو شقيق بن سلمة ، تابعي كبير مخضرم ، روى عن الخلفاء الأربعة وغيرهم ، وأخرج له البخاري ومسلم وغيرهما واتفق الأئمة على توثيقه ، ولذلك لم يذكر في الميزان لأن الميزان خاص بمن تكلم فيه . .
وأغرب من هذا ما وقع في ( مجلة المنار ) ، رأيت في بعض أجزائها القديمة ذكر كلام ابن حزم في ترتيب كتب الحديث - أظنه نقله من ( تدريب الراوي ) - ووقع في العبارة : ( وكتاب ابن المنذر ) فكتب في حاشية المجلة : ( ابن المنذر : إبراهيم وعلي ) كأنه نظر فصل الأبناء من ( الخلاصة ) فوجد فيه ذلك ! !
وإبراهيم بن المنذر وعلي بن المنذر لم يذكر لأحدهما كتاب ، وإنما ( ابن المنذر ) في عبارة ابن حزم هو الإمام محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري ، صاحب التصانيف وتوفي سنة 318 ، ولم يذكر في ( الخلاصة ) لأنه لم يرو عنه أحد الأئمة الستة لتأخره ، وهو مترجم في ( تذكرة الحفاظ ) ( والميزان ) ( ولسانه ) ( وطبقات الشافعية ) وغيرها . . .
إحياء كتب الرجال لمن الفضل ؟
قد أسلفت أنه في القرن العاشر من الهجرة - وما بعده - هدر علم الرجال ، حتى أحياه الله عز وجل بواسطة المطابع وأذكر الآن ما طبع من كتبه ليعلم لمن الفضل في ذلك :
الكتب الخاصة بأسماء الصحابة :
1 الإصابة : طبع بالهند سنة 1264 ه ، ثم بمصر سنة 1323ه .

