منتدى السنة للحوار العربى
 
جديد المواضيع

 Online quran classes for kids 



العودة   منتدى السنة للحوار العربى > حوارات عامة > موضوعات عامة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2013-11-05, 11:44 PM
دكتور كمال مختار حميدة دكتور كمال مختار حميدة غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2014-11-13
المشاركات: 19
دكتور كمال مختار حميدة
افتراضي الإخلاص

الإخلاص
بسم الله الرحمن الرحيم نستهل أول الدروس بعد الدرس السابق المتعلق بمقدمة عن الأخلاق والآداب بالموضوع الأول في الآداب وهو الإخلاص ولا شك أننا نبتدئ بالإخلاص لأهميته، مما ينبغي أنه يتأكد على كل طالب علم أن يحرص كل الحرص على إخلاص نيته لله - عز وجل- وإذا كان العلماء يبدؤون كتبهم بالحديث عن الإخلاص ويصدرون مصنفاتهم بحديث (إنما الأعمال بالنيات) لبيان أهمية الإخلاص والتأكيد على فضله ولذا كان الإمام سفيان الثوري -رحمه الله تعالى- يقول: «ما عالجت شيئاً أشد على من نيتي إنها تتقلب علي» ولذا عظم أمر الإخلاص لأن النية- كما نعلم- تتقلب على الإنسان، والإنسان -لا شك- أنه يريد بعمله وجه الله - عز وجل- لكن أحياناً النفس الأمارة تسول له أنه يريد بعمله الدنيا أو يريد الجاه أو الذكر أو المنصب أو المال ونحو ذلك فلذا استحب العلماء وأكدوا على أهمية الإخلاص وأن يبدأ به الكلام وأن تستفتح به المجالس والدروس.
فنستعين بالله - عز وجل- ونبدأ في مستهل هذا الدرس في الحديث عن الإخلاص.
الإخلاص في اللغة مشتق من خَلَص، بفتح الخاء واللام يخلص خلوصاً خلص يخلص خلوصاً وإخلاصاً، وهو في اللغة بمعنى صفا وزال عنه شوبه إذا كان في الماء أو اللبن أو أي شيء فيه شوب يعني تغير لونه بشيء يشيبه أي يغيره فقمت وصفيتَه أخرجت هذه الشوائب التي لوثته فيقال: إنك أخلصته يعني صفيته ونقيته استعير هذا المعنى اللغوي للمعنى الاصطلاحي للإخلاص بجامع أن الإخلاص يكون بتنقية الأعمال من الرياء ومن الشرك ونحو ذلك فلذلك العلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي واضحة جداً وهي تنقية الأعمال والحرص على إخلاص النية لله - عز وجل-
الإخلاص اختلفت عبارات العلماء في تعريفه شرعاً، ومن أحسن من استوعب هذه التعريفات وبسطها الإمام ابن القيم في مدارج السالكين وذكر عدة تعريفات من أشهرها قال -رحمه الله تعالى- «قيل الإخلاص: هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة» أي إفراد الله - عز وجل- بأن نقصده في طاعتنا وعبادتنا وقيل تعريف ثان ذكره ابن القيم: هو تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين، أن الإنسان يصفي أعماله عن نظر الناس إليه ما يهمك نظر الناس إليك رأوك أم لم يروك إنما أنت تعبد الله - عز وجل- وتراقب الله- سبحانه- أما نظر المخلوقين فلا تلتفت إلى ثناء الناس عليك أو نظرهم إليك وذكر تعريفاً ثالثاً للإخلاص: وهو استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن، أي أن العبد يخلص نيته لله - عز وجل- في باطنه وقت ذلك في الظاهر أن يكون همه وقصده ابتغاء وجه الله - عز وجل-
وضد الإخلاص طبعاً الرياء حينما يكون ظاهره غير باطنه الرياء: يكون الظاهر فيه غير الباطن يكون الإنسان في باطنه يريد أن يطلع الناس على هذا العمل، لكن في الظاهر يبالغ في التخشع مثلاً في الصلاة، يبالغ في إظهار الصدقة، يبالغ في الشجاعة، في الكرم، في طلب العلم، لكن نسأل الله العافية نيته ليست نية خالصة لله - عز وجل- وهذا هو الرياء وسيأتي لهذا مزيد. فيتضح من هذا أن الإخلاص تعريفه الدقيق: أن يقصد المسلم بأقواله وأفعاله وجه الله تعالى فيرجو الثواب ويخشى العقاب ويحذر الرياء والسمعة بين الناس.
أوضح هذا فأقول الإخلاص أن يقصد المسلم بأقواله وأفعاله وجه الله - عز وجل- أن يكون همه وقصده وجه الله تعالى وهذا مصداق لقول الله تعالى﴿ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ﴾ [الليل: 20] فيكون قصده ابتغاء وجه الله -سبحانه وتعالى- وأن ينال رضا الله - عز وجل- وأن يحظى بالثواب من الله - عز وجل- بصرف النظر عن المخلوقين فلا يهمه ثناء الناس عليه بل يهمه ثناء الخالق -جل وعلا- وهذا يدل على أن الإنسان يعلم أن الله - عز وجل- مطلع عليه والمسلم يعلم يقيناً أن الله - عز وجل- ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ [غافر: 19]، فينبغي عليه أن يصلح ما بينه وبين الله وأن ينقي سريرته وعلانيته ويجعلهما كلهما خالصتين لله - عز وجل-
هذا ذكر بعض مما تيسر في تعريف الإخلاص وتعدد آراء العلماء وتعريفاتهم فيه ولعلي أكتفي بهذا وننتقل إلى المحور الآخر.
{تعريف الأدلة على الإخلاص من القرآن}
الإخلاص ورد في القرآن الكريم كثيراً ومما يدل على عظمه وأهميته أن الله - عز وجل- ذكره في القرآن الكريم في ثلاثة وعشرين موضعاً هناك ثلاثة وعشرين موضعاً تكلم الله فيها عن الإخلاص، وهذا يدل على فضل الإخلاص وأهميته وهذه التي ورد فيها ذكر الإخلاص بتصريفاته أخلص ويخلص ويخلصون، المخلصين وورد الإخلاص في كتاب الله - عز وجل- في عدة نواحٍ:
أولاً: تكلم الله عن الإخلاص وأهميته في مجال التوحيد والعقيدة وهذا أهم شيء أن يعبد المسلم ربه على وفق مذهب أهل السنة والجماعة وأن يحقق التوحيد الخالص لله - عز وجل- بالعقيدة الصحيحة فقال الله - عز وجل- ﴿ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ [الزمر: 3] الدين الخالص المخلص لله - عز وجل- ليس له شريك ولا نظير سبحانه، ألا للدين الخالص لله - عز وجل-
أيضاً أمر الله بالإخلاص في جميع العبادات فقال الله تعالى ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5] وقال - عز وجل- ﴿ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي﴾ [الزمر: 4] فأمر الله - عز وجل- نبيه أن يعبده مخلصاً له الدين وهذا يدل على الشرائع النبوية التي أمر الله بها نبيه محمداً -صلى الله عليه وسلم- .
أيضاً أمر الله بالإخلاص في كتابه عند الدعاء فقال - عز وجل- ﴿ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [غافر: 14] فادعوا الله مخلصين: حالة كونكم مخلصين لله - عز وجل- بل إن الله - عز وجل- جعل الإخلاص سبباً في دخول الجنة فقال الله - عز وجل- ﴿ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ﴾[الصافات: 40] ما جزاؤهم؟ ما ثوابهم؟ قال - عز وجل- ﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ ﴿41﴾فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ﴿42﴾ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴿43﴾﴾ [الصافات: 40، 43] فجعل الله - عز وجل- ثواب المخلصين دخول جنات النعيم. أعيد الآية ﴿ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ﴿40﴾أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ ﴿41﴾فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ﴿42﴾ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴿43﴾﴾ أيضاً ذكر الله الإخلاص وجعله منجاةً من الشيطان وغوايته فإن الشيطان لا شك أنه يغوي بعض عباد الله لكن من كان مخلصاً لله - عز وجل- لا يستطيع عليه الشيطان، مصداق ذلك في قول الله تعالى: ﴿ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿39﴾إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ ﴿40﴾﴾ [الحجر: 39] من كان عبداً مخلصاً لله -سبحانه وتعالى- لا يستطيع الشيطان على إغوائه لأن الله - عز وجل- يحفظه بحفظه وإنه في حصن حصين من الشيطان الرجيم أيضاً يقول الله - عز وجل- على لسان إبليس: ﴿ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ (83)﴾ [ص: 83،82] ولذا تحقق- أيها الإخوة- الإخلاص للأنبياء وأثنى الله على هؤلاء الأنبياء ووصفهم بالإخلاص فقال الله - عز وجل- عن يوسف -عليه السلام- ﴿ َ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ [يوسف: 24] وأثنى الله - عز وجل- على موسى-عليه السلام- فقال - عز وجل- ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً﴾[مريم: 51] أختم كلامي عن الإخلاص من كتاب الله - عز وجل- أن هناك سورة قرآنية سميت سورة الإخلاص وهي من أعظم سور القرآن، وهي ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)﴾ [الإخلاص: 4:1]، تسمى سورة الإخلاص وتسمى سورة الصمد وتعدل ثلث القرآن وهذه السورة من السور العظيمة وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يوصي بها ويقرأ بها عند النوم وينفث بها في يديه مع المعوذتين وكان أحد الصحابة يقرأ بها في كل صلاة قال:( إني أحبها فيها صفة الرحمن فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-إن الله يحبك) لأنه أحب الله فأحبه الله ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31]، لماذا سميت هذه السورة سورة الإخلاص؟ قال الإمام ابن الأثير: لأنها خالصة في صفة الله تعالى أو لأن من قرأها فقد أخلص التوحيد لله - عز وجل- ولذا عظم ثواب من قرأها فمن قرأ سورة الإخلاص أو سورة[ قل هو الله أحد] فكأنه قرأ ثلث القرآن.
