منتدى السنة للحوار العربى
 
جديد المواضيع

 Online quran classes for kids 



العودة   منتدى السنة للحوار العربى > حوارات عامة > موضوعات عامة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2015-01-19, 07:20 AM
الصورة الرمزية غريب مسلم
غريب مسلم غريب مسلم غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-08
المشاركات: 710
غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم
افتراضي الضوابط الشرعية في الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- للشيخ فتحي الموصلي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

المقدّمة
إنّ الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومَن يُضلل؛ فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ] {آل عمران:102} .
[ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا] {النساء:1}
[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا, يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا] {الأحزاب:70-71} .
أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار , أما بعد:
فالمطلوب من العباد في كل وقت هو بناء الدعوة على أصول جامعة وكليات عامة، وتأسيس الأعمال على الإخلاص والاتباع ، والنهوض بأعباء الدين ببصيرة وعلو همة ، وهذا المطلوب هو عنوان الكرامة والظفر ورمز العزة والفخر؛ لاسيما إذا تعلّق الأمر بنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقيره ؛ إذ النُّصرة حقيقة جامعة لكل الوسائل والأسباب والأحوال المتاحة التي بها يتحقق الانتصار للنبي صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه ، وذلك بطاعة أمره، والسعي إلى نصرته وتعزيره، والجهاد عن دينه والذب عنه، وبيان ما أُرسل به من الحق. وهي - عند الحقيقة- علامةُ الحب الواجب ودليلُ الوفاء الصادق .
والمقصود المطلوب منها لا يتحقق إلا بالتعزير والتوقير معاً ؛ إذ التعزير اسم جامع للنّصرة ، والتوقير اسم جامع للتعظيم؛ كما قال تعالى: [لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا] {الفتح:9} ؛ والآية قد اشتملت – كما نصّ على ذلك أهل التفسير- على الحق المشترك بين الله وبين رسوله، وهو: الطاعة المستلزمة للإيمان، والحق المختص بالله، وهو: الخشية والتقوى، وبقي الحق الثالث المختص بالرسول، وهو التعزير والتوقير...
والنُّصرة الشرعية الممدوحة لا تتحقق - على أرض الواقع - إلا بوجود الضوابط الشرعية، والوقوف على المقاصد الدينية ، واستخراج الأحكام من الأدلة الصحيحة، واستظهار النتائج من المقدمات العلمية، والاتصاف بالتوسط الشرعي في الأقوال والأعمال ، وأن يكون التعامل مع الأحداث خارجاً مخرج الصدق والديانة والأمانة، وأن تعطى الشريعة حقها من الرعاية والصيانة. وهذا - في الواقع العملي والسلوك المنهجي – لا يكون إلاّ بإبراز مناهج العلماء في التأصيل، وإظهار طريقة أهل الحديث في التحقيق، ولزوم منهج الكبار في الاستقصاء والتحرير، وتغليب النفس العلمي في البيان والتقرير، وتعميم لغة الربانين في الخطاب والتوجيه.
من هنا صار الكلام في ضوابط الدفاع عن نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم- في وقتٍ تقهقرت فيه الثوابت وتكاثرت فيه المحن والنوازل وتُنوسيت عنده الأصول والقواعد - متعيّناً شرعاً ومطلوباً من باب أولى قبل الشروع بالنّصرة ؛ لهذا جاء ت هذه الدراسة – التي تكتب بقلم الشفقة على النفس والغير مما نسمع ونرى- تلبية ً لتلك المطالب ومشاركةً في إظهار تلك المقاصد مع اعتراف كاتبها بالنقص والتقصير .
وقد جعلت هذا الدراسة في مبحثين:
في المبحث الأول : تناولت جانب التأصيل الشرعي للدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن معرفة ضوابط الأشياء وشروطها وقيودها تتوقف دائما على معرفة تأصيلها الشرعي وتصورها العلمي .
أما في المبحث الثاني: فكان الكلام في الضوابط الشرعية للدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التفصيل.
والله أسأل ـ ربّ العرش الكريم ـ أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجه الكريم، وأن ينفع به المسلمين ، وأن يعين إخواننا على إبداء النصح والبيان، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كبيراً.
وكتب
أبو عبد الله فتحي بن عبد الله الموصلي
__________________
قال أبو قلابة: إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا وهات كتاب الله، فاعلم أنه ضال. رواه ابن سعد في الطبقات.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2015-01-19, 07:21 AM
الصورة الرمزية غريب مسلم
غريب مسلم غريب مسلم غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-08
المشاركات: 710
غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم
افتراضي

