منتدى السنة للحوار العربى
 
جديد المواضيع

 محاسب قانوني   Online quran classes for kids 



العودة   منتدى السنة للحوار العربى > حوارات عامة > موضوعات عامة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2009-11-07, 02:13 AM
الصورة الرمزية طالب عفو ربي
طالب عفو ربي طالب عفو ربي غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-02-28
المشاركات: 854
طالب عفو ربي طالب عفو ربي طالب عفو ربي طالب عفو ربي طالب عفو ربي طالب عفو ربي طالب عفو ربي طالب عفو ربي طالب عفو ربي طالب عفو ربي طالب عفو ربي
افتراضي "وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ"(الذاريات:22).

"وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ"(الذاريات:22).


يستهل ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ سوره الذاريات بقسم عظيم باربع من ايات الله في الكون والله تعالي غني عن القسم لعباده بان وعده لصادق‏,‏ وان الدين الاسلامي الذي انزله علي فتره من الرسل‏,‏ والذي اتمه واكمله في بعثه خاتم انبيائه ورسله صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم اجمعين لحق واقع‏....!!!‏
ثم يكرر ربنا‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ القسم بالسماء ذات الحبك علي ان الناس مختلفون في امر يوم الدين بين مكذب ومصدق‏,‏ وتستعرض الايات حال كل من المجموعتين في هذا اليوم العصيب‏,‏ ثم تعود الي الاستدلال بايات الله في كل من الارض والانفس والافاق ومنها قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
وفي السماء رزقكم وما توعدون

ثم ياتي القسم الحاسم الجازم برب السماء والارض ان هذا كله حق‏,‏ كما ينطق المنكرون في هذه الحياه الدنيا‏,‏ وهم يدركون حقيقه ما ينطقون‏,‏ فلا يجوز لهم ان يشكوا فيه او ان ينكروه كما لا يشكون في نطقهم الذي ينطقون‏...!!‏
وبعد ذلك تتحرك بنا السوره الي عرض شيء من الوقائع التاريخيه من قبيل ضرب المثل‏,‏ واستخلاص العبر‏,‏ والدعوه الي اخلاص العباده لله وحده‏(‏ بغير شريك ولا شبيه ولامنازع‏),‏ وذلك من مثل قصص سيدنا ابراهيم‏(‏ عليه السلام‏)‏ مع ضيفه وقومه‏,‏ وسيدنا لوط‏(‏ عليه السلام‏)‏ وما حاق بقومه من عذاب‏,‏ وسيدنا موسي‏(‏ عليه السلام‏)‏ وفرعونه الذي اغرقه الله‏(‏ تعالي‏)‏ وجنده في اليم‏,‏ وقوم عاد وطمرهم بالرمال السافيه‏,‏ وقوم ثمود الذن دمروا بالصاعقه‏,‏ وقوم نوح‏(‏ عليه السلام‏)‏ الذين اغرقوا بالطوفان لفسقهم‏...!!‏

وتعاود السوره الكريمه القسم بالسماء وتوسيع الله المستمر لها‏,‏ وبالارض وفرشها وتمهيدها‏,‏ وخلق كل شيء من زوجين تاكيدا لوحدانيه الله‏(‏ تعالي‏)‏ المطلقه فوق جميع خلقه‏..!!!‏
ثم تعرج بنا السوره الي حقيقه ان كل رسول جاء بالحق من رب العالمين قد اتهمه الكفار من قومه بالسحر او بالجنون ظلما وطغيانا من عند انفسهم‏,‏ وفي ذلك مواساه من رب العباد الذي يطالب خاتم انبيائه ورسله بالاستمرار في التذكير بالله‏,‏ والدعوه الي دينه الحق علي الرغم من كل ذلك‏,‏ لعل الذكري تنفع المومنين‏.‏

والهدف من هذا الاستعراض المكثف لايات الله في الكون‏,‏ والاستعراض الخاطف لقصص عدد من الامم البائده هو وصل العباد بخالقهم‏,‏ وربط قلوبهم بعوالم الغيب‏,‏ كما يصفها خالق الكون ومبدع الوجود لا كما تتصورها اوهام الغافلين الضالين من الكفار والمشركين‏.‏
والذي يرتبط قلبه بخالقه‏,‏ ويومن بالغيب‏,‏ كما انزله في محكم كتابه‏,‏ وسنه نبيه‏,‏ تخطي الدنيا الي الاخره‏,‏ دون ان يهمل واجباته في الحياه‏,‏ ودون ان تشغله التكاليف الماديه لهذه الحياه عن اخلاص العباده لله‏,‏ وفي مقدمه تلك التكاليف الجري علي المعايش لكسب الرزق الحلال‏,‏ والذي قد يتخيل البعض انه يمكن ان يشغل الانسان عن رسالته الحقيقيه في هذه الحياه والتي تتلخص في‏:‏

عباده الله‏(‏ تعالي‏)‏ بما امر‏,‏ وحسن القيام بواجب الاستخلاف في الارض‏,‏ وهما وجهان لعمله واحده تمثل رساله كل من الجن والانس في هذه الحياه‏,‏ والتي لخصها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ في السوره نفسها بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏ وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون‏*‏ ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون‏*‏ ان الله هو الرزاق ذو القوه المتين‏*.‏
‏(‏الذاريات‏:56‏ ‏58).‏

هذا وقد تباينت اراء المفسرين في قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏
وفي السماء رزقكم وما توعدون‏*.‏