أيضاً ذكر بعض أهل العلم أن سورة الكافرون ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ (1) لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2)﴾ تسمى سورة الإخلاص ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الرسالة التدمرية.
هذه إلماحة عجلى عن بعض الآيات القرآنية التي وردت في الإخلاص والمجال لا شك أنه يستحق أكثر ولو خصصنا الكلام لآيات الإخلاص لوحدها لتطلب ذلك جلسات عديدة ومحاضرات كثيرة، لكن نكتفي بهذا- نسأل الله للجميع التوفيق.
{إذن أخذنا التعريف للإخلاص لغة وشرعاً وأيضاً الأدلة على الإخلاص من القرآن، تشتاق نفسنا يا شيخ إلى سماع أدلة الإخلاص من السنة}.
وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث كثيرة في فضل الإخلاص وقد جمعها الإمام ابن أبي الدنيا في كتاب اسمه: الإخلاص وذكر بعض الباحثين أنها تصل إلى اثنين وأربعين حديثاً التي ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها الإخلاص لفظاً ولو استعرضنا الأحاديث التي فيها لفظ الإخلاص ومعنى الإخلاص لزاد العدد كثيراً، لكن نقتصر على ما ورد فيه الإخلاص لفظاً، أشهر حديث ورد في الإخلاص وصدر به أهل العلم كتبهم لا شك أنه حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) فهذا الحديث مشهور معروف عند الجميع وصدر به أهل العلم كتبهم مما يدل على أهميته وفضله وبدأ أهل العلم بهذا الحديث لبيان أهمية الإخلاص والتأكيد على طلاب العلم ومن يقرؤون تلك الكتب على أن يكونوا مخلصين لله تعالى.
ومن أوائل من صدر هذا الحديث في كتابه الإمام البخاري في صحيحه فإنكم تعلمون أن الإمام البخاري ألف كتابه الجامع الصحيح وجعله خاصاً بالأحاديث الصحيحة المسندة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- واستهل أول كتابه في صحيحه بكتاب: بدء الوحي يعني صفة نزول الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- ومع ذلك أول حديث بدء به حديث (إنما الأعمال بالنيات) حديث عمر مع أن حديث عمر بالتأمل ليس له صلة مباشرة بالوحي وإن كان الحافظ ابن حجر وغيره حاول أن يجتهد بإيجاد نوع من العلاقة في أهمية النية في الوحي ونحو ذلك لكن حقيقة قال العلماء: إن البخاري قصد من ذلك أن يكون حديث النيات هو خطبة الكتاب لأن البخاري لم يجعل لصحيحه مقدمة، ليس لصحيح البخاري مقدمة لو تفتح صحيح البخاري أول ما تجده في الكتاب كتاب بدء الوحي نزول الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأول حديث حديث (إنما الأعمال بالنيات) فليس لصحيح البخاري مقدمة ولا خطبة وإنما استهل بحديث النيات لماذا؟ قالوا: لعله- والله أعلم-أراد أن يحث الناس وطلاب العلم على فضل الإخلاص وتصحيح نياتهم ولعل البخاري - إن شاء الله - أنه كان مخلصاً ولذلك استهل كتابه لعل تفاؤلاً أن يكون من المخلصين الذين ابتغوا وجه الله -عز وجل- بهذا الكتاب ولذلك حظي صحيح البخاري بالعناية والقبول فصار أصح كتاب من كتب السنة النبوية بل تلقت هذا الكتاب الأمة بالقبول وانتشر وحظي بقراءة العلماء له في المجالس وفي الدروس واختصره العلماء وشرحوه وبينوا غرائبه وخرجوا ألفاظه ونحو ذلك وبلغ عدد الكتب التي اعتنت بصحيح البخاري نحو أربعمائة كتاب جمعت في كتاب اسمه إتحاف القاري لمعرفة جهود العلماء في خدمة صحيح البخاري، أيضاً الإمام النووي في كتاب الأربعين النووية بدأ بحديث النيات وأيضاً النووي بدأ بحديث النيات في كتاب رياض الصالحين مما يدل على حرصه على البدء بهذا والتأكيد على طلاب العلم بأهمية الإخلاص وتصحيح نياتهم كما أنه في شرح المهذب في كتاب يسمى المجموع شرح المهذب استهل بحديث النيات. الإمام البغوي أيضاً استهل كتابه مصابيح السنة بحديث إنما الأعمال بالنيات وكتابه الآخر شرح السنة أيضاً بحديث النيات إذن البغوي له كتابان مشهوران في السنة كتاب مصابيح السنة وكتاب شرح السنة طبعاً المصابيح صغير مطبوع في أربعة مجلدات بينما شرح السنة هو الكتاب الكبير مطبوع في سبعة عشر مجلداً وهو الكتاب الضخم الكبير الذي رواه بالأسانيد فاستهل أيضاً بحديث: إنما الأعمال بالنيات ولذا يقول الإمام المحدث الجهبز: عبد الرحمن ابن مهدي -رحمه الله تعالى- لو صنفت كتاباً بدأت في أول كل باب منه بحديث النيات كل باب من أبواب هذا الكتاب سأبدأ فيه بحديث النيات والسبب في هذا أهمية الإخلاص ولذا يقول الإمام الشافعي: إن حديث النيات يدخل في سبعين باباً من أبواب العلم بل قال بعضهم: إنه ثلث العلم وهذا يدل على فضل هذا الحديث وأهميته فأوصي الإخوة بالحرص على حفظ هذا الحديث وهو محفوظ للجميع -بإذن الله تعالى- والحرص على معرفة شرحه والتفقه في معانيه ومن أحسن من شرح هذا الحديث وتوسع في شرحه الإمام الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم شرح الخمسين حديثاً فاستهل طبعاً بالحديث الأول وشرح حديث النيات وأطال النفس فيه فشرحه شرحاً مستوعباً أيضاً - أيها الإخوة- من الأحاديث الواردة في فضل الإخلاص قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه) يعني أن يكون العمل خالصاً لله - عز وجل- ويبتغى به وجه الله - عز وجل- وهذا مصداق لقول الله تعالى ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾ [الكهف: 110] فتحقق بذلك شرط العبادة وهي الإخلاص والمتابعة والاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا الحديث- كما قلت لكم- (إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه) [حديث حسن رواه النسائي] أيضاً أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نخلص لله - عز وجل- عند الدعاء لا سيما عند الدعاء للميت، عند الصلاة عليه في صلاة الجنازة يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء) [رواه أبو داود بإسناد حسن] وينبغي علينا إذا صلينا على أي ميت في صلاة الجنازة بعد التكبيرة الثالثة أن نطيل وأن ندعوا لهذا الميت بإخلاص بتضرع وبقلب خاشع وهذه هي آخر حقوق الميت علينا ونودعه بهذا الدعاء ونسأل الله أن يغفر للجميع، وعلى الأئمة أن يطيلوا قليلاً، أنا ألاحظ بعض الأئمة - وفقهم الله- يستعجلون في صلاة الجنازة ولا يتمكن بعض المصلين من إطالة الدعاء فحبذا الإطالة قليلاً لكي يتمكنوا من الدعاء للميت ويخلصوا له ذلك. أيضاً من كان مخلصاً يوفق للشهادتين عند الموت يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- لما سأله أبو هريرة): من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: لقد ظننت يا أبا هريرة ألا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث ) وهذا فيه حث النبي -صلى الله عليه وسلم- وتشجيع لأبي هريرة يظن ألا يسأل عن هذا إلا هو وثناء عليه بحرصه على الحديث قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه) رواه البخاري، وهذا يدل على أهمية النطق بالشهادتين بإخلاص ولذا جاء في الحديث الآخر قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة إذا اجتنبت الكبائر) وبعض الناس - وفقهم الله- إذا قلت له مثل هذا الحديث قال: أنا سأنطق بالشهادتين عند الموت وأدخل الجنة. نقول: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- اشترط قال: إذا اجتنبت الكبائر واشترط أيضاً: خالصاً من قلبه ولا يوفق للإخلاص إلا من كان مطيعاً لله - عز وجل- أما- نسأل الله العافية- العصاة والمصرين على الذنوب والكبائر قد يصرفوا - نسأل الله العافية- وكم من إنسان عند الموت حاول أن ينطق الشهادتين فلم يتمكن لسانه من النطق بها والله - عز وجل- يقول: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ ﴾[الأعراف: 146] فينبغي للإنسان الحرص كل الحرص على سؤال الله - عز وجل- الإخلاص وعدم التساهل في هذه الأمور ويسأل الله - عز وجل- حسن الخاتمة بأن الله - عز وجل- يوفق الجميع للطاعات ويختم لهم بخير أسأل الله أن يوفقنا وإياكم لحسن الخاتمة والله أعلم.