المبحث الأول
التأصيل الشرعي والتكييف الفقهي للنّصرة

في هذا المبحث نشير إلى الجوانب التأصيلية للدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأهمها:
أولاً: الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- داخل في حفظ ضرورات الدين .
الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والانتصار له بكل وسيلة شرعية من ضرورات الدين وقواعد الملة وكليات الشرع ؛ فلا يُحفظ الدين بمجرّد الإيمان بهذا الرسول واتباعه اتباعاً مجرّدا عن تعزيره ونصرته وتوقيره والذّب عنه وعن سنته -صلى الله عليه وسلم- ؛ لهذا جاء ذكر النّصرة في القرآن في سياق بيان ضرورات الدين وكلياته ؛ كما قال تعالى : [الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ] {الأعراف:157} , وقد أخذ الله من النبيين الميثاق بالدفاع عن هذا الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- ؛ فقال تعالى: [وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ] {آل عمران:81} .
قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله - :" يخبر تعالى أنه أخذ ميثاق كل نبي بعثه من لدن آدم -عليه السلام-، إلى عيسى -عليه السلام- ، لما أتى الله أحدَهم من كتاب وحكمة، وبلغ أيّ مبلَغ، ثم جاءه رسول من بعده، ليؤمنَنَّ به ولينصرَنَّه، ولا يمنعه ما هو فيه من العلم والنبوة من اتباع من بعث بعده ونصرته" ([1]).
لهذا كان عدم توقير النبي وترك احترامه وعدم مراعاة حقوقه قدحاً في الدين وتضييعاً للمصالح الكلية؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله –:" أما انتهاك عرض رسول الله فانه منافٍ لدين الله بالكلية ؛ فان العِرض متى انتهك سقط الاحترام والتعظيم فسقط ما جاء به من الرساله فبطل الدين ؛ فقيام المدحة والثناء عليه والتعظيم والتوقير له قيام الدين كله، وسقوط ذلك سقوط الدين كله ، وإذا كان كذلك وجب علينا أن ننتصر له ممن انتهك عرضه " ([2]) .
ولأجل مراعاة ضرورات الدين اعتبر الشرع الحنيف أي نوع من أنواع انتقاص النبي -صلى الله عليه وسلم- نازلة جسيمة يجب إلحاقها بأشدّ المحرمات وأعلى الجنايات لما اشتملت عليه من المفاسد العظيمة والأضرار الكبيرة على الإسلام وأهله ؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - أيضا- :" لو نزلت بنا نازلة السب وليس معنا فيها أثر يتبع ثم استراب مستريب في أن الواجب إلحقها بأعلى الجنايات لما عدّ من بصراء الفقهاء؛ ومثل هذه المصلحة ليست مرسلة بحيث أن لا يشهد لها الشرع بالاعتبار فإذا فرض أنه ليس لها أصل خاص يلحق به ولا بد من الحكم فيها فيجب أن يحكم فيها بما هو أشبه بالأصول الكلية ، وإذا لم يعمل بالمصلحة لزم العمل بالمفسدة ، والله لايحبّ الفساد" ([3]).
وقد أنكر الله تعالى على أهل الكتاب أشدّ الإنكار ووبخهم لما امتنعوا عن الانتصار لرسلهم في حال الضرورة والحاجة؛ فقال تعالى: [ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ] {المائدة:24} .
قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله -:" فما أشنع هذا الكلام منهم, ومواجهتهم به لنبيهم في هذا المقام الحرج الضيق, الذي قد دعت الحاجة والضرورة فيه إلى نصرة نبيهم, وإعزاز أنفسهم. وبهذا وأمثاله, يظهر التفاوت بين سائر الأمم, وأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث قال الصحابة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين شاورهم في القتال يوم بدر مع أنه لم يحتم عليهم: يا رسول الله, لو خضت بنا هذا البحر, لخضناه معك, ولو بلغت بنا برك الغماد, ما تخلف عنك أحد. ولا نقول كما قال قوم موسى لموسى [فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ] , ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون, من بين يديك ومن خلفك, وعن يمينك, وعن يسارك"([4]).
ومن شرط الإيمان بالشيء الدفاع عنه والثبات عليه ؛ كما قال تعالى: [ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ] {آل عمران:146}.
قال أبو جعفر الطبري -رحمه الله -:" هلا فعلتم كما كان أهل الفضل والعلم من أتباع الأنبياء قبلكم يفعلونه إذا قتل نبيهم - من المضي على منهاج نبيهم، والقتال على دينه أعداءَ دين الله، على نحو ما كانوا يقاتلون مع نبيهم - ولم تهنوا ولم تضعفوا، كما لم يضعف الذين كانوا قبلكم من أهل العلم والبصائر من أتباع الأنبياء إذا قتل نبيهم، ولكنهم صَبروا لأعدائهم حتى حكم الله بينهم وبينهم"( [5]).
__________________
قال أبو قلابة: إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا وهات كتاب الله، فاعلم أنه ضال. رواه ابن سعد في الطبقات.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2015-01-19, 07:22 AM
الصورة الرمزية غريب مسلم
غريب مسلم غريب مسلم غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-08
المشاركات: 710
غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم
افتراضي

ثانياً: الانتصار للنبي -صلى الله عليه وسلم- حكم شرعي يوجد عند وجود سببه وتحقق شرطه وانتفاء مانعه.
الإذن بالدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حكم شرعي له أسبابه وشروطه وموانعه؛ وهو على أنواع وصور، وله وسائل ومقاصد، وجميعه داخل في معنى الحكم الشرعي ؛ فإذا وجد ما يقتضي الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لكنّ المانع كان أقوى وأولى اعتباراً -كما سنبينها في مبحث الضوابط الشرعية - ؛ يكون الإمساك عن الدفع متعيّناً والاحتياط في التوقف أولى وأحرى؛ ويدفع المؤمن وقتئذٍ عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالقلوب الصادقة والأعمال الصالحة والأدعية الخالصة؛ إذ الأحكام الشرعية للنّصرة تتنوع بتنوع المصالح والأحوال والأوقات، وهي تقبل التفاوت والتبعيض والانقسام، ويشتغل الموفق في كل وقت بما هو واجب ذلك الوقت.
ومن الأدلة على اعتبار الأسباب والشروط وزوال الموانع عند الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما روى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- : قال : «لما كان يومُ حُنين آثرَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ناساً في القسمة ، فأعطى الأقْرَعَ بن حابِس مائة من الإِبل ، وأعطى عُيينةَ بنَ حِصن مثل ذلك ، وأعطى ناسا من أشراف العرب ، وآثَرَهم يومئذ في القسمة ، فقال رجل : [والله إن هذه لَقِسمَة ما عُدِلَ فيها ، ولا أُرِيدَ فيها وجهُ الله ، قال : فقلتُ : والله لأُخْبِرنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال : فأتَيتُهُ فأخبرتُهُ بما قال ، فتغير وجهه،حتى كان كالصِّرْف ، ثم قال : فمن يَعدلُ إِذا لم يعدل الله ورسولُهُ ؟ ثم قال : يرحم الله موسى ، قد أُوذِيَ بأكثر من هذا فَصَبَرَ ، قلتُ : لا جرم ، لا أَرفع إِليه بعدَها حديثا] ([6]).
قال النووي - رحمه الله تعالى - :" فلعله -صلى الله عليه وسلم- لم يعاقب هذا القائل لأنه لم يثبت عليه ذلك وانما نقله عنه واحد وشهادة الواحد لا يراق بها الدم .
قال القاضي هذا التأويل باطل يدفعه قوله : (اعدل يا محمد , واتق الله يا محمد) , وخاطبه خطاب المواجهة بحضرة الملأ حتى استأذن عمر وخالدٌ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- في قتله فقال معاذ الله أن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه فهذه هي العلة" ([7]).
أي: هذا من قبيل التعليل بالمانع ؛ فإن المقتضي للعقوبة قائم لكن قد قام مانع يمنع الحكم ؛ وقد تكرر هذا المعنى – أيضاً- في قصة عبد الله بن أبي سلول لما قال : (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) ؛ فقال عمر -رضي الله عنه-: (ألا نقتل يا رسول الله هذا الخبيث ؟) ؛ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : [لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه] ([8]).
__________________
قال أبو قلابة: إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا وهات كتاب الله، فاعلم أنه ضال. رواه ابن سعد في الطبقات.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2015-01-19, 07:22 AM
الصورة الرمزية غريب مسلم
غريب مسلم غريب مسلم غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-08
المشاركات: 710
غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم
افتراضي