بين قائل بالمطر‏,‏ وقائل بالقرار الالهي في تقسيم الرزق وتوزيعه بين العباد‏,‏ وقائل بالثواب والعقاب او بالجنه والنار‏,‏ او بها جميعا ولكن الدراسات الكونيه الحديثه قد اضافت بعدا جديدا‏,‏ فاكدت ان جميع ما يحتاجه الانسان والحيوان والنبات من الماء‏,‏ ومن مختلف صور الماده والطاقه انما ينزل الي الارض من السماء بتقدير من الرزاق الحكيم العليم الذي ينزله بقدر معلوم لقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الارض ولكن‏:‏ ينزل بقدر ما يشاء انه بعباده خبير بصير‏*(‏ الشوري‏:27)‏

ولقوله‏(‏ سبحانه‏)!‏
وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم‏*.(‏ الحجر‏:21)‏

رزق السماء في اللغه العربيه
‏(‏الرزق‏)‏ في اللغه العربيه هو ما ينتفع به من النعم‏,‏ والجمع‏(‏ ارزاق‏),‏ و‏(‏الرزق‏)‏ ايضا هو العطاء الجاري دنيويا كان ام اخرويا‏,‏ وهو كذلك النصيب المقسوم للانسان فيصل الي يده سواء كان مما يصل الي الجوف ويتغذي به‏,‏او يكتسي ويتزين به‏,‏ او يتجمل به من مثل الخلق الحسن والعلم النافع يقال‏:(‏ رزقه‏)‏ الله‏(‏ يرزقه‏)(‏ رزقا‏)‏ بكسر الراء‏,(‏ والمصدر الحقيقي فتح الراء‏),‏ والاسم يوضع موضع المصدر‏,‏ و‏(‏ارتزق‏)‏ بمعني اخذ‏(‏ رزقه‏),‏ و‏(‏الرزقه‏)‏ ما يعطي دفعه واحده‏,‏ وقد تاتي لفظه‏(‏ الرزق‏)‏ بمعني‏(‏ شكر الرزق‏)‏ من مثل قوله‏(‏ تعالي‏):‏
وتجعلون رزقكم انكم تكذبون‏(‏ الواقعه‏:82)‏ اي تجعلون نصيبكم من النعمه او شكركم عليها انكم تكذبون رسالات ربكم‏.‏

ويقال رجل‏(‏ مرزوق‏)‏ اي مجدود‏(‏ محظوظ‏),‏ وقد يعتبر كل من المال والولد والجاه والعلم من‏(‏ الرزق‏),‏ كما قد يسمي المطر‏(‏ رزقا‏),‏ ويمكن ان يحمل‏(‏ الرزق‏)‏ علي العموم فيما يوكل ويلبس ويستعمل‏,‏ وكل ما يخرج من الارض او ينزل من السماء‏,‏ و‏(‏الرازق‏)‏ هو الله تعالي خالق‏(‏ الرزق‏)‏ ومعطيه‏,‏ ومسببه‏,‏ وموزعه بالقسط‏,‏ وان كانت هذه الصفه يمكن ان تستخدم للبشر‏,‏ اما‏(‏ الرزاق‏)‏ فهو اسم من اسماء الله الحسني وصفه من صفاته العليا لا يوصف بها غيره‏(‏ سبحانه وتعالي‏).‏
وعن‏(‏ السماء‏)‏ فهي اسم مشتق من‏(‏ السمو‏)‏ بمعني الارتفاع والعلو‏,‏ تقول‏:(‏ سما‏),(‏ يسمو‏)(‏ سموا‏)‏ فهو‏(‏ سام‏)‏ بمعني علا‏,‏ يعلو علوا‏,‏ فهو عال‏,‏ اي مرتفع‏,‏ وذلك لان السين والميم والواو اصل يدل علي الارتفاع والعلو‏,‏ يقال‏:(‏ سموت‏)‏ و‏(‏سميت‏)‏ بمعني علوت وعليت للتنويه بالرفعه والعلو‏,‏ وعلي ذلك فان سماء كل شيء اعلاه‏,‏ ولذلك قيل لسقف البيت سماء لارتفاعه‏,‏ وقيل للسحاب سماء لعلوه‏,‏ واستعير اللفظ للمطر بسبب نزوله من السماء‏,‏ وللعشب لارتباط منبته بنزول ماء السماء‏,‏ ومن هنا قيل‏:(‏ كل ما علاك فاظلك فهو سماء‏).‏

ولفظه‏(‏ السماء‏)‏ في العربيه تذكر وتونث‏(‏ وان كان تذكيرها يعتبر شاذا‏),‏ وجمعها‏(‏ سماوات‏),‏ وهناك صيغ اخري لجمعها ولكنها غريبه‏.‏

رزق السماء في القران الكريم
ورد الفعل‏(‏ رزق‏)‏ بمشتقاته في كتاب الله مائه وثلاثا وعشرين‏(123)‏ مره‏,‏ تنسب الرزق الي الله تعالي‏,‏ وان كان بعضها يشير الي امكانيه ان يرزق الانسان غيره من البشر او يتصدق علي الحيوان‏,‏ ومنها ما يشير الي الرزق بمعني ما يطعم وما يشرب‏,‏ او بمعني المال‏,‏ او العلم‏,‏ او الجاه والسلطان‏,‏ او الاولاد والبنات والزوجات الصالحات‏.‏ او ما تنتجه الارض من ثمار‏,‏ او ما يرزق الله من بهيمه الانعام‏,‏ او من المطراو من غير ذلك من الثروات الارضيه منها والسماويه‏,‏ او من الارزاق الاخرويه من مثل رزق الشهداء عند ربهم‏,‏ ورزق اهل الجنه في الجنه‏,‏ وفي ذلك يقول ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
ويعيدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والارض شيئا ولا يستطيعون‏*‏
‏(‏ النحل‏:73)‏