{نستعرض بعض الأسئلة:
تقول: هل سعاية الطالب للحظوة عند معلمه تقدح في إخلاصه؟ و كيف يغرس المعلم الإخلاص في نفوس طلابه الناشئة خصوصاً من يظهر منه العمل لأجل المعلم؟ }
أولاً: أشكر الأخت السائلة على حرصها، وأما ما يتعلق بحرص الطالب على البروز عند المعلم وهل ينافي الإخلاص؟ الأصل أن الإنسان يريد بعمله وجه الله - عز وجل- وأنه ما طلب العلم إلا لله - عز وجل- فإذا كانت النية مخلصة لله - عز وجل- فلا بأس أن يثنى عليه فقد سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- (أن المؤمن يعمل العمل فيثنى عليه قال: تلك عاجل بشرى المؤمن )لماذا؟ لأنه عمل العمل يبتغي وجه الله - عز وجل- ولم يكن قصده رياء ولا سمعة والثناء من الناس ما فيه بأس وهذا من باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (من صنع إليكم معروفاً فكافئوه ) ومن باب ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)﴾ [الضحى: 11] و(من لا يشكر الناس لا يشكر الله) لكن ينبغي للإنسان أن يحرص كل الحرص ألا يكون همه وهدفه الدنيا من البداية، بعض الناس يطلب العلم من البداية يكون همه الدنيا وهمه البروز وهمه الدرجات، لا ، اجعل هدفك ما عند الله - عز وجل- والنية الصالحة، والله - عز وجل- يوفقك لذلك، وتأتي ضمناً أما ما ذكرت من العلامات ستأتي -إن شاء الله تعالى- في آخر هذه الحلقة -بإذن الله تعالى-
{تسأل: في نية الإنسان الإخلاص في بداية العمل ولكن ثناء الناس على بعض أعماله يجعله يزهو بنفسه فهل يدخل ذلك في الرياء وما علاج ذلك ؟}
كما قلت سابقاً لعله - إن شاء الله- لا يدخل في الرياء والإنسان يحاول يجاهد نفسه ويحاول أن يخلص في نيته لله - عز وجل- وإذا أثنى عليك الناس خيراً فهذا من باب الذكر الحسن ومن باب الثناء وكما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- (تلك عاجل بشرى المؤمن ) فلا بأس أن الإنسان يثنى عليه كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة كما سمعنا منذ قليل (ما ظننت أحداً يسألني عن هذا أول منك ) وكما أثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- على الصحابة، وقال: (ائذن له وبشره بالجنة ) في قصة العشرة المبشرين جميعاً وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- للصحابة (من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكر: أنا) فلم يضمر أبو بكر هذا العمل أو يخفيه بل أبرز وأخبر، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ( من عاد منكم اليوم مريضاً؟ قال أبو بكر: أنا قال: من شهد منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- ما اجتمعت هذه العبادات لعبد في يوم إلا أدخله الله الجنة) ولذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- أثنى على أبي بكر في وجهه و الصحابة يسمعون من باب الثناء أولاً ومن باب القدوة الحسنة فيه حفز لمن كان موجوداً أن يكون متصفاً بتلك الصفات، هناك أيضاً من الأحاديث -يا إخوة- الواردة في الإخلاص قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية ) وهذا الحديث ثابت في الصحيحين معناه: لا هجرة من مكة إلى المدينة بعد فتح مكة؛ لأن مكة صارت بلد إسلام فلا يهاجر منها ولكن جهاد ونية، إن العبد يشتغل بالجهاد ويشتغل بالنية لله -سبحانه وتعالى- أيضاً يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (إن أقواماً خلفنا ) وفي رواية (خلَّفنا بالمدينة ما سلكنا وادياً ولا شعباً إلا وهم معنا حبسهم العذر) رواه مسلم، هذا الحديث يدل على أن المؤمن إذا نوى العلم مخلصاً لله - عز وجل- وحبسه عذر عن القيام به فإنه يؤجر عليه قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (إلا كانوا معكم) أي يؤجروا مثل ما أجرتم وهذا يدل على فضل الله - عز وجل- وأنه يعذر الإنسان وهذا –حقيقة- فيه توجيه وفائدة لمن ابتلاه الله - عز وجل- بمرض أوعذر فإنه يحمد الله - عز وجل- ويصبر ويحتسب ولا يتحسر لأن الله - عز وجل- يأجرك على قدر نيتك، بعض الناس مثلاً في رمضان يفطر من أجل المرض فتجده يتحسر ويقول: الناس يصومون وأنا لا أصوم. اصبر واحتسب وإن شاء الله - عز وجل- الله - عز وجل- يأجرك لأنك معذور ولا تتحسر على هذا بل اسأل الله - عز وجل- أن يشفيك ويعافيك وهناك أبواب كثيرة للخير منها الأذكار وقراءة القرآن ونحو ذلك - نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه الخير والطاعة.
{فيه أسئلة كثيرة تتحدث عن الوسائل وما هي ثمرات الإخلاص؟ هذه - إن شاء الله- سنأتي إليها في المحاضرة القادمة}.
{هل يوجد أسئلة لدى الإخوة؟}
{كلنا يعلم أهمية الإخلاص في طلب العلم، لكن كون الطالب أو طالب العلم الشرعي يطمح للدرجات العالية أثناء الدراسة المنهجية فهل معنى ذلك أنه يتنافى مع الإخلاص ؟ وإذا كان يتنافى فما هو العلاج؟}
الحقيقة السؤال مهم أشكر الأخ السائل جزاه الله خيراً، الحقيقة أنه لا يتنافى مع الإخلاص، بل إنه -بإذن الله تعالى- حافز له والسبب في هذا أن الأصل في طالب العلم أنه ما طلب العلم إلا لوجه الله - عز وجل- وما دخل هذا التخصص الشرعي إلا لأنه يرغب في الاستزادة من العلم النافع، وكونه يطلب الدرجات فهي وسيلة لكي يواصل في طلب العلم ويستزيد من المراحل العليا في الدراسة وأيضاً تكون حافزاً له على التفوق والنبوغ ، ونحن نعلم أن الصحابة درجات منهم كبار الصحابة الذين شهد النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم بالجنة ولماذا صاروا من العشرة المبشرين بالجنة؟ لكثرة أعمالهم الصالحة ولما وفقوا له من الطاعات أكثر من غيرهم وكذلك الناس يوم القيامة على درجات، كما أن الناس في النار- نسأل الله العافية- دركات فكذلك الناس في الجنة على درجات الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً. كل منهم في مرتبة عالية ولا يمنع أن الإنسان يطلب العلو والمزيد وهذا لاشك أنه يدل على الطموح وعلو الهمة والدليل على هذا حديث ربيعة بن كعب الأسلمي -رضي الله عنه- كان يعد للنبي -صلى الله عليه وسلم- وضوءه إذا قام من الليل فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- (سلني) يعني: تمنَّ أمنية يا ربيعة قال:( أسألك مرافقتك في الجنة) وهذا يدل على ماذا؟ على الرغبة في بلوغ أعلى المنازل يعني طموح ما بعده يريد أن يصل إلى منزلة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنة- بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم- ماذا قال له؟ قال: (أعني على نفسك بكثرة السجود)رواه مسلم كثرة السجود ما معناها؟ معناها كثرة الصلاة وهذا من باب إطلاق الجزء على الكل مثل قوله تعالى: ﴿ فَكُّ رَقَبَةٍ ﴾ [البلد: 13] يعني إعتاق نسمة، إعتاق نفس كاملة عبر بالرقبة عن الإنسان، لأنها هي أهم عضو لو قطعت هذه الرقبة لمات فكذلك يطلق على الإنسان كذلك. فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال:( أعنى على نفسك بكثرة السجود) يعني: أكثر من قيام الليل ومن الطاعات والتنفل تصل إلى هذه المنزلة العظيمة فلا بأس أن الإنسان يطلب العلو - نسأل الله للجميع التوفيق- وكما قال الشاعر:
إذا كانت النفوس كبارا **** تعبت في مرادها الأجسام
والإنسان دائماً يكون نظره وهمته إلى ما هو أعلى، يذكر أن أحد السلف قال لولده: من تتمنى أن تكون مثله؟ قال الولد: أن أكون مثلك يا أبي. أبوه كان من العلماء قال: يا بني تمن أن تكون مثل ابن عباس. ابن عباس تعرفون -رضي الله عنه- كان حبر الأمة كان جامعة العلوم -رضي الله عنه- فإن لم تكن كابن عباس كنت مثلي، وهذا يدل أن الإنسان يطمح أن يكون مثلاً ممتازاً إذا لم يحصل على ممتاز حصل على جيد جداً لكن الإنسان الذي يطلب الدنو سيتحصل أو ينزل إلى ما هو دونه نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه الخير.