ثالثا: الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نوع من أنواع الجهاد في سبيل الله -تعالى-:
يجزم من له نظر في أدلة الشريعة ومواردها أن الجهاد جنس تحته أنواع؛ وهو كلمة جامعة لاستفراغ الوسع في مدافعة العدو وهو ثلاثة أضرب: مجاهدة العدو الظاهر كالكفار؛ ومجاهدة الشيطان؛ومجاهدة النفس ([9]).
ويدخل الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بأي وسيلة شرعية كانت في الجهاد الشرعي ، بل هو من أعظم أنواعه وأشرف صوره؛ فالمدافع مجاهد في سبيل الله؛ وقد قال تعالى: [ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ] {الحديد:25} ؛ فالآية صريحة في بيان أن من مقاصد الجهاد وإنزال الحديد نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- .
قال ابن كثير - رحمه الله- في تفسيرها:" وقوله: [وَأَنزلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ] أي: وجعلنا الحديد رادعًا لمن أبى الحق وعانده بعد قيام الحجة عليه؛ ولهذا أقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة توحى إليه السور المكية، وكلها جدال مع المشركين، وبيان وإيضاح للتوحيد، وتبيان ودلائل، فلما قامت الحجة على من خالف شرع الله الهجرة، وأمرهم بالقتال بالسيوف، وضرب الرقاب والهام لمن خالف القرآن وكذب به وعانده... وقوله: [وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ] أي: من نيته في حمل السلاح نصرة الله ورسله، [إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ] أي: هو قوي عزيز، ينصر من نصره من غير احتياج منه إلى الناس، وإنما شرع الجهاد ليبلو بعضكم ببعض" ([10]).
لهذا قرنت الآيات القرآنية بين الجهاد والنُّصرة في غير موضع؛ كما قال تعالى: [ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ] {الأنفال:74} .
قال الشنقيطي- رحمه الله- في تفسيرها:" فذكر المهاجرين بالجهاد بالمال والنفس ، وذكر معهم الأنصار بالإيواء والنصر ، ووصف الفريقين معاً بولاية بعضهم لبعض ، وأثبت لهم معاً حقيقة الإيمان [أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا] ، أي الصادقون في إيمانهم فاستوى الأنصار مع المهاجرين في عامل النصرة وفي صدق الإيمان" ([11]).
والجهاد في نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- لا سيما عند تكالب الأعداء والمنافقين على النيل منه ومن سنته درجة عظيمة ومنزلة كبيرة ؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" إن نصر رسول الله فرض علينا ؛لأنه من التعزير المفروض ؛ ولأنه من أعظم الجهاد في سبيل الله، ولذلك قال سبحانه [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ] {التوبة:38} الى قوله [إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ] {التوبة:40} وقال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ] {الصَّف:14} الاية؛ بل نصر أحاد المسلمين واجب بقوله: [انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً] ([12]) , وبقوله: [المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه] ([13]) ؛ فكيف بنصر رسول الله ومن أعظم النصر حماية عرضه ممن يؤذيه:" ([14]).
__________________
قال أبو قلابة: إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا وهات كتاب الله، فاعلم أنه ضال. رواه ابن سعد في الطبقات.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2015-01-19, 07:23 AM
الصورة الرمزية غريب مسلم
غريب مسلم غريب مسلم غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-08
المشاركات: 710
غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم
افتراضي

رابعاً: التفاضل بين أهل الإيمان يكون تارة بالهجرة ، وتارة أخرى بالنّصرة .
للعبد من الفضل والشرف بحسب نصرته للنبي -صلى الله عليه وسلم- ؛ فالتفاوت في مضمار السباق بين المؤمنين يكون بالسبق إلى النُّصرة ؛ ولا يتقدم عليها شيء إلا إذا اقترنت بها الهجرة ؛ كما قال تعالى: [ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا] {الأنفال:72}.
وقد جعلت النصوص الشرعية تكميل الإيمان وتحصيل المحاسن والفضائل بالسبق إلى الهجرة والنُّصرة معاً، قال تعالى: [ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ] {التوبة:100} .
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما - : أَنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال يوم الفتح :[لا هجرة بعد الفتح ،ولكن جِهادٌ ونيّةٌ ، وإذا اْستُنْفِرْ تُم فاْنِفِرُوا] ([15]).
ومعنى: الاستنفار : الاستنجاد والاستنصار : أي إذا طلب منكم النُّصرة فأجيبوا وانفروا خارجين إلى الإعانة . ونفير القوم : جماعتهم الذين ينفرون في الأمر ([16]).
وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال : (خيرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين الهجرة والنصرة فاخترت النُّصرة) ([17]).
قال أبو جعفر الطحاوي – بعد أن ساق الحديث بسنده-:" وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو اختار لنفسه النُّصرة وترك الهجرة صار الناس جميعاً أنصاراً ، ولم يبق أحد منهم مهاجراً ، فلم يجعل نفسه من الأنصار لتبقى الهجرة ولتبقى النصرة جميعاً" ([18]).
وقد كان تفضيل بعض الصحابة على بعض على أساس النُّصرة ؛ يقول ابن القيم في تفضيل خديجة -رضي الله عنها- :" واختلف في تفضيلها على عائشة -رضي الله عنها- على ثلاثة أقوال ثالثها الوقف ؛ وسألت شيخنا ابن تيمية رحمه الله فقال : اختص كل واحدة منها بخاصة فخديجة كان تأثيرها في أول الإسلام وكانت تسلي رسول الله وتثبته وتسكنه وتبذل دونه مالها فأدركت عزة الإسلام واحتملت الأذى في الله وفي رسوله وكانت نصرتها للرسول في أعظم أوقات الحاجة فلها من النصرة والبذل ما ليس لغيرها ، وعائشة -رضي الله عنها- تأثيرها في آخر الإسلام فلها من التفقه في الدين وتبليغه إلى الأمة وانتفاع نبيها بما أدت إليهم من العلم ما ليس لغيرها هذا معنى كلامه " ([19]).
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكافئ من نصره ولو كان كافراً كما جاء في السيرة؛ فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما انصرف عن أهل الطائف ولم يجيبوه إلى ما دعاهم إليه من تصديقه، بعث إلى المطعم بن عدي فأجابه على ذلك ثم تسلح المطعم وأهل بيته وخرجوا حتى أتوا المسجد، ثم بعث إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ادخل؛ فدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فطاف بالبيت وصلى عنده، ثم انصرف إلى منزله.
وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الفعل كما أخرج البخاري عن محمد بن جبير عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في أسارى بدر: [لو كان المطعم بن عدي حيًا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له] ([20]).
وقد دلّ هذا الحديث على ثلاث فوائد :
أولها: جواز الدخول في جوار الكافر عند الحاجة.
الثانية: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكافئ المحسن إليه بإحسانه، وإن كان كافرًا([21]).
الفائدة الثالثة : أن نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- من الإحسان الذي يحفظ للكافر ويكافأ عليه.
ومن هذا النوع من الإحسان ـ أيضًا ـ تخفيف العذاب الأُخروي على الكافر بسبب نصرته للنبي -صلى الله عليه وسلم- ومعونته للدين؛ كما جاء في حديث العباس بن عبد المطلب –رضي الله عنه- قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: [ما أغنيت عن عمك؛ فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار] ([22]).
__________________
قال أبو قلابة: إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا وهات كتاب الله، فاعلم أنه ضال. رواه ابن سعد في الطبقات.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 2015-01-19, 07:24 AM
الصورة الرمزية غريب مسلم
غريب مسلم غريب مسلم غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-08
المشاركات: 710
غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم
افتراضي

