منتدى السنة للحوار العربى
 
جديد المواضيع

 محاسب قانوني   Online quran classes for kids 



العودة   منتدى السنة للحوار العربى > حوارات عامة > موضوعات عامة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2014-02-07, 08:06 PM
الصورة الرمزية أبو عادل
أبو عادل أبو عادل غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-01-05
المشاركات: 3,175
أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل
مهم الفصل الأول مجتمع ما بعد الموحدين.






{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
[البقرة: 2/ 134، 141}

ــــــــــــــــــــــــــ

الظَّاهِرَةُ الدَّوْرِيَّةُ
{وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}
[آل عمران: 3/ 140]
ــــــــــــــــــــــــــ
لدراسة التاريخ جوانب متعددة، فإذا ما تناولناه بالقياس إلى الفرد كان دراسة نفسية، إذ يكون دراسة للإنسان بوصفه عاملاً نفسياً زمنياً في بناء حضارة، ولكن هذه الحضارة تعد مظهراً من مظاهر الحياة والفكر الجماعي، ومن هذا الجانب يعد التاريخ دراسة اجتماعية، إذ يكون دراسة لشرائط نمو مجتمع معين لا يقوم نموه على حقائق الجنس أو عوامل السياسة، بقدر ما يخضع لخصائصه الأخلاقية والجمالية والصناعية المتوافرة في رقعة تلك الحضارة.
على أن هذا المجتمع ليس معزولاً، بل إن تطوره مشروط ببعض الصلات الضرورية مع بقية المجموعة الإنسانية، ومن هذا الجانب يصبح التاريخ ضرباً من الميتافيزيقا، إذ أن مجاله يمتد إلى ما وراء السببية التاريخية، لكي يلم بالظواهر في غايتها. هذا الجانب الميتافيزيقي يضم الأسباب التي لا تدخل ضمن ما أطلق عليه توينبي (مجال الدراسة) لحضارة ما.
فالمؤرخون حين يدرسون مثلاً انهيار الامبراطورية الرومانية، يقصرون الأسباب التي حتمت ذلك الانهيار على نطاق معين ينطبق على رقعة تلك الإمبراطورية من ناحية، وعلى السهول الشمالية التي تدفقت منها القبائل الجرمانية من ناحية أخرى، خلال القرنين الرابع والخامس، فهذا بالتحديد هو المجال الذي يرى فيه المؤرخون تأثير الأسباب التاريخية التي حللت إمبراطورية روما. وهناك تكونت الموجة الجرمانية التي أطلق عليها المؤرخون الألمان
Volkerwanderung أي (هجرة الشعوب)، والتي تحطمت مرات على الحدود، إلى أن استطاعت أن تحطم كل شيء في طريقها.
إن من الممكن أن نقف عند هذا الجانب، أما إذا أردنا دراسة أسباب مد تلك الشعوب، فسنجد أنفسنا أمام عملية متسلسلة في عناصر تكونها، توجد خارج المجال الروماني والمجال الجرماني.
ففي نص ساقه إلينا المؤرخ (بيير ريشيه
Pierre Richèe)، وصف القديس (أمبرواز Ambroise) الحالة التي نتحدث عنها كما رآها فقال: ((انقضت قبائل الشعوب الهونية على القبائل الجرمانية القاطنة على حدود روسيا les Alains وانقضّ هؤلاء على القوط، وحين جلا القوط عن بلادهم زحفوا علينا فأجبرونا على الهجرة إلى إقليم الليريا، وليس هذا هو كل شيء ... الخ)).
فمن هذا نرى أن الموجة التي أغرقت الإمبراطورية الرومانية، لم تتولد في النطاق الإمبراطوري أو في النطاق الجرماني، بل هنالك بعيداً، في شمال آسيا.
فإذا أضفنا إلى ذلك، أن سقوط أسرة (الهان) في الصين فجر القرن الثالث، هو الذي حرك قبائل (الهون) الذين استهوتهم الإمبراطورية الصينية في فترة من فترات أزماتها، وأن قبيلة المغول المسماة
Toun-gouses هي التي حولت هجرة الشعوب الهونية نحو الغرب، أدركنا بذلك أن الأسباب الرئيسية التي حتمت نهاية الإمبراطورية الرومانية إنما تكمن وراء (مجال الدراسة) الذي يقدم عادة تفسير أحداث التاريخ في الغرب.
وهكذا نرى أن تأثير (رد الفعل) الذي حدث في سفح سور الصين قد استغرق قرنين من الزمان، قبل أن يصل إلى حدود االإمبراطورية الرومانية.
فهناك إذن خلف الأسباب القريبة أسباب بعيدة، تخلع على تفسير التاريخ طابعاً ميتافيزيقياً أو كونياً، أياً ذلك كان.