{ننتقل الآن يا شيخ إلى وسائل الإخلاص}
الوسائل كثيرة لكن أود أن أستهل بحديث: قول النبي -صلى الله عليه وسلم-(إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) هذا الحديث يدل على أن الإنسان محاسب ومسئول عن نيته وعمله فينبغي أن يكون المسلم حريصاً على نيته ولذا يقول الإمام القرطبي: في هذا الحديث الاعتناء بحال القلب وصفائه لتصحيح مقاصده وتطهيره وينبغي علينا حقيقة أن نحرص على تطهير الباطن كما نحرص على تطهير الظاهر وأن يحرص الإنسان على أن يراقب الله - عز وجل- في سره وعلانيته وأن لا يبالغ في الثناء على أحد، لك ما ظهر من الناس والله أعلم بسرائرهم أما المتبادر للذهن في مسألة الوسائل المعينة على الإخلاص:
فأولها: مجاهدة النفس وكما أخذنا في أول الدرس قول سفيان الثوري: «ما جاهدت شيئاً أشد على من نيتي إنها تتقلب علي» فينبغي مجاهدة النفس ومصابرتها لتنقاد مع المخلصين؛ لأن النفس أمارة بالسوء ويقول يوسف بن أسباط: تخليص النية من فسادها أشد على العاملين من طول الاجتهاد.
السبب الثاني أوالوسيلة الثانية من وسائل الإخلاص: ملازمة تقوى الله - عز وجل- ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاًّ (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 3:2] وقد سئل النبي -صلى الله عليه وسلم-( من أكرم الناس؟ فقال: أتقاهم ) وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- (أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق ) فينبغي للإنسان أن يحرص على التقوى والتقوى -بإذن الله تعالى- تكون حافزاً وسبباً للإخلاص.
أيضاً الوسيلة الثالثة: استحضار عظمة الله -سبحانه وتعالى- وأنه مطلع عليك في كل وقت واعلم علماً يقينياً أن الله - عز وجل- يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فإذا علمت ذلك فإنك تخلص العبادة لله - عز وجل- وتصل بتوفيق الله تعالى إلى مرتبة الإحسان ما هي مرتبة الإحسان؟ أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، ولذلك يقول أحد السلف: الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام الخوف من الخالق وهو الجبار -جل وعلا-
رابعاً: من الوسائل المعينة على الإخلاص الحرص على نيل الأجر من الله -سبحانه وتعالى- والإكثار من الحسنات؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿ وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى ﴾ [الضحى: 4] فالإنسان يبتغي ماعند الله وليعلم أن الدنيا مزرعة للآخرة وكل ما تعمله من الأعمال الصالحة في الدنيا فإنك ترجو ثوابها عند الله في الآخرة والله - عز وجل- يقول: ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ ﴾ [الشورى: 20] ولذلك ينبغي للإنسان أن يبتغي بعمله وجه الله - عز وجل- ويعلم أن ما عند الله خير وأبقى ويعود الإنسان نفسه على الزهد في الدنيا وليس المقصود بالزهد أن الإنسان يقتر على نفسه ولكن أن يتخفف من كثير من الأمور التي فيها ترف أو من الأمور الكماليات التي يسميها البعض الفضوليات ولذلك يروى عن الإمام النووي -رحمه الله تعالى- أنه من زهده كان إذا رأى فاكهة الشام يشمها ويقول: موعدك الجنة. موعدك الجنة يعني: أنه يرجو ويأمل أن الله - عز وجل- يدخله الجنة والجنة فيها فواكه كثيرة كما هو معلوم في الآيات القرآنية.
أيضاً من الوسائل المعينة على الإخلاص كثرة الدعاء والإلحاح على الله - عز وجل- أن يجعلك من المخلصين واعلم أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فاسأل الله الثبات واسأل الله - عز وجل- أن يرزقك الإخلاص دائماً في القول والعمل ولذا كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).
أيضاً من الوسائل المعينة على الإخلاص وهي وسيلة عملية مهمة جداً أن يعود المسلم نفسه على العبادات التي لا يطلع عليه أحد وهو يقوم بها مثل ماذا؟ مثل قيام الليل، تصلى ما تيسر لك من قيام الليل في بيتك لوحدك لا يراك أحد ليس مثلما تصلى في المسجد فيراك الناس والصلاة في المسجد لا شك أنها واجبة في الصلوات الخمس، لكن صلاة النوافل الأفضل أن تكون في البيت قال العلماء: إن الصلاة في البيت مستحبة لأنها أولاً: فيها الإخلاص وأبعد عن الرياء وفيها قدوة لأهل البيت أولادك وأهلك يرون كيف تصلى ويقتدون بك ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) الصلاة المكتوبة يجب أن تصلى في المسجد. أيضاً فيها البركة في البيت إذا كان البيت يصلى فيه ويذكر الله - عز وجل- فيه يكون بيتاً مباركاً ويكون بيتاً من بيوت الله يرفع فيه ذكر الله - عز وجل- أيضاً يعود المسلم نفسه على صدقة السر يتصدق بدون أن يعلم أحد عنه ولذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) هذا يدل على فضل صدقة السر ما يراك أحد تذهب إلى أحد تتصدق عليه تدخل هذه الصدقة من تحت الباب لا أحد يراك حتى صاحب الصدقة لا يعلم، هذا لا شك أنه عبادة عظيمة وفضل يدل على إخلاصك.
أيضاً الصيام: الصيام سر بين العبد وبين الله - عز وجل- لا يعلمه إلا الله ولذلك يقول الله - عز وجل- (إلا الصوم فإنه لي ) والله - عز وجل- تفرد ونسب لنفسه عبادة الصيام قال العلماء: إما أن يكون المقصود بقوله:(فإنه لي) يعني أن أجر الصيام لي أنا الذي آجر عليه ليس كغيره من الطاعات: الحسنة بعشر أمثالها. الصوم يكون لله - عز وجل- يأجر الصائمين أجراً عظيماً الله أعلم بمقداره، أو لعل المراد: إلا الصيام فإنه لي: الصيام هو العبادة الوحيدة التي لا تصرف إلا لله - عز وجل- ما عرف أن أحداً من عباد الأوثان صاموا من أجل آلهتهم يصلون؟ نعم يتصدقون؟ نعم يطوفون؟ نعم ينذرون؟ نعم يدعون؟ نعم لكن يصومون؟ ما عرف أن أحداً صام من أجل الآلهة إنما الصيام لله - عز وجل- ولذلك قال الله عزوجل (إلا الصوم فإنه لي ) ولذا جاء الصحابي الجليل للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يارسول الله مرني بعمل لا مثيل له فقال: (عليك بالصوم فإنه لا نظير له) وهذا يدل على فضل عبادة الصيام؛ لأنها عبادة سر بين العبد وبين الله ما أحد يطلع عليك لو دخلت في غرفة وشربت من يعلم؟ لو أكلت في مكان ما أحد يراك إلا الله -عز جل- وليس هناك علامة تدل على هذا، هذه تقريباً أبرز العلامات التي تدل على الوسائل التي تعين على الإخلاص وغيرها كثير لكن أكتفي بهذا. والله أعلم.
{جزاكم الله خيراً، هل للإخلاص علامات؟ وما ثمرات الإخلاص ؟}
نعم الإخلاص له علامات كثيرة ولعلي أكتفي بالإخلاص في طلب العلم بالذات، لأنه هو مقصدنا في هذا المجلس وفي هذا الدرس من دروس الأكاديمية وكيف يعرف الطالب نفسه أنه مخلص؟ هناك علامات كثيرة أولها: الحرص والجد في طلب العلم، إذا رأيت الطالب حريصاً جاداً في الطلب لاشك أن تلك قرينة من قرائن الإخلاص.
الشيء الثاني: الحرص على الحفظ والفهم إذا رأيت الطالب يحفظ ويحرص على الفهم وإذا ما فهم سأل لكي يفهم لا مجرد أنه يحفظ نصوصاً بدون أن يفهم معناها بل إنه يحرص على أن يكون حافظاً فاهماً.
الوسيلة الثالثة: عدم الاقتصار على المنهج المقرر إذا رأيت الطالب يتوسع في المادة العلمية ويجمع المراجع ويطلع على الكتب اعرف أنه طالب مخلص وأنه حريص على الاستزادة والتوسع.
رابعاً: الحرص على السؤال عما أشكل عليه؛ لأن الأسئلة - كما قيل- مفاتيح العلم وقيل للشعبي: بم حصلت هذا العلم؟ قال بلسان سؤول وقلب عقول. فالأسئلة لا شك أنها مفاتيح العلم والأستاذ يسرُّ كثيراً إذا سمع أسئلة من طلابه؛ لأنها تدل على أنهم يفهمون والصحابة-رضوان الله عليهم- كانوا يفرحون بالرجل من الأعراب يسلم فيسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- وذلك يدل على حرصهم على الاستفادة والسائل نفسه يدل على رغبته في التفقه في الدين فإذا رأيت الرجل يسأل اعرف أنه حريص على الاستفادة والسؤال. أيضاً ملازمة مجلس العلم، إذا رأيت الطالب لا يغيب ولا يتأخر فاعرف أنه من طلاب العلم الحريصين المخلصين.