خامساً: الانصراف عن نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- مع القدرة التامة شعبة من النفاق.
الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ونصرة ما جاء به من الحقّ علامة على صدق الإيمان والبراءة من النفاق ودلالة على المحبة الصادقة ؛ فليس بمحبٍ على الحقيقة من يتمكن من نصرة محبوبه ثم لا ينصره ولا يتأذى مما يتأذى منه ؛ لهذا كانت نصرة الله ورسوله شرطاً في الإيمان وطريقاً لبلوغ الصديقية ؛ كما قال تعالى: [ لِلْفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ] {الحشر:8} .
والصديق لا يكون متحقّقا بالصديقية إلا بالنُّصرة والمدافعة؛ لهذا كان السابقون الأولون عريقين في الصديقية قاموا بأعبائها والتزموا بلوازمها ؛ فنصروا نبيهم بكل ما يمكن شرعاً أن يبذل للمحبوب المتبوع؛ فهذا صديق الأمة أبو بكر -رضي الله عنه- قد كمّل مرتبة الصديقية بالنُّصرة والهجرة ؛ كما في حديث عروة بن الزبير قال: [سألت ابن عمرو بن العاص أخبرني بأشدّ شيء صنعه المشركون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- , قال بينا النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في حجر الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ] {غافر:28} الآية]([23]).
وقد كانت صحبة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- للنبي -صلى الله عليه وسلم- صحبة نصرة وهجرة معاً من أول الدعوة إلى آخرها ؛ كما قال تعالى: [ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] {التوبة:40} .
وما نال الأنصار من الفضل والسبق والبراءة من النفاق إلا بصدق محبتهم لنبيهم وقوة نصرتهم له بالمال والنفس والعيال والديار؛ فقد بذلوا كل نفيس في سبيل نصرته وتعزيره؛ لذلك جاء عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في الأنصار: [لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منا فق من أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله] ([24]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – شارحا هذا الحديث- :" وإنما خصّ الأنصار -والله أعلم- لأنهم هم الذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبل المهاجرين , وآووا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- , ونصروه , ومنعوه , وبذلوا في إقامة الدين النفوس والأموال , وعادوا الأحمر والأسود من أجله , وآووا المهاجرين , وواسوهم في الأموال وكان المهاجرون إذ ذاك قليلاً غرباء فقراء مستضعفين، ومن عرف السيرة وأيام رسول الله عليه الصلاة والسلام وما قاموا به من الأمر ثم كان مؤمنا يحب الله ورسوله لم يملك أن لا يحبهم كما أن المنافق لا يملك أن لا يبغضهم وأراد بذلك ـ والله أعلم ـ أن يعرف الناس قدر الأنصار لعلمه بأن الناس يكثرون والأنصار يقلون وأن الأمر سيكون في المهاجرين فمن شارك الأنصار في نصر الله ورسوله بما أمكنه فهو شريكهم في الحقيقة كما قال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللهِ] {الصَّف:14} ؛ فبغض من نصر الله ورسوله من أصحابه نفاق"([25]).
أما وقد تقرر أن نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- هي من موجب محبته ومقتضاها؛ فإن الانصراف عن نصرته مع القدرة التامة يعدّ شعبة من النفاق ؛ إذ لو ثبتت المحبة واستقرت في القلب فلا بد من النّصرة ولو بالقلب عند العجز عن نصرته بالقول والفعل، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية _ أيضا- :" فمن لم يكن فيه داعٍ إلى الجهاد فلم يأت بالمحبة الواجبة قطعاً كان فيه نفاق؛ كما قال تعالى: [إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ] {الحجرات:15} , وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي أنه قال من [مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات علي شعبة من نفاق] ([26]) ، وكذلك جمع بينهما في قوله تعالى: [أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسْجِدِ الحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ , الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ , يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ , خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ] {التوبة:19-22} ... ؛ فالجهاد في سبيل الله تعالى من الجهد وهي المغالبة في سبيل الله بكمال القدرة والطاقة فيتضمن شيئين:
أحدهما: استفراغ الوسع والطاقة .
والثاني: أن يكون ذلك في تحصيل محبوبات الله ودفع مكروهاته " ([27]).
__________________
قال أبو قلابة: إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا وهات كتاب الله، فاعلم أنه ضال. رواه ابن سعد في الطبقات.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 2015-01-19, 07:24 AM
الصورة الرمزية غريب مسلم
غريب مسلم غريب مسلم غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-08
المشاركات: 710
غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم
افتراضي