لقد تناولنا في دراسة سابقة هذا الموضوع من جانب الفرد، كيما نستخرج الشروط التي ينبغي عليه أن يسهم بها في نمو حضارة يعد هو فيها العامل الحاسم. ونحن هنا نتناول الناحيتين الأخريين، لكي ندرس التطور الحديث في العالم الإسلامي، آخذين بعين الاعتبار علاقات هذا التطور القائمة أو الممكنة مع الحركة العامة في التاريخ الإنساني.
وإنه لمما يشق علينا أن نعرف جذور هذه الحركة في المكان والزمان، وليس يفيدنا في شيء أن نتساءل هنا عما إذا كانت قد بدأت في مصر أو في غيرها، كل ما نقوم به هو أن نلاحظ استمرارها عبر الأجيال، فإذا ما أردنا أن نحدد أبعادها (التاريخية) وجدناها تشير إلى رقعة غير ثابتة، حتى إن ما نلاحظه من الاستمرار في حركة التاريخ العامة، قد يختفي وراء (انفصال) يظهر عندما ننظر إلى تعاقب مجالي الحضارة.
والواقع أن لنا هنا جانبين جوهريين: الجانب الميتافيزيقي أو الكوني، وهو جانب ذو هدف عام وذو غاية. والجانب (التاريخي) الاجتماعي، وهو جانب مرتبط بسلسلة من الأسباب.
والحضارة من هذا الجانب الأخير تتمثل أمامنا كأنها مجموعة عددية تتتابع في وحدات متشابهة، ولكنها غير متماثلة. وهكذا تتجلى لأفهامنا حقيقة جوهرية في التاريخ هي: (دورة الحضارة)، وكل دورة محددة بشروط نفسية زمنية خاصة بمجتمع معين، فهي (حضارة بهذه الشروط). ثم إنها تهاجر وتنتقل بقيمها إلى بقعة أخرى، وهكذا تستمر في هجرة لا نهاية لها، تستحيل خلالها شيئاً آخر، لتعد كل استحالة تركيباً خاصاً للإنسان والتراب والوقت.
ولقد يحدث أن يقوم بعض الكتاب ببتر المفهوم التاريخي، كما فعل (توسيديد) حين أبطل ماضي الإنسانية كله بقوله: ((إن حدثاً مهماً لم يقع في العالم قبل عصره))، فمثل هذه الأقوال هي التي تخلق (ثقافة الامبراطورية)، تلك الثقافة التي تقوم على أساطير السيادة العنصرية، والاستعمار ... ناشر الحضارة .. !!
ومع ذلك فعندما تذهب الفلسفة الماركسية إلى أن (التطور التاريخي والاجتماعي) يبدأ من (الحيوانية البدائية) إلى عهد يسود فيه (الرخاء والضمير والحرية) فإنها تغفل فكرة (الدورة) الجوهرية، مع أن غاية هذه النظرة ونتيجتها تتعارض مع منطقها الجدلي ذاته.
كان ابن خلدون وحده، هو أول من استنبط فكرة (الدورة) في نظريته عن (الأجيال الثلاثة) إذ يختفي عمق الفكرة خلف مصطلحات ضيقة ضحلة؛ فقد رد نطاق الحضارة إلى حدود العصبية الأسرية، وعلى الرغم من ضيق هذه النظرة التي قد تعكس لنا عناصر النفس الإسلامية آنذاك، فإنها تدفعنا إلى تأكيد الجانب الانتقالي في الحضارة، أي إننا لا نرى فيها سوى تعاقب ظواهر عضوية، لكل منها بالضرورة في مجالها المعين بداية ونهاية.
وتأتي أهمية هذه النظرة من أنها تتيح لنا الوقوف على عوامل التقهقر والانحطاط، أي على قوى الجمود داخل الحضارة، إلى جانب شرائط النمو والتقدم، فهي تتيح لنا أن نجمع كلاً لا تتجزأ مراحله. ومن الملاحظ أن التعارض الداخلي بين أسباب الحياة والموت في أية عملية حيوية (بيولوجية)، هو الذي يؤدي بالكائن إلى قمة نموه ثم إلى نهاية تحلله، أما في المجال الاجتماعي، فإن هذه الحتمية محدودة بل مشروطة، لأن اتجاه التطور وأجله يخضعان لعوامل نفسية زمنية، يمكن للمجتمع المنظم أن يعمل في نطاقها حين يعدل حياته، ويسعى نحو غاياته في صورة متجانسة منسجمة.
هذه الملاحظات تدفعنا إلى أن ننتقد مسلك بعض الباحثين حين ينظرون إلى ظاهرة (الحضارة) منفصلة عن ظاهرة (الانحطاط)؛ وإن العالم الإسلامي لفي مسيس الحاجة في هذه النقطة إلى أفكار واضحة تهدي سعيه نحو النهضة ولهذا فإن مما يهمنا في المقام الأول أن نتأمل الأسباب البعيدة التي حتمت تقهقره وانحطاطه.
فلقد عرف هذا العالم أول انفصال في تاريخه في معركة صفين عام 38 للهجرة، إذ كان يحمل بين جنبيه بعد قليل من سنوات ميلاده تعارضاً داخلياً؛ كانت (حمية الجاهلية) تصطرع مع (الروح القرآني)، فجاء معاوية، رضي الله عنه، فحطم ذلك البناء الذي قام لكي يعيش، ربما إلى الأبد، بفضل ما ضُمِّنه من توازن بين عنصر الروح وعنصر الزمن.