اي ويعبدون من دون الله من هم ليسوا بسبب في رزق بوجه من الوجوه لا من السماء ولا من الارض لانهم لا يستطيعون ذلك ابدا‏.‏
وفي عطاء كل من الشهداء وغيرهم من اهل الجنه يقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏

ولا تحسين الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون‏*‏
‏(‏ال عمران‏:169)‏

اي يفيض الله‏(‏ تعالي‏)‏ عليهم من نعمه الاخرويه‏,‏ وذلك من مثل قوله‏(‏ تعالي‏):‏
‏....‏ ولهم رزقهم فيها بكره وعشيا‏*(‏ مريم‏:62)‏ وتوكد الايات القرانيه العديده ان‏(‏ الرازق‏)‏ هو الله‏(‏ تعالي‏)‏ لانه خالق الرزق‏,‏ ومسببه‏,‏ ومعطيه‏,‏ وموزعه بعلمه وحكمته‏,‏ وقد يستخدم الوصف مجازا للانسان الذي يكون سببا في وصول الرزق الي يد غيره‏,‏ اما‏(‏ الرزاق‏)‏ فهو من اسماء الله الحسني‏,‏ ووصف لا يليق الا بجلال الله‏(‏ تعالي‏),‏ ولا يجوز ان يقال لغيره‏(‏ سبحانه وتعالي‏),‏ وفي ذلك يقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏ ان الله هو الرزاق ذو القوه المتين‏*‏
‏(‏الذاريات‏:58)‏

ويقول‏(‏ عز من قائل‏):‏
‏....‏ ولله خزائن السماوات والارض‏...*(‏ المنافقون‏:7)‏
ويقول‏(‏ سبحانه‏):‏
قل من يرزقكم من السماء والارض‏....*‏
‏(‏يونس‏:31)‏

ويعتب ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ علي الذين ينعمون في رزقه ويكفرونه او يشركون به غيره فيقول‏(‏ عز من قائل‏):‏
ام عندهم خزائن ربك ام هم المصيطرون‏*(‏ الطور‏:37)‏

اما عن لفظه‏(‏ السماء‏)‏ فقد وردت في القران الكريم في ثلاثمائه وعشره مواضع‏,‏ منها مائه وعشرون بالافراد‏(‏ السماء‏),‏ ومائه وتسعون بالجمع‏(‏ السماوات‏).‏
والسماء ترد في القران الكريم بمعني الغلاف الغازي للارض بسحبه ورياحه وكسفه‏,‏ كما ترد بمعني السماء الدنيا التي قد زينها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ بزينه الكواكب والنجوم والبروج‏,‏ كما ترد بمعني السماوات السبع‏.‏

كذلك جاءت الاشاره القرانيه الي السماوات والارض وما بينهما في عشرين موضعا من كتاب الله‏,‏ ويبدو ان المقصود بذلك هو ايضا الغلاف الغازي للارض بصفه عامه‏,‏ والجزء الاسفل منه بصفه خاصه وذلك لقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
‏...‏ والسحاب المسخر بين السماء والارض‏.....*‏
‏(‏البقره‏:164)‏

والسحاب يتحرك في نطاق المناخ الذي يحوي اغلب ماده الغلاف الغازي‏(75%‏ بالكتله‏),‏ والقران الكريم يشير في اكثر من موقع الي انزال الماء من السماء‏,‏ وواضح الامر ان المقصود بالسماء هنا هو السحاب او النطاق المحتوي علي السحاب‏,‏ والمعروف علميا بنطاق التغيرات الجويه‏,‏ والذي يقول فيه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
‏(1)‏ الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون‏*(‏ البقره‏:22)‏

‏(2)......‏ وما انزل الله من السماء من ماء فاحيا به الارض بعد موتها‏,‏ وبث فيها من كل دابه وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لايات لقوم يعقلون‏*(‏ البقره‏:164)‏
‏(3)‏ وهو الذي انزل من السماء ماء فاخرجنا به نبات كل شيء‏..*(‏ الانعام‏:99)‏

‏(4)...‏ وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به‏....*(‏ الانفال‏:11)‏
‏(5)‏ انما مثل الحياه الدنيا كماء انزلناه من السماء‏...*(‏ يونس‏:24)‏

‏(6)‏ وقيل يا ارض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي‏...*(‏ هود‏:44)‏
‏(7)...‏ يرسل السماء عليكم مدرارا‏...*‏
‏(‏ هود‏:52)‏

والايات القرانيه بهذا المعني اكثر من ان تحصي في هذا المقام‏,‏ وكذلك الايات التي تشير الي السماء الدنيا وزينتها‏,‏ وتلك التي تلمح الي السماوات العلا‏.‏

اراء المفسرين
في تفسير قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
وفي السماء رزقكم وما توعدون‏*‏
ذكر ابن كثير‏(‏ يرحمه الله‏)‏ ما نصه‏:‏ وفي السماء رزقكم‏,‏ يعني المطر‏,(‏ وما توعدون‏)‏ يعني الجنه‏,‏ قاله ابن عباس ومجاهد وغير واحد‏.‏