أيضاً - لعلها العلامة السابعة- الحرص على التبكير في الحضور لمجلس العلم هذه علامة مهمة جداً ومع الأسف الآن تلاحظ البعض يقصر ويتأخر ولا يأتي إلا متأخراً تنتهي المحاضرة الأولى أو الحصة الأولى أو تنتصف. النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (بورك لأمتي في بكورها ) [رواه الترمذي من حديث صخر بن وداعة الغامدي] وصخر هذا كان من الصحابة الأغنياء الذين يتجرون يقول: لما سمعت هذا الحديث من النبي -صلى الله عليه وسلم- كنت أستيقظ باكراً فبورك في تجارتي يقوم من الفجر يصلى صلاة الفجر مع الجماعة ثم يبدأ في طلب الرزق سواء في عمل أو في تجارة أو في سفر ويتاجر بما تيسر ولذلك صار من الصحابة الأغنياء؛ لأن من أسباب الرزق بتوفيق الله – عز وجل- والبركة في الاستقاظ مبكراً؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (بورك لأمتي في بكورها) أما الذي يأتي متأخراً يدل على أنه ليس بحريص على الطلب أيضاً فائدة الحضور مبكراً أنك تحضر الدرس من أوله والدرس عبارة عن سلسلة وحلقات مترابطة لو جئت أي درس من الدروس والأستاذ قد انتصف ما تعرف فيم يتكلم ولا عرفت أهمية الموضوع ولا تعريفه ولا الأدلة عليه؛ جئت وهم في الوسط فحينئذ لا تستفيد، فإني أوصي نفسي وإخواني من الطلاب والطالبات بالحرص على الحضور والتبكير وعدم التأخر وعلى الآباء والأمهات أن يكونوا عوناً لأبنائهم وبناتهم بعض الآباء -هداهم الله- يؤخر أبناءه ويقول: لو فاتكم الدرس الأول الدرس الثاني لا... ينبغي أن تحرص من الدرس الأول وهذا طلب للعلم ينبغي أن نحرص على الحضور المبكر. أيضاً- يا إخوة- من العلامات المهمة في هذا أن الإنسان لا يكون همه البروز على أقرانه يعني بعض الناس - نسأل الله العافية- تجد أنه يحاول أن يحسد أقرانه أو يتفوق عليهم والتفوق مطلوب، لكن لا يكون بهضم حقوقهم أو بأنه يريد أن يتفوق وهو وهم دون ذلك، بل إنه يسأل الله التوفيق ويحب لأخيه ما يحب لنفسه. والحذر الحذر من أن نريد بعلمنا الدنيا، بل نقصد ما عند الله تعالى والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله - عز وجل- لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ) [رواه أبو داوود وابن ماجة] عرف الجنة هو ريحها الطيب أيضاً يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولا لتماروا به السفهاء ولا يتخير به المجالس فمن فعل ذلك فالنار النار) نسأل الله العافية [رواه ابن ماجة] فينبغي للإنسان أن يحرص على أن يبتغي بعلمه وجه الله - عز وجل- وأن يحرص كل الحرص على النية الصادقة والعزيمة الجادة في الطلب نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه الخير والسداد والصواب وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح.
{شيخنا الفاضل في عجالة: ما هي ثمرات الإخلاص؟}
الإخلاص له ثمرات وفوائد كثيرة أولها: ابتغاء وجه الله - عز وجل- الإنسان المخلص يبتغي وجه الله بأعماله ويحقق قول الله تعالى ﴿ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى ﴾[ الليل: 21]
أيضاً الإخلاص أساس لقبول الأعمال مع المتابعة والاقتداء ﴿ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ﴾ [الكهف: 110]أيضاً الإخلاص سبب في قبول الدعاء من كان مخلصاً فإنه -بإذن الله تعالى- يستجاب دعاؤه ولذلك عمر بن الخطاب كان يقول: إني لا أحمل هم الإجابة ولكن أحمل هم الدعاء. والدعاء سلاح المؤمن ومن كان يدعو بقلب خاشع مخلص لله - عز وجل- يستجيب له الله - عز وجل- الله تعالى يقول: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾[غافر: 60] وعد من الباري -جل وعلا- أيضاً الإخلاص من فوائده وثمراته: أنه يرفع منزلة المسلم في الدنيا والآخرة فعباد الله المخلصين لهم المحبة والمنزلة العالية في الدنيا ولهم الأجر والثواب عند الله في الآخر. أيضاً: من كان مخلصاً تتحقق له الطمأنينة في الدنيا ويشعر بالسعادة لأنه يبتغي وجه الله - عز وجل- ويرجو ما عنده ولذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن جعل الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر الله له) أخرجه الترمذي وابن حبان. فينبغي للإنسان أن يسأل الله تعالى التوفيق وألا يشغل نفسه دائماً بالدنيا لا شك أنها مطلوبة كما قال تعالى ﴿ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ [القصص: 77] لكن لا تكون على حساب الآخرة ولا تكون على حساب العبادة: الصلاة مقدمة، النوافل مقدمة، قراءة القرآن مقدمة, صلة الأرحام, بر الوالدين، لكن الدنيا لها وقت محدد ككسب الرزق ونحو ذلك. أيضاً- أيها الإخوة- الإخلاص منجاة من الشدائد والهموم والمصائب وكلكم تعلمون قصة الثلاثة الذين دخلوا الغار فانطبقت عليهم الصخرة فقال كل منهم: ادعوا الله بخالص أعمالكم. يعني أخلص عمل قمتم به لله - عز وجل- ولذلك قال تعالى ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ ﴾[الملك: 2] قال الفضيل بن عياض: يعني أخلصه وأصوبه فالله - عز وجل- طلب من عباده من كان أحسن عملاً ولم يقل أكثر بل المطلوب: حسن العمل وإتقانه، جاء في السيرة النبوية في قصة عكرمة بن أبي جهل -رضي الله عنه- تعرفون أنه كان مشركاً فلما دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة أهدر دمه مع من أهدر من المشركين ففر عكرمة خوفاً من أن يقتل وركب البحر فلما استوى مع من معه على ظهر السفينة في البحر أصابتهم عاصفة فقال أصحاب السفينة- مع أنهم كانوا مشركين -لاحظوا كيف - سبحان الله- توحيد الربوبية يخرج عند الشدائد، قال أصحاب السفينة: أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئاً هاهنا يقولون: نحن الآن في موضع شدة لا تنفعنا الآلهة التي نعبدها من دون الله - عز وجل- ولذلك كانوا يشركون في الألوهية وليس في الربوبية إذا جاءت الشدائد لا يعرفون إلا الله - عز وجل- فقالوا: أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئاً هاهنا، قال عكرمة بن أبي جهل مع أنه في ذلك الوقت كان مشركاً: والله لئن لم ينجني من البحر إلا الإخلاص فلا ينجيني في البر غيره. يقول: ما دام الإخلاص نفعني وأنا في البحر فسينفعني -بإذن الله تعالى- وأنا في البر، اللهم إن لك عهداً عليّ إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمداً حتى آتيه وأضع يدي في يده فلأجدنه عفواً كريماً فنجاهم الله - عز وجل- ورست السفينة إلى البر ورجع عكرمة من البحر إلى مكة وبايع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأسلم وحسن إسلامه- والحديث هذا ثابت في سنن النسائي - واشترك في قتال المشركين في معركة اليرموك وذكروا أن عكرمة لما دخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- فرح وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- (مرحباً بالراكب المهاجر ) فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاه وصف الهجرة وأعطاه أنه جاء راكباً وهذا من تأليف قلوب هؤلاء وطلب النبي -صلى الله عليه وسلم- من الصحابة أن يكفوا عن سب أبيه يعني من باب تطييب خاطره ﴿ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: 164] وهذا الحديث دليل على أن الإخلاص لله - عز وجل- منجاة والإنسان يسأل الله بصالح عمله وبقلب خاشع مخلص ينجيه الله - عز وجل- من الشدائد. نسأل الله أن يوفقنا وإياكم للطاعات وأن يجنبنا الزلات إنه سميع مجيب الدعوات.
{السلام عليكم ورحمة الله:
قبل مبكاها بكيت صبـابة *** بسعدى شفيت النفس قبل التندم
ولكن بكت نفسي فهيج للبكى *** بكـــاها فقلت: الفضل للمتقدم
كنت أقرأ في كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي - قدس الله روحه- فوجدت كلاماً جميلاً بديعاً في المجلد الرابع الصفحة ثلاثمائة وستة وسبعين يوم أن قال: اعلم أن كل شيء يتصور أن يشوبه غيره فإذا صفا عن شوبه وخلص عنه سمي خالصاً ويسمى الفعل المصفى المخلص إخلاصاً قال الله تعالى ﴿ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِّلشَّارِبِينَ ﴾[النحل: 66] فإنما خلوص اللبن ألا يكون فيه شوب من الدم والفرث ومن كل ما يمكن أن يمتزج به والإخلاص يضاده الإشراك، فمن ليس مخلصاً فهو مشرك إلا أن الشرك درجات فالإخلاص في التوحيد يضاده التشريك في الإلهية، وإنما البيان الشافي بيان النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما سئل عن الإخلاص فقال: (أن تقول: ربي الله ثم تستقيم كما أمرت) والحديث له ألفاظ . هل من الممكن للشيخ - حفظه الله- أن يبين الشوائب والآفات المكدرة للإخلاص وهل تتغير هذه الشوائب بتغير الزمان؟}
{السلام عليكم ورحمة الله: أسأل عن صحة حديث في الأخلاق قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (إن من شرار الناس يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه) مدى صحة هذا الحديث؟ السؤال الثاني: أحياناً نبدأ العمل بنية خالصة ثم يخالطه الرياء دون انتباه من الشخص هل يحبط العمل بأجمعه حتى إذا كانت البداية مخلصة فيها النية لله - عز وجل-؟}.