يتبع...
__________________








رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2014-02-07, 08:09 PM
الصورة الرمزية أبو عادل
أبو عادل أبو عادل غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-01-05
المشاركات: 3,175
أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل أبو عادل
افتراضي

ومنذ ذلك الانفصال الأول- الذي سنعود إليه فيما بعد- فقد العالم الإسلامي توازنه الأولي، على الرغم من بقاء الفرد المسلم متمكساً في قرارة نفسه بعقيدته التي نبض بها قلبه المؤمن. ومع ذلك فنحن ندين لتلك (الحضارة) المنحرفة التي ازدهرت في دمشق في ظل الأمو ين باكتشاف النظام المئوي، وتطبيق المنهج التجريبي في الطب، واستخدام فكرة الزمن الرياضية (1)، وهذه هي المعالم الأولى للفكر الصناعي.
وربما اتضح لنا ذات يوم أن (تفاحة نيوتن) التي اكتشف بها عالم الفلك قوة الجاذبية الأرضية، ذات اتصال معين بما قام به (ابنا موسى) من أعمال علمية (2). ومع ذلك فإن هذه الحضارة ليست- من الناحية العضويه التاريخية
__________
(1) كان العرب أول من استخدم نظام (الساعات المتساوية)، وكان الإغريق والرومان قبلهم يقسمون الزمن قسمين غير متساويين؛ اثنتا عشرة ساعة للنهار، واثنتا عشرة مختلفة عنها في الليل.
(2) موسى بن شاكر تعلم التنجيم والفلك، ثم مات وأبناؤه ثلاثة صغار، هم محمد وأحمد والحسن فجعلوا في بيت الحكمة حتى نبغوا في العلوم الهندسية والحيل والحركات والموسيقا والنجوم، وهم الذين تنسب إليهم (حيل بني موسى)، وقد كانوا مقربين من المأمون.
راجع (وفيات الأعيان)، و (والأعلام) للزركلي. (المترحم)
التي تهمنا- سوى صورة مشوهة عن البناء الأصلي الذي شاده القرآن، والذي قام على أساس من التوازن بين العقل والروح، أي على الأساس المزدوج، الروحي المادي، الضروري لكل بناء اجتماعي أهل للخلود.
والحق، أن العالم الإسلامي لم يقو على البقاء إبان تلك الأزمة الأولى في تاريخه وبعدها، إلا بفضل ما تبقى فيه من دفعة قرآنية حية قوية، وكان سر تماسكه رجال من أمثال عقبة بن نافع، وعمر بن عبد العزيز، والإمام مالك، رضي الله عنهم أجمعين، لا لأن أولهم كان فاتحاً كبيراً، والثاني خليفة عظيماً، والثالث إمام مدرسة كبرى في التشريع، بل لأن فضائل الإسلام الفطرية العظيمة قد تجسدت فيهم بصورة أو بأخرى.
هذا هو (عقبة)، وقد وقف في عاصمة الفاطميين المقبلة، التي زحف منها جيش المسلمين لفتح إفريقيا الشمالية، وقف يودع أبناءه الوداع الأخير، ثم صرخ وهو يمتطي صهوة جواده داعياً: ((اللهم تقبل عملي واجعلني في عبادك الصالحين)).