وذكر صاحبا الجلالين‏(‏ يرحمهما الله‏):(‏ وفي السماء رزقكم‏)‏ اي المطر المسبب عنه النبات الذي هو رزق‏,(‏ وما توعدون‏)‏ من الماء والثواب والعقاب اي‏:‏ مكتوب ذلك في السماء‏).‏
وذكر صاحب الظلال‏(‏ يرحمه الله‏)‏ ما نصه‏:..‏ وهي لفته عجيبه‏,‏ فمع ان اسباب الرزق الظاهره قائمه في الارض‏,‏ حيث يكد فيها الانسان ويجهد‏,‏ وينتظر من ورائها الرزق والنصيب‏,‏ فان القران يرد بصر الانسان ونفسه الي السماء‏,‏ الي الغيب‏,‏ الي الله‏,‏ ليتطلع هناك الي الرزق المقسوم والحظ المرسوم‏,‏ اما الارض وما فيها من اسباب الرزق الظاهره‏,‏ فهي ايات للموقنين‏,‏ ايات ترد القلب الي الله ليتطلع الي الرزق من فضله‏,‏ وتتخلص من اثقال الارض واوهام الحرص‏,‏ والاسباب الظاهره للرزق‏,‏ فلا يدعها تحول بينه وبين التطلع الي المصدر الاول الذي انشا هذه الاسباب‏.‏

والقلب المومن يدرك هذه اللفته علي حقيقتها‏,‏ ويفهمها علي وضعها‏,‏ ويعرف ان المقصود بها ليس هو اهمال الارض واسبابها‏,‏ فهو مكلف بالخلافه فيها وتعميرها‏,‏ انما المقصود هو الا يعلق نفسه بها‏,‏ والا يغفل عن الله في عمارتها‏,‏ ليعمل في الارض وهو يتطلع الي السماء‏,‏ ولياخذ بالاسباب‏,‏ وهو يستيقن انها ليست هي التي ترزقه‏,‏ فرزقه مقدر في السماء‏,‏ وما وعده الله لابد ان يكون‏.‏
بذلك ينطلق قلبه من اسار الاسباب الظاهره في الارض‏,‏ بل يرف باجنحه من هذه الاسباب الي ملكوت السماوات‏,‏ حين يري في الاسباب ايات تدله علي خالق الاسباب‏,‏ ويعيش موصولا قلبه بالسماء‏,‏ وقدماه ثابتتان علي الارض‏,‏ فهكذا يريد الله لهذا الانسان‏,‏ هكذا يريد الله لذلك المخلوق الذي جبله من الطين‏,‏ ونفخ فيه من روحه فاذا هو مفضل علي كثير من العالمين‏.‏

والايمان هو الوسيله لتحقيق ذلك الوضع الذي يكون فيه الانسان في افضل حالاته‏,‏ لانه يكون حينئذ في الحاله التي انشاه الله لها‏:‏ فطره الله التي فطر الناس عليها‏,‏ قبل ان يتناولها الفساد والانحراف‏.‏
وبعد هذه اللمسات الثلاث في الارض والنفس والسماء‏,‏ يقسم الله سبحانه بذاته العليه علي صدق هذا الحديث كله‏:(‏ فورب السماء والارض انه لحق مثل ما انكم تنطقون‏.‏

وذكر مخلوف‏(‏ يرحمه الله‏):(‏ وفي السماء رزقكم‏)‏ اي سبب رزقكم وهو المطر‏,‏ والسماء‏:‏ السحاب‏,(‏ وما توعدون‏)‏ اي وفي السماء مكتوب ما توعدون به من الثواب والعقاب‏,‏ والبعث والخير والشر‏.‏
وذكر الصابوني‏(‏ امد الله في عمره‏):‏ اي وفي السماء اسباب رزقكم ومعاشكم‏,‏ وهو المطر الذي به حياه البلاد والعباد‏,‏ وما توعدون به من الثواب والعقاب مكتوب كذلك في السماء‏;‏ قال الصاوي‏:‏ والايه قصد بها الامتنان والوعد والوعيد‏.‏

وذكر اصحاب المنتخب في تفسير القران الكريم‏(‏ اثابهم الله‏):‏
وفي السماء امر رزقكم وتقدير ما توعدون‏.‏

رزق السماء في العلوم الكونيه
من منظور العلوم الكونيه يمكن فهم دلالات التعبير القراني وفي السماء رزقكم وما توعدون‏.‏
في الاطر التاليه‏:‏

اولا‏:‏ في اطار فهم السماء بنطاق التغيرات الجويه‏:‏
فان رزق السماء يفهم علي انه المطر الذي نرتوي به ونروي زروعنا منه‏,‏ وهو غاز الاوكسجين الذي نتنفسه نحن وجميع الحيوانات‏,‏ وثاني اكسيد الكربون الذي تتنفسه النباتات وغير ذلك من الغازات النافعه وهنا ينحصر مفهوم السماء بالنطاق الاسفل من نطق الغلاف الغازي للارض والمعروف باسم نطاق التغيرات الجويه
‏(Thetroposphere),‏
ويمتد من سطح البحر الي ارتفاع‏16‏ كيلو مترا فوق خط الاستواء‏,‏ ويتناقص سمكه الي نحو الكيلو مترات العشره فوق قطبي الارض‏,‏ والي اقل من ذلك‏(7‏ ‏8‏ كيلو مترات‏)‏ فوق خطوط العرض الوسطي‏,‏ وعندما يتحرك الهواء من فوق خط الاستواء في اتجاه القطبين فانه يهبط فوق هذا المنحني الوسطي‏,‏ فتزداد سرعته‏,‏ ويتحرك في اتجاه الشرق بسرعه فائقه تعرف باسم التيار النفاث
‏(TheJetstream)‏
وذلك بتاثير دوران الارض حول محورها من الغرب الي الشرق‏.‏
وتنخفض درجه الحراره في هذا النطاق مع الارتفاع باستمرار حتي تصل الي ستين درجه مئويه تحت الصفر في قمته‏,‏ وذلك نظرا للابتعاد عن سطح الارض الذي يمتص‏47%‏ من اشعه الشمس فترتفع درجه حرارته ويعيد اشعاع تلك الحراره علي هيئه اشعه تحت حمراء الي الغلاف الغازي للارض بمجرد غياب الشمس‏,‏ ومن هنا تنخفض درجه حراره نطاق الطقس مع الارتفاع للبعد عن مصدر الدفء بالنسبه له الا وهو سطح الارض‏.‏

