#1
|
|||
|
|||
متى اعود اليك يابلادي
(( متى اعود اليك يابلادي )) في سكونِ هذا الليل، وتحت وطأةِ ظلامه البهيم.. يتشتت فكري، ويضطرب عقلي.. لا أدري ما الذي تغيَّر؟ ولماذا تغير؟ وهل كان يجب أن يتغير؟! أهو أنا أم زماني؟ بتُّ لا أدري مَن ظلمَ فينا الآخر؟ مَن ارتكب جريمةً بحق الآخر؟! من راح وتركَ الآخر وحيداً يفكرُ في دنياه؟ أهو أنا أم أنت يا زماني؟! تلعثم لساني، ووقفَتِ الحروفُ في حلقي.. وغارت عيناي، ونكست جفنيها متشحةً بالسواد، معلنةً الحدادَ على نفسي، ولكنْ إلى ما لا نهاية! أنظرُ حولي.. فإذا جدرانٌ قد يئست من الصمت، فراحت تبكي على حالي بصمت.. والقلم جفَّ مِداده حزناً.. ولكنه أيضاً جفَّ بصمتٍ! حتى دموعي الحرَّى نزلت من مقلتيّ بصمت! صَمْت.. صمت.. صمت! جعلني الصمتُ أخاطب الشمسَ كلَّ يومٍ، فترسل إليَّ خيوطها الذهبيةَ الدافئة.. كاسرةً الصمتَ بصمتٍ مَهيب. وحيداً بقيتُ أصارع غربتي، وأدافع زماني.. أشعر بأنني أختنق.. أحاول الصراخ.. بل إنني أصرخ وأصيح.. فتُردد الجدرانُ صدى صُراخي، وكأنها ترفض أنْ تُفشيَ سرِّي لأحدٍ غيرها! زلازلُ تهزُّ وجداني، براكين تثور في داخلي، جبال من النيران تحرق صدري! تعبتُ من آهاتي، بكيت من لظى عذاباتي.. كرهتُ كلَّ شيءٍ حولي يذكّرني بغربتي.. كرهت أوراقي، كرهت أحلامي، كرهت أقلامي وحتى ساعتي.. لا، بل كل شيءٍ يذكرني بأني ما زلتُ غريباً.. رائحة الغار، عبير أشجار البرتقال.. شذى اللَّيلك، عطر البنفسج.. ونور القمر! آهٍ كم هي حرَّى دمعتي التي سالتْ على صحن خدي! تماماً كحرارة الآهِ التي أطلقَتها زفراتُ صدري.. لمْ يعد قلمي قادراً على كتابة ما يختلج بين جوانحي.. فراح جرحي يسيل معذَّباً، وإذ به يكتب .. متى أعود إليكِ بلادي؟! **************** |
أدوات الموضوع | |
|
|