المبحث الثاني
ضوابط الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم-

وأشير هنا إلى أهم هذه الضوابط، وهي:
الضابط الأول: الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يناط بالاستطاعة الشّرعية؛ إذ لا واجب مع العجز .
قد تقرر في الشريعة أن التكاليف الشرعية مشروطة بشروط من أهمها توفر القدرة والاستطاعة؛ فما أوجبته الشريعة من الأحكام وما شرعته من الواجبات وما جعلته شرطًا أو ركنًا فيها، فهو منوط بالاستطاعة، فلا تكليف مع العجز.
والمراد من الاستطاعة التي تكون شرطًا في التكليف، هي الاستطاعة الشرعية التي يحصل بها الفعل من غير مضرّة أو مفسدة؛ لأن الشريعة لا تنظر إلى إمكان الفعل فحسب، بل إلى إمكان الفعل مع لوازمه؛ فإنْ لم يمكن للمكلف أن يفعل الفعل إلا مع مضرّة راجحة، فهو عندئذ لا يكون ـ على الحقيقة ـ قادرًا ولا مستطيعًا؛ فقد راعت الأحكام الشرعية التمكن من الفعل، وكون الفعل خاليًا من المفسدة الراجحة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالشرع لا ينظر في الاستطاعة الشرعية، إلى مجرد إمكان الفعل، بل ينظر إلى لوازم ذلك، فإذا كان الفعل ممكنا مع المفسدة الراجحة لم تكن هذه استطاعة شرعية" ([28]).
فعلى هذا التأصيل، لا يكون الجهاد واجبًا، إذا كان بالإمكان الدفع والمقاتلة لكن مع المفسدة الراجحة؛ إذ لا يجب الجهاد إلا بالتمكن من القتال أولًا ، ورجحان مصلحة القتال على عدمه ثانيًا، وقد كان المسلمون يأتون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من بين مضروب ومشجوج يتظلمون إليه، ويستأذنونه بالدفع مع إمكان القتال، فيقول لهم [اصبروا فإني لم أؤمر بالقتال] ([29]).
فالانتصار للنبي -صلى الله عليه وسلم- تكليف شرعي وواجب ديني يناط بالاستطاعة الشرعيّة، فقد يسوغ للعبد أن يكتمه تارة ويظهره تارة أخرى، بحسب حال القوة والضعف، وبحسب استطاعته الشرعية ورجحان المصلحة على المفسدة، وقد جاء تأصيل هذا الضابط في القرآن الكريم، قال تعالى: [ وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ] {غافر:28} .
فهذا الرجل المؤمن قد كتم إيمانه لكنه لم يكتم نصيحته وبيانه للحق إذ كان قادرًا عليه؛ فكتم إيمانه وهجرته، ولم يكتم نصرته، كما كان النّجاشي -رضي الله عنه- يكتم إيمانه وهجرته، ويظهر نصرته للمؤمنين الذين هاجروا إليه.
والعبد قد يظهر إيمانه ولكن قد يكون عاجزاً عن نصرة أهل الإيمان بالقول أو باليد؛ فيكتفي بنصرة القلب وإنكاره، وهذا من أضعف الإيمان، ومثال هذا النوع من الكتمان ما جاء عن ابن مسعود –رضي الله عنه- أنه قال: [ بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس وقد نحرت جزور بالأمس، فقال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا جزور بني فلان فيأخذه فيضل في كتفي محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم فأخذه فلما سجد النبي -صلى الله عليه وسلم- وضعه بين كتفيه، قال: فاستضحكوا، وجعل بعضهم يميل على بعض وأنا قائم انظر لو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-] ([30]).
فابن مسعود –رضي الله عنه- كان عاجزًا عن طرح الأذى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فكتم نصرته لعجزه، قال النووي رحمه الله عند شرح قوله: [لو كانت لي منعة طرحته] "أي: لو كان لي قوة تمنع أذاهم، أو كان لي عشيرة بمكة تمنعني" ([31]).
فاعتذر لكتمانه أنه كان هذليّاً حليفاً وكان حلفاؤه إذ ذاك كفاراً.
ولما وضع عقبة بن أبي معيط رداءه في عنق النبي -صلى الله عليه وسلم- فخنقه خنقًا شديدًا جاء أبو بكر –رضي الله عنه- فدفعه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ) أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ ( ([32]).
فأبو بكر –رضي الله عنه- أظهر النصرة لقدرته، وابن مسعود –رضي الله عنه- كتمها لعجزه، وفي موضع آخر، صدع ابن مسعود بتلاوة القرآن أمام الملأ حتى ضرب، فهذا يدل على أن أفعال الصحابة كانت تدور مع مقاصد الدين ومصالح الشرع لا مع الرأي والهوى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وفرق بين الكذب وبين الكتمان: فكتمان ما في النفس يستعمله المؤمن حيث يعذره الله في الإظهار كمؤمن آل فرعون، وأما الذي يتكلم بالكفر فلا يعذره، إلا إذا أكره والمنافق الكذاب لا يعذر بحال، ولكن في المعاريض مندوحة عن الكذب.
ثم ذلك المؤمن الذي يكتم إيمانه يكون بين الكفار الذين لا يعلمون دينه، وهو مع هذا مؤمن عندهم، يحبونه ويكرمونه؛ لأن الإيمان الذي في قلبه يوجب أن يعاملهم بالصدق والأمانة والنصح وإرادة الخير بهم، وإن لم يكن موافقا لهم على دينهم، كما كان يوسف الصديق –عليه السلام- يسير في أهل مصر -وكانوا كفارا-، وكما كان مؤمن آل فرعون يكتم إيمانه ومع هذا كان يعظم موسى ويقول: ) أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ ( "([33]).
وإذا كانت النُّصرة للنبي -صلى الله عليه وسلم- قد أُنيطت في جميع أنواعها وصورها بالقدرة – والقدرة لا تكون شرعيةً إلا بإمكان الفعل مع رجحان المصلحة- فإن أصحاب النبي وأنصاره بمكة كانوا يرون أنواع الاعتداء والأذى يصيب نبيهم ، وهم مع ذلك كانوا عاجزين عن نصرته بالدفع والفعل واكتفوا بأدنى مراتب الإنكار؛ إذ النصرة والإعانة والمدافعة أحكام مقيدة بالشرع ؛ ففَعَل الصحابة -رضي الله عنهم- في كل وقت ما هو واجب ذلك الوقت؛ فامتثلوا أوامر الله تعالى بالصبر كما امثلوا أوامره بالدفع؛ فإن الوقت إمّا أن يكون وقت سعة واختيار، وإمّا أنْ يكون وقت ضيق واضطرار، والحال إمّا أن يكون حال قوة وتمكين، وإمّا أنْ يكون حال عجز واستضعاف، والعبد يفعل ما أمر به في كل وقت بحسب الإمكان، فتكون ثمرة الفهم الصحيح للاستطاعة، هي ملازمة الطاعة في سائر الأحوال، والاستقامة على محض العبودية، والقيام بوظيفة الوقت، لذلك كان غذاء الصحابة الروحي ومعيشتهم التربوية – بمكة- على هذه المعاني العظيمة التي دلت عليها آية من سورة مكية ؛ كما قال تعالى: [ فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ] {التغابن:16} ؛ فتأمل تقديم الأمر بالتقوى بقيد الاستطاعة على الأمر بالسمع والطاعة والإنفاق، كما قال قتادة -رحمه الله- في تفسير الآية: (فيما استطعت يا ابن آدم، عليها بايع رسول الله r على السمع والطاعة فيما استطعتم ) ([34]).
ويشير قتادة رحمه الله إلى حديث ابن عمر -رضي الله عنه-ما قال: [كنّا إذا بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة، يقول لنا: فيما استطعتم] ([35]).
لذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" وصارت تلك الآيات في حق كل مؤمن مستضعف لا يمكنه نصر الله ورسوله بيده ولا بلسانه فينتصر بما يقدر عليه من القلب ونحوه ، وصارت آية الصغار على المعاهدين في حق كل مؤمن قوي يقدر على نصر الله ورسوله بيده أو لسانه وبهذه الآية ونحوها كان المسلمون يعملون في أخر عمر رسول الله وعلى عهده خلفائه الراشدين ، وكذلك هو إلى قيام الساعة لاتزال طائفة من هذه الامة قائمين على الحق ينصرون الله ورسوله النصر التام ؛ فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف أو في وقت هو فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين، وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين" ([36]).
__________________
قال أبو قلابة: إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا وهات كتاب الله، فاعلم أنه ضال. رواه ابن سعد في الطبقات.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 2015-01-19, 07:25 AM
الصورة الرمزية غريب مسلم
غريب مسلم غريب مسلم غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-08
المشاركات: 710
غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم
افتراضي