ولولا هذا الانخفاض في درجات حراره نطاق الطقس لفقدت الارض مياهها بمجرد اندفاع ابخره تلك المياه من فوهات البراكين في مرحله دحو الارض‏,‏ ولاستحالت الحياه علي سطحها‏..!!‏
ويغطي الماء اكثر قليلا من‏71%‏ من المساحه الكليه للكره الارضيه‏,‏ وتقدر كميته بنحو‏1,36‏ مليار كيلو متر مكعب‏(‏ منها‏97,2%‏ في المحيطات والبحار‏,2,15%‏ علي هيئه جليد فوق القطبين وحولهما وفوق قمم الجبال‏,0,65%‏ في المجاري المائيه المختلفه من الانهار‏,‏ والجداول وغيرها‏,‏ وفي كل من البحيرات العذبه وخزانات المياه تحت سطح الارض‏).‏

وهذا الماء اخرجه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ اصلا من داخل الارض ولايزال يخرجه لنا عبر فوهات البراكين‏,‏ علي هيئه بخار الماء الذي تكثف ولايزال يتكثف في الاجزاء العليا من نطاق التغيرات الجويه‏,‏ والتي تتميز ببرودتها الشديده‏,‏ فعاد الي الارض‏,‏ ولا يزال يعاود دورته بين الارض والسماء ليجري انهارا متدفقه‏,‏ تفيض الي منخفضات الارض فتشكلها بحارا ومحيطات‏,‏ وبحيرات ومستنقعات‏,‏ وظلت دوره المياه بين الارض والسماء ايه من ايات الله في ابداع الخلق حفظت ماء الارض من التعفن‏,‏ ومن الضياع الي طبقات الجو العليا‏,‏ وعملت علي تفتيت الصخور‏,‏ وتسويه سطح الارض وتمهيده‏,‏ وتكوين مختلف انواع التربه‏,‏ وتركيز العديد من المعادن والصخور الاقتصاديه‏,‏ وخزن المياه تحت السطحيه‏,‏ وكانت من اسس ازدهار الحياه علي الارض باذن الله‏.‏
فماء الارض يتبخر منه سنويا‏380,000‏ كيلو متر مكعب‏,‏ ينتج اغلبها‏(320,000‏ كيلو متر مكعب‏)‏ من بخر اسطح البحار والمحيطات‏,‏ والباقي‏(60,000‏ كيلو متر مكعب‏)‏ من سطح اليابسه‏,‏ وهذا البخار تدفعه الرياح الي الطبقه الدنيا من الغلاف الغازي للارض حيث يتكثف في السحب ويعود الي الارض مطرا طهورا‏,‏ او ثلجا‏,‏ او بردا‏,‏ وبدرجه اقل علي هيئه ندي او ضباب في الاجزاء القريبه من سطح الارض‏.‏

وتجري مياه الامطار علي الارض في مختلف مجاري المياه لتصب في البحار والمحيطات‏,‏ كما يترشح جزء منها خلال طبقات الارض المنفذه ليكون المياه تحت السطحيه ذات الحركات الدائبه حيث تشارك في تغذيه بعض الانهار والبحيرات والمستنقعات‏,‏ وقد تخرج علي سطح الارض علي هيئه ينابيع‏,‏ او ينتهي بها المطاف الي البحار والمحيطات‏.‏
وماء المطر يسقط علي البحار والمحيطات بمعدل سنوي يقدر بنحو‏284,000‏ كيلو متر مكعب وعلي اليابسه بمعدل سنوي يقدر بنحو‏96,000‏ كيلو متر مكعب‏,‏ والرقم الاخير يزيد بمعدل‏36,000‏ كيلو متر مكعب عن معدل البخر من اليابسه‏,‏ وهو الفرق نفسه بين معدل البخر من اسطح البحار والمحيطات‏,‏ ومعدل سقوط الامطار عليها‏,‏ وتتم دوره المياه حول الارض بصوره معجزه في كمالها ودقتها‏,‏ لانه لولاها لفسد كل ماء الارض او تعرض للضياع وترك كوكبنا الارضي قاحلا‏,‏ اجرد بلا حياه‏,‏ تحرقه حراره الشمس بالنهار‏,‏ وتجمده بروده الليل كلما غابت الشمس‏.‏

والماء ضروره من ضرورات الحياه الارضيه‏,‏ فبدونه لا يمكن لانسان‏,‏ ولا لحيوان‏,‏ ولا لنبات ان يعيش‏,‏ فجنين الانسان يحتوي علي‏97%‏ من وزنه ماء‏,‏ وتقل هذه النسبه الي‏91%‏ في جسد الطفل الوليد‏,‏ ثم الي‏66%‏ في جسد الفرد البالغ‏,‏ وتختلف نسبه الماء في كل عضو من اعضاء جسد الانسان باختلاف وظيفته‏,‏ فهي في الرئتين‏90%,‏ وفي الدم‏82%,‏ وفي خلايا الدماغ‏70%;‏ والانسان يمكنه العيش اسابيع عديده بدون طعام‏,‏ ولكنه لا يستطيع العيش بدون ماء الا لفتره محدوده جدا لا تتجاوز بضعه ايام‏.....!!‏
وذلك لان الماء يعين الانسان علي القيام بجميع العمليات الحياتيه في جسمه من مثل عمليات الهضم‏,‏ والتخلص من الفضلات والتنفس وتجديد الدم‏,‏ويعين الحيوان في كل ذلك‏,‏ كما يعين النبات علي الاستفاده بمركبات الارض بامتصاصها من التربه والقيام بعمليه التمثيل الضوئي‏,‏ والنتح والتنفس‏.‏