شكراً للأخ وأتمنى حقيقة لو كان الوقت يتسع لاستمعنا بما تفضل به هو سأل عن حديث (قل آمنت بالله ثم استقم) هذا الحديث لفظه وسأل عن أمور التي تتافى مع الإخلاص أبرزها لا شك هو الشرك الخفي - نسأل الله العافية من الشرك الأصغر- وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-( هو أشد من دبيب النملة السوداء) الأمر الثاني: الرياء من أراد بعمله مراءاة الناس ونظرهم إليه ويلحق بالرياء أيضاً السمعة طلب الجاه ونحو ذلك هذه أبرز قلنا هناك عدة تفريعات لها لكن العلماء يشيرون إلى هذين الأمرين، والأخت سألت عن الحديث أنا الآن ما يحضرني –حقيقة- الحديث مشهور، لكن ما يحضرني درجته، أيضاً سألت عن مسألة أنها تعمل العمل مخلصة لله ثم تطرأ النية هذه المسألة ذكرها الإمام ابن رجب في جامع العلوم والحكم وذكر أن الإمام أحمد سئل عن ذلك فقال: إنه لا يحبط عمله ولكن ينقص أجره بقدر نقصان إخلاصه وهذا –حقيقة- ضابط جيد، فإنه لا ينقص العمل كاملاً ولا نقول: يحبط ولا نقول: إنه يقبل كاملاً إنما بمقدار ما أثر عليه في نيته فإنه ينقص أجره، على الإنسان أن يحاول أن يجاهد نفسه وأن يغالب نيته إذا كانت نيته توسوس له بعدم الإخلاص أو بنظر الناس إليه أو نحو ذلك وأن يجاهدها ويسأل الله - عز وجل- أن يجعله من المخلصين.
{السلام عليكم ورحمة الله إذا كنت من أكثر الناس حفظاً للقرآن في مجموعتي فهل يجوز لي ألا أتقدم بالصلاة خوفاً من الرياء؟ }
ما يظهر لي- والله أعلم- ما في ذلك رياء - إن شاء الله- بالعكس ينبغي للإنسان كما قال تعالى: ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضحى:11] والإنسان ما دام الله أكرمه وأنعم عليه بحفظ القرآن فهذا نعمة من الله - عز وجل- أيضاً النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر (أن يؤم القوم أقرأهم لكتب الله) ما دمت أنت حافظة للقرآن فتتقدمين، طبعاً معروف أن المرأة لا تتقدم النساء إنما تصلى بينهن، تكون إمامتهم في وسطهن فما في ذلك بأس وينبغي للإنسان ألا يتهم نفسه في مثل هذا، بل إنه يحرص على شكر نعمة الله - عز وجل- بتزكية هذا العلم ولعل هذا يكون حافزاً لأخواتك من الصالحات أمثالك أن يحفظن كتاب الله - عز وجل- وأشيد حقيقة بحرص الأخوات وهن في بلاد الغربة على التمسك بدينهن وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (في آخر الزمان القابض على دينه كالقابض على الجمر) وأشيد أيضاً بحرصهن على حفظ القرآن لا شك أن من حفظ القرآن فهو حصن حصين ومنجاة من الفتن والشيطان الرجيم. نسأل الله للجميع التوفيق.
{السلام عليكم ورحمة الله: أسأل عن أحد الرقاة يرقي المرضى بالقرآن وبالأدعية النبوية لكن لي ملاحظة على هذا الراقي أنه بعدما يرقي مريضه يطلب منه أن يغمض عينيه ويرقي مرة ثانية بالقرآن طبعاً الحركة النهائية هذه للناس الذين يعرفهم يطلب منه أن يغمض عينيه ويقرأ عليه القرآن ويطلب منه ماذا رأيت بعد هذه الرقية والدعاء، فسألته ما أسباب هذا الشيء؟ قال: أنا عندي قرين مسلم. فالقرين المسلم حسب معلوماتي أنه ما أحد له قرين مسلم إلا محمد -صلى الله عليه وسلم-؟ }
{السلام عليكم ورحمة الله: لو سمحت ما رأيك فيمن عنده زيادة كبر من الإخلاص وأنه يكثير من حفظ القرآن لكن ما يزال يتعامل بقسوة خاصة على الأولاد والتعامل معهم}.
مثل سؤال الأخ لا شك أن موضوع الرقية أصبح الآن هو حديث العصر ومع الأسف أصبحت قضية الرقية ودخول من ليس أهلاً فيها يعني منتشرة عند كثير من الناس وطلبة العلم والعلماء تكلموا في هذا كثيراً وألفوا فيه مؤلفات فلا نطيل فيه لكن ما ينبغي أن أنبه إليه مسألة ما تفضلت به، هي مسألة أن يطلب من الشخص أن يغمض عينيه ثم يأتي ويسأله عن شخص هذا ما يسمونه القراءة التخييلية أو التخيلية وهذه في الحقيقة غير جائزة وهذه فيها سوء ظن واتهام للناس يقول لك إذا فتحت عينيك: من الشخص الذي كنت تفكر فيه وأنت مغمض. هذا اتهام للناس، وغالباً الإنسان يعني الشخص الذي يخطر على بالك هو آخر شخص قابلته قبل أن تدخل على الراقي الذي يكون باقياً في ذهنك الشخص الذي مثلاً كان معك أو كنت تتحدث معه في شيء ويقول: هذا هو الذي أصابك أو شيئاً من هذا فالقراءة التخيلية لا تجوز وهذه من المستجداًت التي مع الأسف أحدثها بعض الرقاة ، أيضاً ينبغي للرقاة أن يحرصوا على الإخلاص لله - عز وجل- فلا يقرؤوا إلا بالقرآن وبالسنة وبما ورد من الأدعية وألا يشارطوا في الأجرة هذا –حقيقة- يتنافى مع الإخلاص، وأما أخذ الأجر فلا مانع إذا جاءك أحد من المرضى ودفع لك نقوداً ما فيه مانع لأن قصة أبي سعيد الخدري في حديث البخاري:( لما جاء وقرأ على سيد القوم الذي لدغ بفاتحة الكتاب فقام كأنما نشط من عقال، فاشترط عليهم قطيعاً من الغنم وذهبوا به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- (اضربوا لي معكم بسهم ما أدراك أنها رقية؟) فيجوز للراقي أن يأخذ أجراً على رقيته، لكن لا يشارط لا ينبغي المشارطة وتحديد أسعار ووضع كروت وكل كارت يكون بمبلغ كذا وقراءة خاصة بكذا وقراءة عامة، لا.. هذه لم ترد –حقيقة- عن السلف وفيها توسع ومع الأسف كثير منهم وإن كان بدأ الأمر بالنفع نفع الناس إلا أنها تحولت إلى تجارة مادية. نسأل الله أن يوفق الجميع للسداد والصواب.
تقول: إني أقوم بأعمال صالحة ولكني أشعر بقسوة على أولادي، وهذا في الحقيقة واقع، عليها أن تسأل الله - عز وجل- أن يرزقها اللين والهدوء والطمأنينة- والله أعلم- مثل هذه لعل عندها بعض المشاكل النفسية ولذلك- كما يقولون- تفرغ هذه المشاكل والظروف على أولادها وينبغي عليها أن تحمد الله أولاً على نعمة الأولاد، نعمة الأولاد لا يعرفها إلا من فقدها ومن قدر الله عليه أن يكون عقيماً من الرجال أوالنساء تجد أنه مستعد أن ينفق المبالغ الضخمة ويسافر ويفعل ما يطلب منه كله في سبيل أن يرزق بالذرية فإذا رزق بالذرية ما شكر، إنما صار يضرب الأولاد ويدعو عليهم ويتسخط وكذا وكذا ما ينبغي للإنسان وليس هذا من شكر النعمة، الله - عز وجل- أمرنا بشكر النعم وقال: ﴿ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7]، ﴿ المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾[الكهف: 46]أيضاً عليها أن تحرص على أن تتساعد مع والدهم على إدخال السرور على أبنائهم من كثرة الجلوس مع الأبناء في البيت وكثرة المشاكل قد يكون هو الذي يولد العنف، لكن إذا خرجوا في زيارة للأقارب ذهبت بهم إلى أماكن ترفيهية ذهبت بهم إلى حضور دروس ذهبت بهم إلى حضور بعض مدارس تحفيظ القرآن وما تقيمه من أنشطة و محاضرات لاشك أن هذا نافع ويجدد لهم ذلك ونستحضر أن هذا من باب إدخال السرور وقد روي في الحديث (من أدخل السرور على أهل بيت أدخله الله الجنة) وأيضاً ينبغي علينا أن نبتغي وجه الله - عز وجل- فكل ما نقوم به نحو أبنائنا وبناتنا إنما نريد به الأجر والثواب من الله تعالى.
