حديث الافك

[امير عبد القادر]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم ثم اما بعد
ان المجتمع السوداني الذي نعيش فيه مجتمع بسيط عفوي على نياته او كما يقولون
فان الشخص يتحدث بالحديث وهو لا يدرى إلى أي جهة سوف يؤدى به هذا الحديث كثير ما نسمع شخص يتحدث عن شخص غائب ياخى تلقاه هسع سكران او كلام مثل هذا وهذا الكلام اذا نظرنا اليه من جهة الشرع نراه كلام يؤدى الى التهلكة
واذا نظرنا اليه من جهة المجتمع الذى نحن فيه نراه عادى كان لا باس به
تعال نظر الى هذه الجملة من جهة الشرع ونذكر الادله على ان هذا القول عظيم الاثم عند الله {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ }النور15
ورد ان رسوله الله صلى الله عليه وسلم انه قال من ضمن لى ما بين فكيه وفخذيه ضمنت له الجنة )حديث صحيح
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أكثر ما يلج به الإنسان النار الأجوفان: الفم والفرج، وأكثر ما يلج به الإنسان الجنة: تقوى الله عزَّ وجلّ وحسن الخلق».المسند

وما بين الفكين المراد به اللسان والقصد هو القول الفاحش او القول الذى لا خير فيه قال رسول الله فى الحديث الذى ورد فى مسلم أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟» قَالُوا: اللّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: إِن كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ، فَقَدْ بَهَتَّهُ».
و الغيبة هى ان تتحدث فى أخاك فى امر فيه وأنت تعلمه ومعنى الغيبة انه غاب عن العين والمراد به بعد الشخص وهو لا يدرى ما قيل فيه
يقول اين القيم الجوزية رحمة الله عليه
وأما عبوديات اللسان الخمس فواجبها: النطق بالشهادتين وتلاوة ما يلزمه تلاوته من القرآن وهو ما تتوقف صحة صلاته عليه وتلفظه بالأذكار الواجبة في الصلاة التي أمر الله بها ورسوله كما أمر بالتسبيح في الركوع والسجود وأمر بقول: "ربنا ولك الحمد" بعد الاعتدال وأمر بالتشهد وأمر بالتكبير.
ومن واجبه: رد السلام وفي ابتدائه قولان.
وأما مستحبه: فتلاوة القرآن ودوام ذكر الله والمذاكرة في العلم النافع وتوابع ذلك.
وأما محرمه: فهو النطق بكل ما يبغضه الله ورسوله كالنطق بالبدع المخالفة لما بعث الله به رسوله والدعاء إليها وتحسينها وتقويتها وكالقذف وسب المسلم وأذاه بكل قول والكذب وشهادة الزور والقول على الله بلا واعلم وهو أشدها تحريما مدارج السالكين ابن القيم .


قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيم الحجرات:12
نزلت هذه الآيات فى بعض الصحابة وقد ورد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا سافر ضم الرجل الفقير الى الرجل الميسور ويظل على ذلك الى ان يرجع من السفر
وشاء أقدار الله ان ضم رسول الله سلمان الى رجلين وكان سلمان فى ذلك اليوم بلغ منه التعب ما بلغ فنام وعند ما جاء أصحابه لم يجدو شى يأكلونه فأرسلوا سلمان الى رسول الله فلم يجد شى فارسله رسول الله الى اسامه فلم يجد شى فرجع الى اصحابه فاخبرهم فخرج
فقال احدهم الى صاحبيه لو بعثنا سلمان إلى بئر سُمَيحة لغار ماؤها.
فخرجا يلتمسان شي فرآهم رسول الله فقال: «ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما؟
فقالا: يا نبي الله، والله ما أكلنا في يومنا هذا لحماً ولا غيره.
فقال ولكنكما ظلتما تأكلان لحم سلمان وأسامة
وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه مرفوعًا: من أكل لحم أخيه في الدُّنيا قرِّب له يوم القيامة، فيقال له: كله ميتًا كما أكلته حيًّا فيأكله ويكلح ويصيح( .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنَّبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفيَّة كذا وكذا، فقال صلى الله عليه وسلم: لقد قلتِ كلمةً لو مزجت بماء البحر لمزجته
ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تَناجشوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً» لفظ البخاري
الظن شك ويقـين إِلاَّ أَنه لـيس بـيَقـينِ عِيانٍ،
التحسس السعى وراء الخبر والهمس بصوت خفى
التناجش خلق العدواة بين الناس
التباغض . ضد التحابب
تدابر . عاد وقاطع وخاصم
اذن ان الحديث يحسنا الى مكارم الأخلاق والخلق السمح الذى يجعلنا جوار رسول الله فى الجنة عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحبكم إليّ وأقربكم مني في الآخرة محاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إليّ وأبعدكم مني في الآخرة مساويكم أخلاقاً، الثرثارون المتفيهقون المتشدقون».المسند

ونجد ان الغيبة يعذب صاحبها فى القبر وقد اخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح من رواية ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنَّه قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين، فقال: إنَّهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، ثُمَّ قال: بلى، أمَّا أحدهما: فكان يسعى بالنَّمِيمَة، وأما الآخر: فكان لا يستتر من بوله، قال: ثُمَّ أخذ عودًا رطبًا، فكسره باثنتين، ثُمَّ غرز كل واحد منهما على قبر، ثُمَّ قال: لعله يُخفف عنهما مالم ييبسا( .
حكم الغِيبة
قال ابن كثير: (والغِيبةُ محرَّمةٌ بالإجماع، ولا يُستثنى من ذلك، إلا ما رجحت مصلحة، كما في الجرح، والتعديل، والنصيحة)
واعتبر الإمام ابن حجر الغِيبة من الكبائر حيث قال: (الذي دلت عليه الدلائل الكثيرة الصحيحة الظاهرة أنَّها كبيرة: لكنها تختلف عظمًا، وضده بحسب اختلاف مفسدتها. )
وقد دل الحديث الصحيح على انها حرام وانها من الكبائر عن أَبي هُرَيْرَةَ ، قالَ: قالَ رَسُولُ الله : «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَخُونُهُ ولا يَكْذِبُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلَمِ حَرَامٌ: عِرْضُهُ وَمَالُهُ ودَمُهُ، التَّقْوَى هَهُنَا بِحَسْبِ امْرِىء مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْتَقِرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ» .
إن سماع الغِيبة والاستماع إليها لا تجوز، فقائل الغِيبة وسامعها في الإثم سواء.
ومما يدل على ذلك قول النَّبي صلى الله علي وسلم: (ما من امرئ مسلم يخذل امرأً مسلمًا، في موضع ينتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب نصرته، وما من امرئ مسلم ينصر مسلمًا، في موضع ينتقص فيه من عرضه، وينتهك من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته)
نسال الله العفو والعافيه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.




!