والماء هو المركب الوحيد المعروف لنا في الجزء المدرك من الكون‏,‏ والذي يوجد في حالاته الثلاث‏:‏ الصلبه‏,‏ والسائله والغازيه‏,‏ وللماء قدره فائقه علي اذابه العديد من العناصر والمركبات مما جعل منه لازمه من لوازم الحياه‏,‏ كما له العديد من الخصائص الفزيائيه والكيميائيه المميزه من مثل قطبيته‏(‏ الناتجه من ان ذره الاوكسجين فيه تحمل شحنه سالبه بينما تحمل ذرتا الايدروجين شحنه موجبه‏)‏ وقدرته الفائقه علي الالتحام والتماسك والتلاصق تجعله اشد السوائل تلاصقا‏,‏ واشدها قدره علي التوتر السطحي بعد الزئبق‏,‏ وتبدو قدره الماء الفائقه علي التوتر السطحي في ميله الي التكور علي هيئه قطرات بدلا من الانتشار افقيا علي السطح الذي يسكب عليه‏,‏ كما تبدو في قدره الماء الفائقه علي تسلق جدران الوعاء الذي يوضع فيه خاصه اذا كان قطر الوعاء صغيرا‏,‏ وتعرف هذه الخاصيه باسم الخاصيه الشعريه‏,‏ وبواسطتها تتحرك السوائل من مثل العصارات الغذائيه وما بها من عناصر ومركبات مذابه في الماء من جذور النباتات الي فروعه واوراقه وزهوره وثماره‏,‏ والي قمته الناميه‏,‏ كما تتحرك الدماء والعصارات الغذائيه المختلفه والفضلات في كل من الجهاز الهضمي والاوعيه الدمويه الدقيقه في اجساد كل من الانسان والحيوان‏.‏

وخواص الماء الحراريه خواص متميزه‏,‏ فالحراره النوعيه للماء تقدر بعشره اضعاف الحراره النوعيه للحديد‏,‏ وبخمسه اضعاف الحراره النوعيه لرمال الشواطئ‏,‏ وكذلك فان معامل الحراره الكامنه لكل من تبخر الماء السائل وانصهار الجليد الصلب مرتفعين ارتفاعا ملحوظا مما يعطي للماء مجالا واسعا في جميع العمليات الحياتيه‏.‏
وللماء منحني كثافه فريد لا يشاركه فيه اي من السوائل الاخري فعندما تصل درجه حراره الماء الي اربع درجات مئويه يصل الي اقل حجم له واعلي كثافه‏,‏ ولكن اذا انخفضت درجه الحراره دون ذلك فان حجم الماء يتمدد وتقل كثافته‏,‏ وهذا يفسر طفو الجليد علي سطح الماء في البحار والمحيطات‏,‏ وعدم تجمد الماء اسفل منه مما يتيح فرصه عدم التجمد للكائنات البحريه العديده التي تعيش في اعماق البحار‏,‏ فالماء هذا السائل العجيب هو من اعظم صور رزق السماء لان بدونه لا يمكن للحياه الارضيه ان تكون‏...!!‏

وكذلك الهواء بما فيه من اوكسجين وثاني اكسيد الكربون وبخار الماء‏,‏ وغير ذلك من الغازات المهمه وهباءات الغبار وكلها من ضرورات جعل الحياه علي الارض ممكنه وممتعه‏.‏

ثانيا‏:‏ في اطار تفسير السماء بالسماء الدنيا‏:‏
فان رزق السماء هو كل صور الماده والطاقه المتولده في داخل النجوم‏,‏ من مثل شمسنا والتي تصل الي الارض بصور متعدده‏:‏
فمن الثابت علميا ان النجوم قد تكونت ابتداء من الدخان الكوني الذي نشا عن انفجار الجرم الابتدائي للكون‏,‏ مما يوكد علي وحده البناء في الكون‏,‏ وانها لا تزال تتكون امام انظار الفلكيين اليوم من دخان السدم‏,‏ وفي داخل تلك الغيوم الكونيه عبر مراحل من النجوم الابتدائيه
‏(Prosrars)‏
وذلك بواسطه عدد من الدوامات العاتيه التي تعرف باسم دوامات تركيز الماده‏,‏ والتي تقوم بتكديس الماده وتكثيفها حتي تتجمع الظروف اللازمه لبدء عمليه الاندماج النووي‏,‏ وانطلاق الطاقه‏,‏ وانبثاق الضوء فيتحول النجم الابتدائي الي نجم عادي كشمسنا يعرف باسم‏(‏ نجم التسلسل الرئيسي‏)‏ واغلب النجوم التي تتراءي لنا في صفحه السماء هي من هذا النوع لان النجم يقضي‏90%‏ من عمره في هذه المرحله التي يعتبر فيها النجم فرنا كونيا تتخلق فيه العناصر من نوي ذرات الايدروجين بعمليه الاندماج النووي‏,‏ وتتميز فتره‏(‏ نجم النسق الرئيسي‏)‏ بتعادل قوه الجذب الي مركز النجم مع قوه دفع مكونات النجم الي الخارج لتمدده بالحراره الناتجه عن عمليه الاندماج النووي‏,‏ وبالعزم الزاوي الناتج عن دوراته حول محوره‏,‏ ويبقي النجم في هذا الطور حتي ينفد وقوده من غازي الايدروجين والهليوم‏,‏ ف
يبدا بالدخول في مراحل الشيخوخه بالانكدار ثم الخنوس والطمس حتي تنتهي حياه النجم بالانفجار وعوده مادته الي دخان السماء اما مباشره عن طريق انفجار العماليق الحمر او العماليق العظام او المستعرات العظيمه بمختلف نماذجها‏,‏ او بطرق غير مباشره عبر مرحله من مراحل وفاه النجوم الفائقه الكتل من مثل النجوم النيوترونيه والنجوم الخانسه الكانسه‏(‏ او ما يعرف باسم الثقوب السود‏),‏ والتي يعتقد العلماء بانها تفقد مادتها بالتدريج الي دخان السماء عبر مرحله اشباه النجوم‏.‏
وباتحاد نوي ذرات الايدروجين في قلب النجم العادي تتكون نوي ذرات الهليوم‏,‏ وباتحاد نوي ذرات العنصر الاخير تتكون نوي ذرات البريليوم‏,‏ وهكذا يتسلسل تخلق العناصر المختلفه في داخل النجوم خاصه النجوم العملاقه او في اثناء انفجارها‏,‏ ويودي انفجار النجوم الي عوده ما تكون بداخلها من عناصر الي دخان السماء لكي يكون ماده لتخلق نجم جديد او ليصل الي بعض اجرام السماء في صوره من صور رزق السماء‏.‏