الضابط الثاني: أن تقع النُّصرة بطرق شرعية ووسائل مجدية موصلة إلى الأغراض الشرعية.
إن النُّصرة المعتبرة – شرعاً- والغالبة – قدراً- هي التي تقوم بالشجاعة الإيمانية لا بالاندفاعات العاطفية، وبالغيرة الشرعية لا بالانفعالات النفسية ، وبالحمية الإسلامية لا بالحمية الجاهلية، وبالوسائل الشرعية لا بالطرق البدعية، وبالآداب الحميدة لا بالأخلاق الذميمة، وهي التي تصان بوصايا الأنبياء لا بوساوس الشيطان، وتدوم بالسياسات العادلة لا بالسياسات الجائرة ، وهي التي توجه بنصائح العلماء لا بتوجيهات الدخلاء ، ووهي التي تقرر في مجالس الحكماء لا في مجامع الغوغاء... فهي نصرة شرعية جامعة بين الوسائل النافعة والمقاصد السامية بلا إفراط ولا تفريط .
ومن المعلوم أنه لم يكن دفع المؤمنين عن نبيهم -صلى الله عليه وسلم- في وقت البعثة النبوية- قائماً على مبدأ الاستئصال والانتقام؛ بل كان دفع حرص ورغبة وطمع في إيمان أولئك الكفار المعتدين من جهة، ودفع شرهم عن الإسلام وأهله بحسب الإمكان من جهة أخرى؛ فدفعوا بالتي هي أحسن إلى التي هي أقوم ؛ وقد أمر الله تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- بذلك ؛ فقال تعالى في آية مكية: [ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ] {المؤمنون:96} ؛ قال ابن كثير رحمه الله: "ثم قال مرشدًا له إلى التِّرْياق النافع في مخالطة الناس، وهو الإحسان إلى من يسيء، ليستجلب خاطره، فتعود عداوته صداقة وبغضه محبة"([37]).
وقال تعالى –أيضاً-: [ وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ] {فصِّلت:34} .
قال الرازي رحمه الله: "يعني ادفع سفاهتهم وجهالتهم بالطريق الذي هو أحسن الطرق؛ فإنك إذا صبرت على سوء أخلاقهم مرة بعد أخرى ، ولم تقابل سفاهتهم بالغضب ولا إضرارهم بالإيذاء والإيحاش استحيوا من تلك الأخلاق المذمومة وتركوا تلك الأفعال القبيحة" ([38]).
ولم يقف الأمر بالنسبة إلى معاملة المشركين عند الدفع بالتي هي أحسن؛ بل كان دفع النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم دفع من يريد أن يعود إليهم؛ لهذا أظهرت الآية المصلحة من المدافعة بالحسنى: ﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ ؛ أي : يتحول العدو إلى وليِّ صديق.
وهذا المعنى ظاهر في آية مكية أخرى؛ كما قال تعالى: [ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا] {المزمل:10} ، والهجر في الآية: "هو الهجر حيث اقتضت المصلحة الهجر الذي لا أذية فيه، فيقابلهم بالهجر والإعراض عنهم وعن أقوالهم التي تؤذيه، وأمره بجدالهم بالتي هي أحسن"([39]).
وقد فسّر الشيخ عبد الرحمن حبنّكة الميداني الهجر الجميل؛ فقال: "والهجر الجميل هو الهجر الذي لم يقترن بغضب ولا مخاصمة ولا عتاب، فهو هجرُ الراغب في العودة إلى المهجورين، الحريص على خيرهم ونجاتهم وسعادتهم، ودخولهم في عباد الله الصالحين" ([40]).
وقد تكرّر هذا المعنى في السور المدنية؛ فقال تعالى: [ عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ] {الممتحنة:7} .
وجاء هذا المعنى في السّنة النبوية – أيضا- ؛ كما في حديث رجوع النبي -صلى الله عليه وسلم- من الطائف، وقال له ملك الجبال: [إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا] ([41])، وقد دخل كثير من الناس في الإسلام ممن شملهم رجاء النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فكانوا بمكة مدفوعين، وبالمدينة يدفع الله بهم الكفار.
إذن ؛ فيجب أن تكون وسائل النصرة شرعية ومتفقة مع أحكام الشريعة ومنسجمة معها وبعيدة كل البعد عن الحرام والشبهة ، وأن تندرج هذه الوسائل تحت معاني كتاب الله تعالى وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وما أُثر عن سلف الأمة؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد ؛ فالوسيلة إلى أفضل قصد هي أفضل الوسائل وأنفعها؛ يقول العز ابن عبد السلام – رحمه الله - :" وكلما قويت الوسيلة في الأداء إلى المصلحة، كان أجرها أعظم من أجر ما نقص عنها، فتبليغ رسالات الله من أفضل الوسائل، لأدائه إلى جلب كل صلاح دعت إليه الرسل، وإلى درء كل فاسد زجرت عنه الرسل، والإنذار وسيلة إلى درء مفاسد الكفر والعصيان، والتبشير وسيلة إلى جلب مصالح الطاعة والإيمان. وكذلك المدح والذم، وكذلك الأمر بالمعروف وسيلة إلى تحصيل ذلك المعروف المأمور به، رتبته في الفضل والثواب مبنية على رتبة مصلحة الفعل المأمور به في باب المصالح، فالأمر بالإيمان أفضل أنواع الأمر بالمعروف" ([42]).
ولا يمنع أن يتوصل المؤمن إلى النُّصرة الشرعية ببعض الأمور والأسباب الدقيقة اللطيفة ؛ كالكيد الممدوح الذي لا تستحل به الحرمات ولا تسقط به الواجبات ؛ فهذا النوع ونحوه جائز شرعاً في بعض الأوقات ؛ لكن لا يصار إليه إلا بعد أخذ توقيع العلماء الربانين عليه حتى لا يكون ذريعة إلى الإفساد في الدين .
يقول ابن القيم - رحمه الله- :" فالطرق التي تتضمن نفع المسلمين والذب عن الدين ونصر المظلومين وإغاثة الملهوفين ومعارضة المحتالين بالباطل ليدحضوا به الحق من أنفع الطرق وأجلها علما وعملا وتعليما ؛ فيجوز للرجل أن يظهر قولاً أو فعلاً مقصوده به مقصود صالح وإن ظن الناس أنه قصد به غير ما قصد به إذا كان فيه مصلحة دينية مثل دفع ظلم عن نفسه أو عن مسلم أو معاهد أو نصرة حق أو إبطال باطل من حيلة محرمة أو غيرها أو دفع الكفار عن المسلمين أو التوصل إلى تنفيذ أمر الله تعالى ورسوله ؛ فكل هذه طرق جائزة أو مستحبة أو واجبة .
وإنما المحرم أن يقصد بالعقود الشرعية غير ما شرعت له فيصير مخادعا لله فهذا مخادع لله ورسوله وذلك مخادع للكفار والفجار والظلمة وأرباب المكر والاحتيال فبين هذا الخداع وذاك الخداع من الفرق كما بين البر والإثم والعدل والظلم والطاعة والمعصية ؛ فأين من قصده إظهار دين الله تعالى ونصر المظلوم وكسر الظالم إلى من قصده ضد ذلك؟" ([43]).
وهاهنا تنبيه : وهو أنه إذا كانت نتيجة الانتصار معدومة أو ضعيفة ؛ فمن العبث الكلام في وسائلها وطرقها ؛ لأن الوسيلة إذا لم تفضِ إلى مقاصدها سقط اعتبارها؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :" وإذا كان المقصود لا يحصل منه شيء لم يكن بنا حاجة إلى إثبات الوسيلة ؛ لأن الوسائل لا تُراد إلا لمقاصدها ، فإذا جزمنا بانتفاء المقاصد كان الكلام في الوسيلة من السعي الفاسد، وكان هذا بمنزلة من يقول الناس يحتاجون إلى من يطعمهم ويسقيهم وينبغي أن يكون الطعام صفته كذا، والشراب صفته كذا، وهذا عند الطائفة الفلانية، وتلك الطائفة قد عُلم أنها من أفقر الناس، وأنهم معروفون بالإفلاس" ([44]).
__________________
قال أبو قلابة: إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا وهات كتاب الله، فاعلم أنه ضال. رواه ابن سعد في الطبقات.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 2015-01-19, 07:26 AM
الصورة الرمزية غريب مسلم
غريب مسلم غريب مسلم غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-08
المشاركات: 710
غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم
افتراضي