2 أسد الغابة : طبع بمصر سنة 1286ه .
3 تجريد أسماء الصحابة : طبع بدائرة المعارف سنة 1315ه .
4 الاستيعاب : طبع بدائرة المعارف سنة 1318ه ثم بمصر سنة 1323ه وقررت الدائرة طبع كتابين آخرين : كتاب ( أسماء الصحابة ) لابن مندة و ( درة السحابة ) للصاغاني .
الكتب الخاصة بالحفاظ :
1 - طبقات الحفاظ : للسيوطي ، طبع في أوربا سنة 1250ه .
2 - تذكرة الحفاظ : للذهبي ، وطبع بدائرة المعارف سنة 1334ه .
3 - ذيلة : طبع بدمشق سنة 1347ه .
توابع أسماء الرجال :
1 - المشتبه : للذهبي طبع في أوربا سنة 1200ه .
2 - الأسماء والكنى : للدولابي طبع في دائرة المعارف سنة 1322ه .
3 - المؤتلف والمختلف : لعبد الغني ، طبع في الهند سنة 1327ه .
4 - أنساب السمعاني : طبع بالتصوير في أوربا سنة 1330ه .
وقررت دائرة المعارف طبع ( الإكمال ) لابن ماكولا ، وهو أجل الكتب في بابه ولعلها تطبع كتاب ( الأنساب ) ( والتبصير ) لابن حجر . .
أسماء الرجال :
1 - التقريب : طبع بالهند مرات أولها سنة 1271ه .
2 - الخلاصة : طبع بمصر مع فتح الباري على نفقة المرحوم السيد صديق حسن سنة 1301ه .
3 - الميزان : طبع في الهند سنة 1301ه ، ثم بمصر سنة 1325ه .
4 - إسعاف المبكأ في رجال الموطأ : طبع بحيدر آباد دمن سنة 1320ه .
5 - طبقات ابن سعد : طبع في أوربا سنة 1322ه .
6 ، 7 ، 8 - ( الضعفاء الصغير ) للبخاري ، ( والضعفاء ) للنسائي ، ( والمنفردات ، والوحدان ) لمسلم طبعت في حيدر آباد سنة 1323ه ثم طبع الأولان بالهند سنة 1325ه .
9 - الجمع بين رجال الصحيحين : طبع في دائرة المعارف سنة 1323ه .
10 - تعجيل المنفعة : طبع في دائرة المعارف سنة 1324ه .
11 - تهذيب التهذيب : طبع في دائرة المعارف سنة 1325ه .
12 - التاريخ الصغير للبخاري : طبع في الهند سنة 1325ه .
13 - لسان الميزان : طبع في دائرة المعارف سنة 1329ه .
وقررت الدائرة طبع أمهات الكتب في الفن ( التاريخ الكبير ) للبخاري ، ( والجرح والتعديل ) لابن أبي حاتم ، ( والتاريخ الكبير ) لابن أبي خيثمة .
ولعلها تطبع ( التاريخ الأوسط ) للبخاري فإن نسخته موجودة . .
وقد طبعت كتب أخرى يستفاد منها كثير من تراجم الرجال ، ولكن منها ما لم يوضع لذلك بخصوصية ، ومنها ما هو خاص ببلد أو طائفة . .
وقد طبعت دائرة المعارف من هذا الضرب ( مرآة الجنان ) لليافعي ( والجواهر المضيئة في طبقات الحنفية ) ، وقررت طبع تاريخ ( المنتظم ) لابن الجوزي ، ( وطبقات الحنابلة ) لابن رجب ، ولعلها تطبع ( تاريخ جرجان ) . .
كل من له إلمام بالفن يعلم أن ليس في كتب الرجال المطبوعة أجمع ولا أوسع ولا أنفع من ( تهذيب التهذيب ) ( ولسان الميزان ) ويشاركهما ( تعجيل المنفعة ) ، في عظمها وكلها من طبع دائرة المعارف . .
وليس فيما لم يطبع منها أجل من ( التاريخ الكبير ) للبخاري ، ( والجرح والتعديل ) لابن أبي حاتم ، ( والتاريخ الكبير ) لابن أبي خيثمة ، وقد قررت دائرة المعارف طبع هذه الثلاثة . .
ومن تتبع ما أنتجته النهضة العلمية في القرن الرابع عشر بالهند ومصر والشام وغيرها من المعارف والمؤلفات والرسائل وغيرها : علم أن للهند - ولا سيما حيدر آباد دكن - الفضل الأكبر في ذلك بما نشرته من كتب الحديث ، وكتب الرجال ، فإن شأن الهند - وخاصة دائرة المعارف - في الحديث لا يقل عن شأنها في الرجال ، وحسبك أن من مطبوعات دائرة المعارف ( كنز العمال ) ، ( ومسند الطيالسي ) ، ( والمستدرك ) ، ( والسنن الكبرى ) للبيهقي وغيرها . .
وقد قررت طبع ( مسند الإمام إسحاق بن راهويه ) ، ( ومسند أبي عوانة ) .
كما طبعت في علم مصطلح الحديث أهم المؤلفات فيه : ( علوم الحديث ) للحاكم وكتاب ( الكفاية للخطيب البغدادي ) .
وقد أخذت الدائرة بنصيب من سائر العلوم ، كاللغة والنحو والفلسفة والرياضيات والتاريخ ، ولكن إذا كان في طبع مؤلفات أسلافنا في هذه العلوم ونحوها حفظ ونشر لأعمال نوابغ الإسلام ، ففي طبع كتب الحديث والرجال - فوق ذلك - حفظ ونشر الإسلام نفسه . . .
على أن حاجة التاريخ إلى معرفة أحوال ناقلي الوقائع التاريخية أشد من حاجة الحديث إلى ذلك فإن الكذب والتساهل في التاريخ أكثر ، بل إن معرفة أحوال الرجال هي من أهم أنواع التاريخ ، والعلوم الدينية والتاريخية أولى العلوم بالحفظ ، لأنه إذا ضاع منها شيء لم يمكن تداركه بعد ختم النبوة .
أما العلوم الأخرى فليست كذلك ؛ لأنها نتيجة العقول والتجارب ، فإذا ضاع منها شيء يمكن استنتاجه ثانيا ، وهكذا . .
ولن تزال دائرة المعارف - إن شاء الله تعالى - مجدة في سعيها ، مستمرة في عملها ، معتمدة على فضل الله تبارك وتعالى وحسن توفيقه ، ثم على عناية صاحب الجلالة السلطان - سلطان العلوم - السلطان مير عثمان علي خان بهادر - حفظه الله كشأنه دائما في العناية بالدائرة وبغيرها من معاهد العلم التي عمرت بها البلاد وحييت بها العباد . .