ومن المشاهد ان عمليه الاندماج النووي في داخل النجوم فائقه الكتله من مثل العماليق والمستعرات العظام تستمر حتي يتحول قلب النجم بالكامل الي حديد‏,‏ فتستهلك طاقه النجم لان ذره الحديد هي اكثر الذرات تماسكا‏,‏ وفي انفجار المستعرات العظام تصطدم نيوترونات دخان السماء بنوي الحديد المتطايره من عمليه الانفجار لتبني نوي ذرات اعلي كثافه مثل الفضه‏,‏ والذهب‏,‏ واليورانيوم‏,‏ وغيرها‏,‏ كما ان اهاب النجم المتفجر من المواد الاقل كثافه ينتقل ايضا الي دخان السماء بانفجار واشتعال شديدين وانبعاث موجات راديويه قويه‏.‏
وتتكون الماده فيما بين النجوم من الغازات والغبار‏(‏ اي الدخان‏)‏ المكون من جزيئات وذرات وايونات‏,‏ ومن اللبنات الاساسيه للماده ويغلب علي تركيبه الايدروجين‏,‏ والهليوم‏,‏ والاوكسجين‏,‏ والنيتروجين‏,‏ والكربون‏,‏ والنيون والصوديوم والبوتاسيوم وبعض العناصر الاثقل‏,‏ وتقدر الماده بين نجوم مجرتنا ببضعه بلايين المرات قدر كتله الشمس‏,‏ وتصل كافه العناصر المتخلقه في الكون الي الارض عن طريق تساقط الشهب والنيازك‏,‏ ويصل الي الارص يوميا بين الالف والعشره الاف طن من ماده الشهب والنيازك لتجدد اثراء الارض بالعناصر المختلفه التي تمثل صوره من صور رزق السماء الذي يوزع علي الارض بتقدير من العزيز الحكيم‏,‏ ولم يكن لاحد ادراك بها من قبل‏.‏

ومنذ فتره وجيزه اثبت العلماء ان نجما من نجوم السماء قد تحول الي كتله من الالماس تفوق كتله الارض عده مرات‏,‏ ومن قبيل الفكاهه يذكرون ان هذه الكتله اذا انفجرت ونزلت الي الارض فان تجاره الالماس سوف تكسد بالقطع‏.‏
ويقدر ناتج الطاقه الكليه للشمس بنحو‏3,86*3310‏ سعر‏/‏ ثانيه ويعتبر فيض الطاقه الشمسيه الواصله الي الارض اكبر من الطاقه التي تستقبلها الارض من المع النجوم بعشره مليارات ضعف‏,‏ واكبر من الطاقه التي تستقبلها الارض من القمر وهو في طور البدر مليون مره‏.‏
وطاقه الشمس من رزق السماء‏,‏ فبدونها تستحيل الحياه علي الارض‏....!!‏

ثالثا‏:‏ في اطار تفسير السماء بالسماوات العلا
فان رزق السماء يتمثل في قرار الرزاق ذي القوه المتين‏,‏ فقد ثبت ان كوننا قد نتج عن عمليه انفجار عظيم‏,‏ وانه من طبيعه الانفجار انه يودي الي تناثر الماده وبعثرتها‏,‏ ولكن انفجارا يودي الي بناء كون بهذه الضخامه في الابعاد‏,‏ وفي تعدد الاجرام وفي احكام الاحجام‏,‏ والكتل والمدارات‏,‏ والحركات والعلاقات المتبادله من مثل التجاذب‏,‏ وتبادل الماده فيما بينها هو انفجار لابد‏,‏ وان يكون قد تم بتقدير عظيم‏,‏ من خالق عظيم له من صفات الكمال والجمال والجلال ما مكنه من ابداع هذا الخلق بعلمه وحكمته وقدرته‏,‏ وهذا الخالق العظيم لابد‏,‏ وان يكون مغايرا لكل خلقه فلا يحده المكان‏,‏ ولا الزمان‏,‏ ولا تشكله الماده ولا الطاقه‏,‏ لانه‏(‏ تعالي‏)‏ خالق كل ذلك ومبدعه‏,‏ هذا الخالق العظيم فوق كل خلقه‏:‏ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير‏*(‏ الشوري‏:11)‏
يدبر امر هذا الكون في كل صغيره وكبيره‏,‏ ومن ذلك توزيع الارزاق علي العباد‏,‏ فمن الاسماء الحسني لهذا الخالق العظيم البارئ المصور نجد اسم‏(‏ الوهاب‏)‏ اي صاحب الهبات والعطايا الخاليه عن الاعواض والاغراض‏,‏ كما نجد اسم‏(‏ الرزاق‏)‏ اي خالق الارزاق والمرزوقين‏,‏ وموصل الارزاق اليهم وخالق الاسباب التي تمكنهم من التمتع بها‏.‏