{أخذ أجر على الأعمال الشرعية مثل الإمامة أو مدرس القرآن هل ينافي الإخلاص؟ }
أحسنت سؤال قيم يرد كثيراً لدى الناس بعضهم بالذات يقول: كيف أنتم تعملون أعمالاً شرعية وتأخذون عليها أجراً هذا يتنافى مع الإخلاص؟ أقول: لا بأس من ذلك وليس في ذلك بأس- إن شاء الله- لكن بشرط أن يكون الأصل أن يريد الإنسان بعلمه وجه الله - عز وجل- مثل شخص أراد أن يعين إمام مسجد لا يكون هدفه الراتب أو البيت المجاور للمسجد إنما هدفه أن يكون إماماً يضبط الصلاة ويصلى بالناس ويراجع القرآن وتنتظم أوقاته بهذا وما يأخذه يكون مساعداً وحافزاً فقط لا يكون همه الدنيا ويبتغي ما عند الناس فقط إنما يبتغي ما عند الله - عز وجل- وتكون هذه مساندة له. أيضاً مدرس القرآن أي عمل من الأعمال الخيرية ما فيه مانع لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) بشرط ألا يكون هو القصد والغاية ولذلك العلماء أجازوا للشخص أن يحج ويبيع في موسم الحج ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ﴾[الحج: 28]،﴿ لتَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ ﴾[البقرة: 198]، ما فيه مانع أجازوا للشخص أن يؤجر مركبته في الحج أو أن يحتطب أو يبيع. ما فيه مانع المجاهد يخرج وقد باع نفسه في سبيل الله ثم يسلم ويغنم ويرجع من الجهاد بالغنيمة ما في ذلك بأس. أيضاً كل من يعمل من الأعمال الصالحة عملاً يريد به وجه الله - عز وجل- ثم يأخذ عليه أجراً ما في ذلك بأس ينبغي ألا يشوش ذلك على الناس وهذا من باب أخذ الأجر على القربات وعلى الطاعات والعلماء أجازوه لماذا؟ لأنه أولاً: يقوم مقام الكسب، الرجل الآن تفرغ لهذا العمل أنا الآن متفرغ لتدريس القرآن مثلاً في المسجد غيري عنده محل أو عنده وظيفة يكسب أنا من أين أكسب؟ كيف أنفق على أولادي؟ فلماذا نحرم مدرس القرآن من الراتب أو المكافأة فلابأس إذا كان محتاجاً ويشغله عن الكسب ندفع له ذلك، فأخذ الأجر على القربات ما في ذلك بأس بشرط أن يكون همه وقصده الأول ابتغاء ما عند الله -جل وعلا-
{السلام عليكم ورحمة الله: السؤال الأول ما حكم ترك السنن التي تعود عليها الشخص خوفاً من الرياء؟ السؤال ما حكم ترك الخشوع في الفريضة مثل الإطالة يعني الإطالة فيها يقصرها إذا كان أمام الناس؟}
{السلام عليكم ورحمة الله: ما هي الثمرة الأولى من ثمرات الإخلاص؟}
تقول: ما حكم ترك السنة من أجل الناس؟ قال العلماء: العمل من أجل الناس- نسأل الله العافية- رياء وتركه من أجلهم يخشى أن يكون شركاً. ما ينبغي للإنسان أن يعمل العمل أو يتركه من أجل الناس بل إن الإنسان عليه أن يكون قصده ونيته لله - عز وجل- ولا يراقب الناس في مثل هذا؛ لأنه لو جعل الناس هم قصده لاستمر به الأمر قد يترك- نسأل الله العافية- شيئاً من الواجبات، ِأيضاً تقول ترك الخشوع كذلك لا يجوز. الخشوع ركن من أركان الصلاة ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)﴾ [المؤمنون: 2:1]، والرجل المسيء في صلاته رفاعة الرافعي -رضي الله عنه- لما صلى ولم يخشع في صلاته قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (ارجع فصل فإنك لم تصل) فقدت الصلاة ركناً وهو الطمأنينة في جميع الأركان، فينبغي للإنسان أن يبتغي بعمله وجه الله ولا يترك شيئاً من أجل الناس.
{نأخذ أسئلة من الحضور}
{هل يشترط حتى يكون العبد مخلصاً أن يخلص في العبادة من أولها إلى نهايتها أم يكفى في ذلك أن يخلص في أولها؟ وبارك الله فيكم. }
ذكر أيضاً الحافظ ابن رجب هذا السؤال وقال: إن الأصل في العبادة أن يكون الإخلاص من أولها يبدأ العمل من أوله بنية ابتغاء وجه الله - عز وجل- مخلصاً به العبادة ولو طرأ عليه رياء أو سمعة أو تردد فعليه أن يجدد نيته وهو في أثناء هذا العمل؛ لئلا يحبط عمله أو ينقص أجره، ويستمر يستصحب الإخلاص في عمله حتى يفرغ منه ويكون هو الأصل والقصد في ذلك.
{ألا تدلونا على بعض المؤلفات التي ألفت في موضوع الإخلاص؟}
حقيقة موضوع الإخلاص من الموضوعات التي ألف فيها الكثير وأنا لا أكتمكم أني تفاجأت حقيقة بكثرة المؤلفات وهذا يدل حقيقة على تقصيرنا في الطلب، لما رجعت للمكتبة العلمية والسؤال عن المؤلفات في الإخلاص وجدت أنه طبع في الإخلاص وحده أكثر من خمسة وستين كتاباً وأنا أحضرت قائمة معي سأسلمها للإخوة في موقع الأكاديمية لعلهم ينزلونها على الموقع خمس وستين كتاباً كلها مؤلفة في الإخلاص من أقدمها طبعاً كتاب: ابن أبي الدنيا بعنوان الإخلاص، ثم ما جاء بعده من الكتب سواء المتقدمة أو من العلماء المعاصرين الذين ألفوا في الإخلاص فضله وعلاماته وآدابه ونحو ذلك وسأعطيها للإخوة لعلهم - إن شاء الله- أن ينزلوها على الموقع فيستفاد منها وكما قلت لكم مراجعة أي مكتبة من المكتبات العلمية ستجد مؤلفات كثيرة في الإخلاص وحده . أيضاً ما يضاده من الشرك وغيره ستجد أكثر وأكثر فالمؤلفات فيه أكثر من خمسة وستين كتاباً- ولله الحمد- وما أكثر العلماء التأليف في هذا إلا لدليل أهميته وفضله وعظم مكانته.
{نستعرض بعض الأسئلة من الموقع: الأخ يقول: السلام عليكم ورحمة الله: كيف نربي أبناءنا على الإخلاص لله تعالى؟}
سؤال مهم -جزاه الله خيراً- ويدل على حرصه على أبنائه، يعني: أولاً: نعظم الخالق في نفوسهم يعني يجعلهم دائماً يخاف من الله - عز وجل- اربطه دائماً بالله - عز وجل- واجعل إشارتك دائماً إلى الله - عز وجل- كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- للجارية (أين الله؟ قالت: في السماء. قال: اعتقها فإنها مؤمنة) ينبغي أن تخوفه من الله وأن تحببه في الله - عز وجل- ويعلم أن الخير وكل ما يأتيه إنما هو من الله - عز وجل- وكل ما يقدر من أي أمر من الحوادث فإنما هو بقدر الله - عز وجل- وهو الحكيم الخبير سبحانه بعدله -جل وعلا- أيضاً ينبغي أن يعود على بعض العبادات - كما قلت منذ قليل- التي تدل على الإخلاص مثل الصدقة صدقة السر مثل أن يعلم آداب الصيام ونحو ذلك الصلاة في البيت أيضاً ينبه في بعض أموره أن يكون قصده وعمله أن يكون لله - عز وجل- فلا شك أن هذا سيكون حافزاً له منذ الصغر يتعلم على ذلك. نسأل الله أن يصلح أبناءنا وأبناء المسلمين جميعاً.
{السائلة تقول: ما معنى:( عاجل بشرى المؤمن)؟ }
يعني: هي البشارة التي يراها في الدنيا حيث إن الناس يثنون عليك مثل الخبر السار الذي يأتيك بنجاح أو بترقية أو بتفوق أو نحو ذلك فكذلك ثناء الناس عليك لا شك دليل على أنك من أهل الخير و-بإذن الله تعالى- أنك ستوفق في الآخرة فتكون من أهل الجنة فتعجل لك البشارة في الدنيا بثناء الناس عليك، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (أنتم شهداء الله في أرضه) وهذا معناه: أنك - إن شاء الله بمنه وفضله- من أهل الجنة. نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل الجنة.