وعمر بن عبد العزيز، هو الذي ارتأى أن من الظلم أن يتولى أمراً، يخص في نظره- نسل علي، كرم الله وجهه، فآثر أن يتنازل عنه.
والإمام مالك، هو الذي تعرض للجلد في الأماكن العامة، لأنه دافع سلطاناً باغياً. تلكم هي الفضائل: احتقار مجد حان موعده، ورفض سلطة لا تقوى على حق، وتحدّ يجابه به ظالم باغ، وهي التي حفظت في العالم الإسلامي سر الحياة الذي أودعه فيه القرآن.
ومن هنا ندرك سر القيمة التي خص بها (عالم الاجتماع) محمد - صلى الله عليه وسلم -، الفضائل الخلقية باعتبارها قوة جوهرية في تكوين الحضارات. ولكن أوضاع القيم تنقلب في عصور الانحطاط لتبدو الأمور ذات خطر كبير، فإذا ما حدث هذا الانقلاب انهار البناء الاجتماعي، إذ هو لا يقوى على البقاء بمقومات الفن والعلم والعقل فحسب، لأن الروح، والروح وحده، هو الذي يتيح للإنسانية أن تنهض وتتقدم، فحيثما فقد الروح سقطت الحضارة وانحطت، لأن من يفقد القدرة على الصعود لا يملك إلا أن يهوي بتأثير جاذبية الأرض.
وعندما يبلغ مجتمع ما هذه المرحلة، أي عندما تكف الرياح التي منحته الدفعة الأولى عن تحريكه، تكون نهاية (دورة) وهجرة (حضارة) إلى بقعة أخرى، تبدأ فيها دورة جديدة، طبقاً لتركيب عضوي تاريخي جديد.
وفي البقعة المهجورة يفقد العلم معناه كله، فأينما توقف إشعاع الروح يخمد إشعاع العقل، إذ يفقد الإنسان تعطشه إلى الفهم، وإرادته للعمل عندما يفقد الهمة و (قوة الإيمان).
فالعقل يختفي لأن آثاره تتبدد في وسط لا يستطيع أن يفهمها أو يستخدمها، ومن هذا الوجه يبدو أن أفكار ابن خلدون قد جاءت إما مبكرة أو متأخرة عن أوانها: فلم تستطع أن تنطبع في العبقرية الإسلامية التي فقدت مرونتها الخاصة، ومقدرتها على التقدم والتجدد. حتى إذا وهنت الدفعة القرآنية توقف العالم الإسلامي، كما يتوقف المحرك عندما يستنزف آخر قطرة من الوقود. وما كان لأي معوض زمني أن يقوم خلال التاريخ مقام المنبع الوحيد للطاقة الإنسانية، ألا وهو: (الإيمان). ولذا لم تستطع (النهضة التيمورية) التي ازدهرت في القرن الرابع عشر حول مغاني سمرقند، أو الإمبراطورية العثمانية، كلاهما أن تمنح العالم الإسلامي (حركة) لم يعد هو في ذاته يملك مصدرها.
لقد بلغت عوامل التعارض الداخلية قمتها، وانتهت إلى وعدها المحتوم، وهو تمزق عالم واهن، وظهور مجتمع جديد ذي معالم وخصائص واتجاهات جديدة، ف كانت تلك مرحلة الانحطاط، إذ لم يعد الإنسان والتراب والوقت عوامل حضارة، بل أضحت عناصر خامدة ليس لها فيما بينها صلة مبدعة.