وباقي اسمائه الحسني‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ تحمل شيئا من تلك المعاني والصفات الربانيه ومنها‏:‏اسم‏(‏ الفتاح‏)‏ وهو الذي بيده مفاتيح الغيب والرزق‏,‏ ومفاتيح كل منغلق ومشكل‏,‏ واسما‏(‏ القابض‏)‏ و‏(‏الباسط‏)‏ ومن معانيهما فيض الرزق حتي لا يبقي طاقه‏,‏ وبسطه حتي لا يبقي فاقه‏,‏ كما يقبض القلوب والارواح ويبسطهما كيف يشاء‏,‏ واسما‏(‏ المعز‏)(‏ المذل‏)‏ الذي يوتي الملك من يشاء‏,‏ وينزعه ممن يشاء‏,‏ والملك من الرزق‏,‏ والملك الحقيقي يكمن في الخلاص من ذل الحاجه‏,‏ وقهر الشهوه‏,‏ وعبء الجهل‏,‏ واسم‏(‏ المقيت‏)‏ ومن معانيه خالق الاقوات وواهبها‏.‏ و‏(‏الكريم‏)‏ ومن معانيه المعطاء زياده علي منتهي الرجاء‏,‏ و‏(‏المجيب‏)‏ ومن معانيه مقابله مساله السائلين بالاجابه و‏(‏الواسع‏)‏ ومن معانيه ذو السعه المطلقه من العلم والخير والاحسان وبسط النعم‏,‏ و‏(‏الودود‏)‏ ومن معانيه الانعام علي سبيل الابتداء بمحبه ورافه‏,‏ و‏(‏البر‏)‏ وهو المحسن المتفضل بكل بر واحسان‏,‏ و‏(‏مالك الملك‏)‏ اي صاحب المشيئه النافذه‏,‏ والاراده الغالبه‏.‏
وخلاصه ذلك ان قرار توزيع الارزاق علي العباد يصدره ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ في علاه فتنزل به الملائكه الي الارض تصديقا لقول المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏):‏ ان احدكم يجمع خلقه في بطن امه اربعين يوما نطفه‏,‏ ثم يكون علقه مثل ذلك‏,‏ ثم يكون مضغه مثل ذلك‏,‏ ثم يرسل اليه الملك‏,‏ فينفخ فيه الروح ويومر باربع كلمات‏:‏ يكتب رزقه‏,‏ واجله‏,‏ وعمله‏,‏ وشقي او سعيد‏....‏

وصدق الله العظيم الذي انزل من فوق سبع سماوات ومن قبل اربعه عشر قرنا قوله الحق‏:‏
وفي السماء رزقكم وما توعدون‏*.‏
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 شركة عزل خزانات بجدة   يلا شوت   اهم مباريات اليوم   يلا شوت   اشتراك شاهد رياضه   ايجار سيارات مع سائق في ماربيا   شركة تنظيف منازل بالرياض   شراء اثاث مستعمل   شركة تنظيف منازل بالرياض   نقل عفش الكويت   زيوت امزويل AMSOIL   زيادة متابعين تيك توك حقيقيين   سحب مجاري   ربح المال من الانترنت   دكتور جراحة مخ وأعصاب في القاهرة   يلا شوت   يلا شوت   يلا لايف   يلا شوت   كحل الاثمد   متاجر السعودية   مأذون شرعي   كحل الاثمد الاصلي   تمور المدينة   شركة تنظيف في رأس الخيمة   شركة تنظيف في دبي 24 ساعة 
 شركة تنظيف مكيفات بجدة   عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   برنامج ادارة مطاعم فى السعودية   افضل برنامج كاشير سحابي   الفاتورة الإلكترونية فى السعودية   المنيو الالكترونى للمطاعم والكافيهات   افضل برنامج كاشير فى السعودية 

 الحلوى العمانية   سطحة هيدروليك   سطحة بين المدن   سطحة غرب الرياض   سطحة شمال الرياض 

 Yalla shoot   كورة سيتي kooracity   اشتراك كاسبر الرسمي   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض   شركة حور كلين للتنظيف   شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض   yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   بث مباشر مباريات اليوم   Kora live   يلا شوت الجديد 

 تركيب مظلات حدائق   تركيب ساندوتش بانل   jeddah certified translation 

 شركة تنظيف خزانات بجدة   شركة مكافحة حشرات بجدة 

 مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر 

 سباك شرق الرياض   شقق فندقية 

 شركة تنظيف مكيفات في الرياض   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج   متجر نقتدي من المدينة المنورة   شركة تسليك مجاري  شركة صيانة افران بالرياض

 محامي السعودية   محامي في عمان الاردن 
 دوت سبورت   كورة سيتي   بث مباشر مباريات اليوم 
 موقع الشعاع   بيت المعلومات   موقع فكرة   موقع شامل العرب   صقور الخليج   إنتظر 

 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة كشف تسربات المياه بالدمام   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 
معلوماتي || فور شباب ||| الحوار العربي ||| منتديات شباب الأمة ||| الأذكار ||| دليل السياح ||| تقنية تك ||| بروفيشنال برامج ||| موقع حياتها ||| طريق النجاح ||| شبكة زاد المتقين الإسلامية ||| موقع . كوم ||| شو ون شو

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية
Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd
الساعة الآن »05:27 PM.
راسل الإدارة -الحوار العربي - الأرشيف - الأعلى