الضابط الثالث : جميع أحكام النُّصرة مبناها على المصالح المحضة أو الراجحة.
الأحكام الشرعية تارة تناط بالمصالح الخالصة المحضة وتارة تناط بالمصالح الراجحة الغالبة؛ والأولى نادرة الوجود والثانية كثيرة الوقوع ؛ لذا لا يصار إلى النّصرة إلاّ إذا ترجحت مصلحتها ولم يفضِ الدفع إلى فساد راجح على مصلحته؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله -: " والشريعة تأمر بالمصالح الخالصة والراجحة كالإيمان والجهاد؛ فإن الإيمان مصلحة محضة ، والجهاد وإن كان فيه قتل النفوس فمصلحته راجحة وفتنة الكفر أعظم فساداً من القتل؛ كما قال تعالى [وَالفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ القَتْلِ] {البقرة:217} ، ونهى عن المفاسد الخالصة والراجحة كما نهى عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن وعن الإثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالا تعلمون ، وهذه الأمور لا يبيحها قط فى حال من الأحوال ولا فى شرعة من الشرائع وتحريم الدم والميتة ولحم الخنزير والخمر وغير ذلك مما مفسدته راجحة، وهذا الضرب تبيحه عند الضرورة لأن مفسدة فوات النفس أعظم من مفسدة الإغتذاء به"([45]).
وهذا الضابط يرجع فيه إلى أصلين عظمين:
أولهما : أن تقدير المصالح والمفاسد يكون بميزان الشّرع والعدل لا بميزان الهوى والظلم.
والأصل الثاني: أن تمام الفقه في هذه الأمور متوقف على النظر إلى مآلات الأفعال ونتائج التصرفات وعواقب الأمور.
فإذا أدت مناصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأفعال إلى مفسدة راجحة فإنها تمنع لحين زوال المفسدة ؛ كما نهت الشريعة المؤمنين عن سب آلهة المشركين ـ مع ما فيه من مصلحة مراغمتهم ومغايظتهم ـ لئلا يؤول هذا السبُّ إلى سبِّ الله تعالى، قال تعالى: [ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] {الأنعام:108} .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله -في تفسير الآية-: "يقول تعالى ناهياً لرسوله r والمؤمنين عن سب آلهة المشركين، وإن كان فيه مصلحة، إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها، وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين، وهو الله لا إله إلا هو؛ كما قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في هذه الآية: قالوا: يا محمد، لتنتهين عن سبك آلهتنا، أو لنهجون ربك، فنهاهم الله أن يسبوا أوثانهم، ﴿ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾..."([46]).
وقد نوّه شيخ الإسلام ابن تيمية إلى هذا الأمر بعد أن علّق على الآية؛ فقال -رحمه الله-: "وذلك أنه في اللّجاجة أن يسبّ الجاهل من يعظمه مراغمة لعدوه إذا كان يعظمه أيضا؛ كما قال بعض الحمقى سبّوا علياً كما سبّوا عتيقكم: كفراً بكفر وإيماناً بإيماناً " ([47]).
كذلك لم يقم النبي –صلى الله عليه وسلم- الحدود في مكة؛ وذلك لدفع المفاسد الراجحة؛ إذ إقامتها في أولّ الإسلام سينفّر الناس عن الدين، فاقتضت مصلحة التأليف أن يؤخر إقامتها حتى تزول المفسدة، فالأمر لا يتعلق بالمكنة من إقامتها لأنه يمكن أن يقيمها النبي –صلى الله عليه وسلم- على المسلمين بمكة، لكنه تركها لتحصيل أرجح المصلحتين، ودفع أقوى المفسدتين.
وقد جاء النهي عن إقامة الحدود في الغزو ـ وهو مخرّج على ما تقدم ـ ففي حديث بسر بن أرطأة –رضي الله عنه- قال: سمعت النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: [لا تقطع الأيدي في الغزو] ([48]).
وقد علل الصحابي الجليل زيد بن ثابت –رضي الله عنه- هذا النهي فقال: [لا تقام الحدود في أرض الحرب مخافة أن يلحق أهلها بالعدو] ([49]).
فالترك –هنا- لدفع مفسدة، وهي أن الجاني قد يفرّ إلى الكفار، فرارًا من الحد، وطلبًا للسلامة والنجاة، فمنعت الشريعة المشروع لإفضائه إلى الممنوع ([50]).
يقول ابن القيم - رحمه الله- :" إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكفّ عن قتل المنافقين مع كونه مصلحة لئلا يكون ذريعة إلى تنفير الناس عنه وقولهم: إن محمداً يقتل أصحابه؛ فإن هذا القول يوجب النفور عن الإسلام ممن دخل فيه ومن لم يدخل فيه ومفسدة التنفير أكبر من مفسدة ترك قتلهم ومصلحة التأليف أعظم من مصلحة القتل" ([51]).
فمصلحة النُّصرة لا تتحصل بردود الأفعال ، ولا تنهض بالسَباب والشّتَّام ، ولا تقوم بمجرد رفع اللافتات والشعارات ؛ولا تبنى على التخيّلات والتوهمات، ولا تكون باستعجال المواجهات والمصادمات ؛ بل تتحصل بالفهم الدقيق لمقاصد الشريعة ، والنظر الثاقب في أولويات الدين، والبصيرة التامة بالحق ، والتضلع الكبير بأحكام النوازل، مع رسوخ في العلم ، وإخلاص في العمل، وصدق في القول، وربانية في المنهج، وخبرة بالواقع، وصبر على البلاء ،وشجاعة في القلب، ورحمة بالخلق.
__________________
قال أبو قلابة: إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا وهات كتاب الله، فاعلم أنه ضال. رواه ابن سعد في الطبقات.
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 2015-01-19, 07:39 AM
الصورة الرمزية غريب مسلم
غريب مسلم غريب مسلم غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-08
المشاركات: 710
غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم غريب مسلم
افتراضي