طوبى لدكن ما حوت 14 ه من معاهد المعارف
فيها رياض العلم تتح 14 ف باللطائف كل طائف
أثمارها متدليا ت طوع كفي كل قاطف
وحياضها بالعذب تر وي كل مرتشف وغارف
فيها الجوامع والمدا رس والمطابع والمتاحف
ومن الجوامع أمها ال كبرى تحير كل واصف
بجربه التقت العلو م من السوالف والخوالف
وترى بها دارا لتر جمة التآليف والطرائف
وبها كما علمت رجا ل العلم دائرة المعارف
نشرت علوما ما لها من معدن إلا الصحائف
هذا رشاش من فواضل ذي الفضائل والعوارف


عثمان من عمت موا هبه الموافق والمخالف

يرعى المخالف من رعي ته كما يرعى المؤالف
مغرى بما فيه السعادة والعلى لا بالزخارف
فليحي سلطان العلو م وإنها معنا هواتف
تمت بحمد الله .



__________________
أخوكم في الله
السيف الذهبي

السيف أصدق أنبائا من الكتب..
في حده الحد ما بين الجد واللعب

ليبيابلد الاسلام والسنة..
أرض الأحرار والأبطال..ومقبرة الشهداء..

عذرا يا رسول الله

هم خذولكـــ...ولكننا نحن ناصروكــــــــ
أنصر حبيبنا صلى الله عليه وسلم بنشر سنته و سيرته والتعلم منه
http://www.rasoulallah.net/v2/index.aspx?lang=ar

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 استئجار سيارة مع سائق في اسطنبول   تذاكر ارض الاساطير   رحلات سياحية في اسطنبول   رحلة سبانجا ومعشوقية   رحلة بورصة 
 شدات ببجي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   مجوهرات يلا لودو   شحن يلا لودو   ايتونز امريكي   بطاقات ايتونز امريكي   شدات ببجي تمارا   شدات ببجي اقساط 
 شركة تنظيف بخميس مشيط   yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   بث مباشر مباريات اليوم   Koora live   برنامج محاماة   معلم دهانات   تشليح   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج   تصليح غسالات اتوماتيك   شركة مكافحة حشرات   شركة عزل خزانات بجدة   يلا شوت   اهم مباريات اليوم   يلا شوت   اشتراك شاهد رياضه   ايجار سيارات مع سائق في ماربيا   شركة تنظيف منازل بالرياض   شراء اثاث مستعمل   شركة تنظيف منازل بالرياض   نقل عفش الكويت   زيوت امزويل AMSOIL   زيادة متابعين تيك توك حقيقيين   ربح المال من الانترنت   دكتور جراحة مخ وأعصاب في القاهرة   يلا شوت   يلا شوت   يلا لايف   yalla shoot   شركة تنظيف في رأس الخيمة   شركة تنظيف في دبي 24 ساعة 
 شركة تنظيف مكيفات بجدة   عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   برنامج ادارة مطاعم فى السعودية   افضل برنامج كاشير سحابي   الفاتورة الإلكترونية فى السعودية   المنيو الالكترونى للمطاعم والكافيهات   افضل برنامج كاشير فى السعودية 

 الحلوى العمانية   Yalla shoot   اشتراك كاسبر الرسمي   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض   شركة حور كلين للتنظيف   شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض 
 تركيب مظلات حدائق   تركيب ساندوتش بانل   jeddah certified translation 

 شركة تنظيف خزانات بجدة   شركة مكافحة حشرات بجدة 

 مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر 

 سباك شرق الرياض   شقق فندقية 

 شركة تنظيف مكيفات في الرياض   متجر نقتدي من المدينة المنورة   شركة تسليك مجاري  شركة صيانة افران بالرياض

 محامي السعودية   محامي في عمان الاردن 
 موقع الشعاع   بيت المعلومات   موقع فكرة   موقع شامل العرب   صقور الخليج   إنتظر 

 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة عزل اسطح بجدة   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 
معلوماتي || فور شباب ||| الحوار العربي ||| منتديات شباب الأمة ||| الأذكار ||| دليل السياح ||| تقنية تك ||| بروفيشنال برامج ||| موقع حياتها ||| طريق النجاح ||| شبكة زاد المتقين الإسلامية ||| موقع . كوم ||| شو ون شو

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية
Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd
الساعة الآن »02:20 AM.
راسل الإدارة -الحوار العربي - الأرشيف - الأعلى