ومع ذلك فمن المناسب أن نزيل هنا لبساً قد يقع فيه بعض القراء: هو أن الإيمان لم يفقد مطلقاً سيطرته في العالم الإسلامي، حتى في عهود الانحطاط، بل إن هذه الملاحظة تصبح جوهرية حين يكون الأمر أمر تقويم أخروي للقيم الروحية، أما حين نتناول المشكلة من الوجهة التاريخية والاجتماعية فينبغي ألا نخلط نجاة المرء في عاقبة أمره بتطور المجتمعات.
فدور الدين الاجتماعي منحصر في أنه يقوم (بتركيب) يهدف إلى تشكيل قيم، تمر من الحالة الطبيعية إلى وضع نفسي زمني، ينطبق على مرحلة معينة لحضارة، وهذا التشكيل يجعل من (الإنسان) العضوي وحدة اجتماعية، ويجعل من (الوقت) - الذي ليس سوى مدة زمنية مقدرة (بساعات تمر) - وقتاً اجتماعياً مقدراً (بساعات عمل)، ومن (التراب) - الذي يقدم بصورة فردية مطلقة غذاء الإنسان في صورة استهلاك بسيط- مجالاً مجهزاً مكيفاً تكييفاً فنياً، يسد حاجات الحياة الاجتماعية الكثيرة، تبعاً لظروف عملية الإنتاج.
فالدين إذن هو (مركِّب) القيم الاجتماعية، وهو يقوم بهذا الدور في حالته الناشئة، حالة انتشاره وحركته، عندما يعبر عن فكرة جماعية.
أما حين يصبح الإيمان إيماناً جذبياً دون إشعاع، أعني نزعة فردية، فإن رسالته التاريخية تنتهي على الأرض، إذ يصبح عاجزاً عن دفع الحضارة وتحريكها، إنه يصبح إيمان رهبان، يقطعون صلاتهم بالحياة، ويتخلون عن واجباتهم ومسؤلياتهم، كأولئك الذين لجؤوا إلى صوامع المرابطين منذ عهد ابن خلدون.
فالتاريخ يبدأ بالإنسان المتكامل الذي يطابق دائماً بين جهده وبين مثله الأعلى وحاجاته الأساسية، والذي يؤدي في المجتمع رسالته المزدوجة، بوصفه ممثلاً وشاهداً (1). وينتهي التاريخ بالإنسان المتحلل؛ بالجزيء المحروم من قوة الجاذبية، بالفرد الذي يعيش في مجتمع منحل، لم يعد يقدم لوجوده أساساً روحياً، أو أساساً مادياً.
فليس أمامه حينئذ إلا أن يفر إلى صوامع المرابطين، أو إلى أي مستقر آخر، وهذا الفرار صورة فردية للتمزق الاجتماعي.
__________
(1) مأخوذ من قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}. [البقرة: 2/ 143]



__________________








رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع: الفصل الأول مجتمع ما بعد الموحدين.
الموضوع كاتب الموضوع الأقسام الرئيسية مشاركات المشاركة الاخيرة
الوجيز فى الميراث معاوية فهمي موضوعات عامة 0 2019-12-14 03:50 PM

*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 شركة عزل خزانات بجدة   يلا شوت   اهم مباريات اليوم   يلا شوت   اشتراك شاهد رياضه   ايجار سيارات مع سائق في ماربيا   شركة تنظيف منازل بالرياض   شراء اثاث مستعمل   شركة تنظيف منازل بالرياض   نقل عفش الكويت   زيوت امزويل AMSOIL   زيادة متابعين تيك توك حقيقيين   سحب مجاري   ربح المال من الانترنت   دكتور جراحة مخ وأعصاب في القاهرة   يلا شوت   يلا شوت   يلا لايف   يلا شوت   كحل الاثمد   متاجر السعودية   مأذون شرعي   كحل الاثمد الاصلي   تمور المدينة   شركة تنظيف في رأس الخيمة   شركة تنظيف في دبي 24 ساعة 
 شركة تنظيف مكيفات بجدة   عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   برنامج ادارة مطاعم فى السعودية   افضل برنامج كاشير سحابي   الفاتورة الإلكترونية فى السعودية   المنيو الالكترونى للمطاعم والكافيهات   افضل برنامج كاشير فى السعودية 

 الحلوى العمانية   سطحة هيدروليك   سطحة بين المدن   سطحة غرب الرياض   سطحة شمال الرياض 

 Yalla shoot   كورة سيتي kooracity   اشتراك كاسبر الرسمي   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض   شركة حور كلين للتنظيف   شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض   yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   بث مباشر مباريات اليوم   Kora live   يلا شوت الجديد 

 تركيب مظلات حدائق   تركيب ساندوتش بانل   jeddah certified translation 

 شركة تنظيف خزانات بجدة   شركة مكافحة حشرات بجدة 

 مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر 

 سباك شرق الرياض   شقق فندقية 

 شركة تنظيف مكيفات في الرياض   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج   متجر نقتدي من المدينة المنورة   شركة تسليك مجاري  شركة صيانة افران بالرياض

 محامي السعودية   محامي في عمان الاردن 
 دوت سبورت   كورة سيتي   بث مباشر مباريات اليوم 
 موقع الشعاع   بيت المعلومات   موقع فكرة   موقع شامل العرب   صقور الخليج   إنتظر 

 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة كشف تسربات المياه بالدمام   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 
معلوماتي || فور شباب ||| الحوار العربي ||| منتديات شباب الأمة ||| الأذكار ||| دليل السياح ||| تقنية تك ||| بروفيشنال برامج ||| موقع حياتها ||| طريق النجاح ||| شبكة زاد المتقين الإسلامية ||| موقع . كوم ||| شو ون شو

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية
Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd
الساعة الآن »10:28 PM.
راسل الإدارة -الحوار العربي - الأرشيف - الأعلى