الضابط الرابع: أن لا يعتدي المدافع في دفعه .
أَذِن الشرعُ للمؤمنين أن ينتصروا لنبيهم -صلى الله عليه وسلم- بكل سبيلٍ شرعيٍّ وأوجب عليهم ذلك ورغبهم فيه ، لكن من غير تجاوز للحد المشروع ؛ إذ لا يجوز مقابلة الظلم بالظلم ، والفاسد بالفاسد ، والبدعة بالبدعة ؛ فالمؤمنون قد أُمروا - إذا أرادوا الدفاع عن نبيهم -صلى الله عليه وسلم- بالعدل لا بالظلم ، وبالحقّ لا بالباطل ، وبالصلاح لا بالفساد ، وبالسنة لا بالبدعة.
قال تعالى: [ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ, وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ , وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ, إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ , وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ]. {الشُّورى : 39-43}.
قال الإمام الطبري - رحمه الله- :"وقوله:[إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ] يقول تبارك وتعالى: إنما الطريق لكم أيها الناس على الذين يتعدّون على الناس ظلماً وعدواناً، بأن يعاقبوهم بظلمهم لا على من انتصر ممن ظلمه، فأخذ منه حقه" ([52]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله -: "وذلك أن المظلوم وإن كان مأذوناً له في دفع الظلم عنه بقوله تعالى [وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ] ، فذلك مشروط بشرطين :
أحدهما : القدرة على ذلك .
والثاني : ألا يعتدي .
فإذا كان عاجزاً ، أو كان الانتصار يفضى إلى عدوان زائد لم يجز" ([53]).
وعندما يبدأ أعداء الدين بالطعن في نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم- بالشتم والسخرية والاستهزاء والانتقاص تثور ثائرة المسلمين بعد أن اشتعلت نيران الغيرة على الدين في قلوبهم، وتحرّك الغيض في صدورهم، وتنادت الأصوات في ساحاتهم: الجهاد الجهاد ؛ وحينئذٍ قد ترى وتسمع - في ثغور المدافعة والمناصرة - بصيرةً وعدلاً وانصافاً ؛ كما قد ترى وتسمع – تحت تخدير العاطفة أو الجهل بأحكام النازلة – تعديّاً وظلماً وطيّشاً... وفصل الخطاب في فقه الأزمات يتجلى في تصفية العلماء لا في تخبط العشواء ، وفي وصايا الحكماء لا في الرايات العمياء .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" وفيهم نُفْرة عن قول المبتدعة ؛ بسبب تكذيبهم بالحق ونفيهم له فيعرضون عن ما يثبتونه من الحق أو ينفرون منه أو يكذبون به كما قد يصير بعض جهال المتسنّنة في إعراضه عن بعض فضائل علي وأهل البيت ؛ إذا رأى أهل البدعة يغلون فيها ؛ بل بعض المسلمين يصير في الإعراض عن فضائل موسى وعيسى بسبب اليهود والنصارى بعض ذلك حتى يحكى عن قوم من الجهال أنهم ربما شتموا المسيح إذا سمعوا النصارى يشتمون نبينا في الحرب . وعن بعض الجهال أنه قال : سبوا علياً كما سبوا عتيقكم كفر بكفر ؛ وإيمان بإيمان " ([54]).
__________________
قال أبو قلابة: إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا وهات كتاب الله، فاعلم أنه ضال. رواه ابن سعد في الطبقات.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع: الضوابط الشرعية في الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- للشيخ فتحي الموصلي
الموضوع كاتب الموضوع الأقسام الرئيسية مشاركات المشاركة الاخيرة
لا حول ولا قوة إلا بالله(فوائد وثمار معاوية فهمي موضوعات عامة 1 2021-05-30 08:25 AM

*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 استئجار سيارة مع سائق في اسطنبول   تذاكر ارض الاساطير   رحلات سياحية في اسطنبول   رحلة سبانجا ومعشوقية   رحلة بورصة 
 شدات ببجي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   مجوهرات يلا لودو   شحن يلا لودو   ايتونز امريكي   بطاقات ايتونز امريكي   شدات ببجي تمارا   شدات ببجي اقساط 
 شركة تنظيف بخميس مشيط   yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   بث مباشر مباريات اليوم   Koora live   برنامج محاماة   معلم دهانات   تشليح   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج   تصليح غسالات اتوماتيك   شركة مكافحة حشرات   شركة عزل خزانات بجدة   يلا شوت   اهم مباريات اليوم   يلا شوت   اشتراك شاهد رياضه   ايجار سيارات مع سائق في ماربيا   شركة تنظيف منازل بالرياض   شراء اثاث مستعمل   شركة تنظيف منازل بالرياض   نقل عفش الكويت   زيادة متابعين تيك توك حقيقيين   ربح المال من الانترنت   دكتور جراحة مخ وأعصاب في القاهرة   يلا شوت   يلا شوت   يلا لايف   yalla shoot   شركة تنظيف في رأس الخيمة   شركة تنظيف في دبي 24 ساعة 
 شركة تنظيف مكيفات بجدة   عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   برنامج ادارة مطاعم فى السعودية   افضل برنامج كاشير سحابي   الفاتورة الإلكترونية فى السعودية   المنيو الالكترونى للمطاعم والكافيهات   افضل برنامج كاشير فى السعودية 

 الحلوى العمانية   Yalla shoot   اشتراك كاسبر الرسمي   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض   شركة حور كلين للتنظيف   شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض 
 تركيب مظلات حدائق   تركيب ساندوتش بانل 

 شركة تنظيف خزانات بجدة   شركة مكافحة حشرات بجدة 

 مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر 

 سباك شرق الرياض   شقق فندقية 

 شركة تنظيف مكيفات في الرياض   متجر نقتدي من المدينة المنورة   شركة تسليك مجاري  شركة صيانة افران بالرياض

 محامي السعودية   محامي في عمان الاردن 
 موقع الشعاع   بيت المعلومات   موقع فكرة   موقع شامل العرب   صقور الخليج   إنتظر 

 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة عزل اسطح بجدة   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 
معلوماتي || فور شباب ||| الحوار العربي ||| منتديات شباب الأمة ||| الأذكار ||| دليل السياح ||| تقنية تك ||| بروفيشنال برامج ||| موقع حياتها ||| طريق النجاح ||| شبكة زاد المتقين الإسلامية ||| موقع . كوم ||| شو ون شو

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية
Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd
الساعة الآن »09:30 PM.
راسل الإدارة -الحوار العربي - الأرشيف - الأعلى