{يقول: ما معنى قول بعض الأئمة: طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله } هذه العبارة مروية عن وكيع بن الجراح كما ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء أنه طلب العلم ليكون قاضياً يريد أن يتوظف يعين في مهنة لكن لما وجد حلاوة الطلب وشعر باللذة والاستفادة من قراءة القرآن من تعلم العقيدة، الفقه، السيرة ابتغى وجه الله - عز وجل- وعرف أن الهدف من العلم الاستفادة في الدنيا والآخرة وابتغاء وجه الله - عز وجل- بهذا، فأبى الله: يعني أن الله - عز وجل- وفقنا لأن نكون مخلصين جادين في ذلك، لذلك ما قصرت اهتماماتهم على النواحي الوظيفية أو النواحي الدراسية فقط بل صاروا يستفيدون ويطلبون العلم ولذلك يعرف أن وكيع هو شيخ للإمام الشافعي معروف البيت المشهور يقول الشافعي:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نـــور ونور الله لا يهدى لعاصـي
{يقول: كيف يجاهد الإنسان نفسه ليكون من المخلصين؟ }
قلت: منذ قليل الإكثار من الدعاء والإكثار من الأعمال الصالحة في ظهر الغيب وعدم إعلانها عند الناس والحرص على مراقبة الله - عز وجل- وأنه يعلم خائنة الأعين أيضاً ما ذكر الأخ منذ قليل في مسألة طلبنا العلم لغير الله هناك أحد العلماء المعاصرين في زماننا كان يعمل ممرضاً في أحد المستشفيات وأنا أعرف هذه القصة حدثني بها أحد من يعرفه يعمل ممرضاً في أحد المستشفيات بمائة وخمسين ريالاً فجاء أحد المشايخ يراجع على المستشفى فسأله وجد عليه علامات النبوغ والجد وقال: لماذا أنت هنا؟ لماذا لا تدرس؟ قال: أعول أسرتي والدي متوفى قال كم راتبك؟ قال: راتبي مائة وخمسون ريالاً فقط في هذا المستشفى، قال: لو تأتي عندنا في المعهد العلمي نعطيك راتباً مائتين وعشرة في ذلك الوقت قال: والله فرصة تأتيني زيادة ستين ريالاً وأرتاح من العمل فترتين في المستشفى أعمل فترة واحدة وأيضاً أطلب العلم فدخل المعهد بنية زيادة الراتب فقط يريد زيادة الراتب لكن الله - عز وجل- حببه للعلم ووفقه الله - عز وجل- للجد في الطلب فصار من كبار العلماء الذين يشار إليهم وتأتي دروسهم في إذاعة القرآن ولو كان الأمر يسمح لصرحت باسمه لكن لا داعي إنما يكتفى بالعبرة في ذلك. أسأل الله للجميع التوفيق.
{تسأل: عن علاقة إتقان العمل بالإخلاص}
الإتقان لاشك أنه ثمرة ولازم من لوازم الإخلاص ودليل من الأدلة على أن الإنسان مخلص أنه يتقن العمل لذلك الله تعالى يقول: ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ [الملك: 2] والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) فينبغي لك أن تحرص وهذه -مع الأسف- نقصر فيها كثيراً تجد أننا نؤدي العمل لكن بارتجالية أو بنقص وإذا كان أحد ينظر إلينا أتقناه وإذا كان لا ينظر لا ينبغي أن تراقب الله - عز وجل- ومثلها تعرفون قصة المرأة التي تقول: إن كان عمر لا يرانا فإن رب عمر يرانا. والإنسان إنما يراقب الله - عز وجل- في أعماله فيتقن كل ما يطلب منه حتى وإن كان عملاً دنيوياً؛ لأن الإنسان إذا عمل العمل الدنيوي وابتغى به وجه الله - عز وجل- يؤجرعليه كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (حتى اللقمة يضعها الرجل في في امرأته يؤجر عليها) له به أجر وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- (إن رجلاً سقى كلباً) سقاية كلب، حيوان (أدخله الله بها الجنة ) والرجل الذي أماط الأذى عن الطريق( نحى عن الطريق شجرة فأدخله الله - عز وجل- بها الجنة) عمل اجتماعي محافظة على البيئة وحرص على النظافة فإذا عمل المسلم عملاً يبتغي به وجه الله - عز وجل- فالله - عز وجل- يحول -كما يقول الإمام ابن القيم- تحول العادات إلى عبادات. وهذا من توفيق الله - عز وجل- لعباده ومن يصطفيهم الله - عز وجل- للإخلاص. نسأل الله أن يجعلنا من المخلصين في أقوالنا وأعمالنا.
نسأل الله - عز وجل- أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح كما أني أشيد بتواصل الإخوة وكثرة أسئلتهم فإنه يدل على زيادة رغبتهم في التزود من العلم والاستفادة وهذه بلا شك أنها دليل على إخلاصهم ورغبتهم ومثل هذه الدروس من العلم الشرعي الذي يبتغى به وجه الله - عز وجل-
بالنسبة للأسئلة في الدرس القادم أطرح سؤالين أتمنى من الجميع أن يجيب عنهما:
السؤال الأول: من القائل:" ما عالجت شيئاً أشد علي من نيتي إنها تتقلب على" ؟
من أجل التيسر على الإخوة سأذكر ثلاثة أسماء ويختار أحدها:
وكيع ابن الجراح ــ سفيان الثوري ـــ ابن القيم
السؤال الثاني: اذكر آية قرآنية في الثناء على أحد الأنبياء بالإخلاص؟
يعني لا أريد آية مطلقاً في فضل الإخلاص عموماً إنما في ثناء الله -سبحانه وتعالى- على أحد أنبيائه بأنه كان مخلصاً.
هذا ما تيسر وأسأل الله - عز وجل- أن يوفقنا وإياكم جميعاً للإخلاص في أقوالنا وأعمالنا وأذكر الإخوة بأهمية هذا الموضوع والحرص على الاستفادة منه والاستزادة من الكتب العلمية فيه وهي بحمد الله كثيرة وأيضاً أوصيهم بالرجوع إلى كتاب: جامع العلوم والحكم شرح الحديث الأول. وكتاب: الآداب الشرعية لابن المفلح أيضاً شرح هذا الحديث، ومختصر منهاج القاصدين تكلم عنه ابن قدامة كلاماً نفيساً.
أسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2013-11-06, 04:10 AM
الصورة الرمزية أم معاوية
أم معاوية أم معاوية غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-11-21
المشاركات: 582
أم معاوية أم معاوية أم معاوية أم معاوية أم معاوية أم معاوية أم معاوية أم معاوية أم معاوية أم معاوية أم معاوية
افتراضي

نفع الله بكم شيخنا الفاضل .......
وجزاكم الله كل خير .
__________________
علم العليم وعقل العاقل اختـلفا *** أي الذي منهما قد أحـرز الشرفا
فالعلم قال أنا أحـــرزت غايته *** والعـقل قال أنا الرحمن بي عرفا
فأفصح العلم إفصـاحاً وقال لـه *** بــأينـا الله في فـرقانه اتصـفا
فبـان للعقــل أن العـلم سيده *** وقبل العقـل رأس العلم وانصرفا
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 شركة كشف تسربات المياه بالرياض   خدمة مكافحة النمل الأبيض   استئجار سيارة مع سائق في اسطنبول   تذاكر ارض الاساطير   رحلات سياحية في اسطنبول   رحلة سبانجا ومعشوقية   رحلة بورصة 
 شدات ببجي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   مجوهرات يلا لودو   شحن يلا لودو   ايتونز امريكي   بطاقات ايتونز امريكي   شدات ببجي تمارا   شدات ببجي اقساط 
 شركة تنظيف بخميس مشيط   yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   بث مباشر مباريات اليوم   Koora live   برنامج محاماة   معلم دهانات   تشليح   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج   تصليح غسالات اتوماتيك   شركة مكافحة حشرات   شركة عزل خزانات بجدة   يلا شوت   اهم مباريات اليوم   يلا شوت   شركة تنظيف منازل بالرياض   شراء اثاث مستعمل   شركة تنظيف منازل بالرياض   نقل عفش الكويت   زيادة متابعين تيك توك حقيقيين   ربح المال من الانترنت   دكتور جراحة مخ وأعصاب في القاهرة   يلا شوت   يلا شوت   يلا لايف   yalla shoot   شركة تنظيف في رأس الخيمة   شركة تنظيف في دبي 24 ساعة 
 شركة تنظيف مكيفات بجدة   عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   برنامج ادارة مطاعم فى السعودية   افضل برنامج كاشير سحابي   الفاتورة الإلكترونية فى السعودية   المنيو الالكترونى للمطاعم والكافيهات   افضل برنامج كاشير فى السعودية 

 الحلوى العمانية   Yalla shoot   اشتراك كاسبر الرسمي   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض   شركة حور كلين للتنظيف   شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض 
 تركيب مظلات حدائق   تركيب ساندوتش بانل 

 شركة تنظيف خزانات بجدة   شركة مكافحة حشرات بجدة 

 مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر 

 سباك شرق الرياض   شقق فندقية 

 شركة تنظيف مكيفات في الرياض   متجر نقتدي من المدينة المنورة   شركة تسليك مجاري  شركة صيانة افران بالرياض

 محامي السعودية   محامي في عمان الاردن 
 موقع الشعاع   بيت المعلومات   موقع فكرة   موقع شامل العرب   صقور الخليج   إنتظر 

 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة عزل اسطح بجدة   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 
معلوماتي || فور شباب ||| الحوار العربي ||| منتديات شباب الأمة ||| الأذكار ||| دليل السياح ||| تقنية تك ||| بروفيشنال برامج ||| موقع حياتها ||| طريق النجاح ||| شبكة زاد المتقين الإسلامية ||| موقع . كوم ||| شو ون شو

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية
Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd
الساعة الآن »05:45 PM.
راسل الإدارة -الحوار العربي - الأرشيف - الأعلى